أنوار هنية

تحالفات مختلفة ترسم حدود جغرافية سياسية جديدة للدول

بقلم: أنوار هنية
تغيرات إقليمية ودولية طفت على الساحة السياسية، وحركات مكوكية في فضاء العالم الخارجي وفقا للمصالح الخاصة والعامة التي تريد كل دولة تحقيقها، وتجمعات وتحالفات لمجموعة من الدول الكبرى والصغرى تحت مسميات مختلفة، وجميع هذه التغيرات تلقي بظلالها على الساحة السياسية الفلسطينية وآخرها دعوة العاصمة الروسية موسكو لقيادة حماس المتمثلة في أ. إسماعيل هنية رئيس حركة حماس والوفد المرافق له من قيادات الصف الوطني الأول لإجراء مباحثات في عناوين عدة حملها الوفد المستضاف...
واللقاء الذي ضم أ. هنية والوفد المرافق له، مع وزير الخارجي الروسي "سيرفي لافروف" وعدد من القادة والمسئولين الروس يبين أهمية هذا اللقاء الذي انتزعته حماس كحركة مقاومة فلسطينية استطاعت أن تقول للعالم أن فلسطين موجودة على خارطة هذا العالم، ونحن قوة لا يستهان بها ولها الأحقية أن تكون حاضرة في أي تحالفات دولية بقوة الردع التي حققتها مع الاحتلال الصهيوني، وتأثيرها المباشر على استقرار المنطقة بأكملها حيث استطاعت أن تقود دفة الدفاع عن فلسطين و تُكَوِّن قوة داخلية تواجه بها ترسانة الاحتلال مع فصائل المقاومة الفلسطينية في ظل غياب الدور الفلسطيني الرسمي على صعيد العلاقات الدولية الذي ترك فراغا سياسيا كبيرا لا يحل محله سوى قوة المقاومة التي فرضت معادلات جديدة مع الاحتلال الصهيوني وعلى المنطقة بأكملها.
والقارئ لطبيعة الوفد الذي لبَّى الدعوة الموجهة من وزارة الخارجية الروسية موسكو والتي تعد الدولة الثانية في القوة على مستوى العالمي يقرأ أننا أمام مرحلة جديدة يعاد فيها رسم حدود جغرافية سياسية جديدة للدول، ويبدو أن هذه الزيارة ستشهد نقطة جديدة تضاف لتاريخ العلاقة بين روسيا و فلسطين حيث دعمتها في مفاصل عدة.
والجديد في الأمر أن هذا التحالف يأتي في ظل أحداث متباينة يعيشها العالم في هذا التوقيت الذي يشهد صراع بين الدول الكبرى وحلفائها حيث الحرب الروسية الأوكرانية التي لم تلقَ قبولا لدى الولايات المتحدة الأمريكية، وما تبعها من عقوبات فُرِضت على روسيا - وألقت بظلالها كذلك على العلاقة الدبلوماسية بين روسيا والكيان الصهيوني الذي أعلن تضامنه مع أوكرانيا والتي سادها التوتر والخلاف.
والقارئ للمشهد السياسي العام يلحظ رسائل عدة يحملها مستوى الأشخاص الممثلين من كلا الوفد المضيف والمستضاف ويبين العناوين التي يمكن طرحها على طاولة النقاش التي تجمع كلا الطرفين بهدف تحقيق مصالح مشتركة .
ولاشك أن هذه الدعوة لاقت سرورا واستبشارا لدى الشعب الفلسطيني الذي يثق بقيادة المقاومة لعلها تجد إجابات جديدة وطرق متعددة لفك الحصار وكل ما يمكنه أن يخدم القضية الفلسطينية من رفع صوتها وقضاياها في المحافل الدولية التي تحتاج لسند قوي لتحقيق العدالة فيها، وتكوين صداقات جديدة وتحالفات تحقق معها مصالحها الخاصة، بالإضافة لحالات التطبيع العربي "الإسرائيلي" التي باتت واضحة وعلنية الأمر الذي يستدعي البحث عن بدائل قوية تكون رافعة للقضية الفلسطينية وتتوازى مع مصالح روسية في البحث عن حلفاء أقويا لها في الوطن العربي لا يتعارضون مع مصالحها خصوصا في ظل التغيرات الدولية الأخيرة وبعد حربها على أوكرانيا التي تدعمها الولايات المتحدة الأمريكية...
ولاشك أن نظام التحالفات منذ الأمد البعيد هو نظام دبلوماسي له مميزاته التي يمكن توظيفها بما يحقق الهدف العام للدول المتحالفة والتي تجمعهم مصالح مشتركة تصب في الصالح العام لكل الطرفين وتريد قيادة المقاومة الوطنية من خلال زيارتها بيان الرواية الحقيقية للقضية الفلسطينية و دحض الرواية الصهيونية الملآى بالزيف والأكاذيب وإظهار ما يحدث في المسجد الأقصى من تهويد واستيطان وجرائم يومية بحق الفلسطينيين .
وهذا منهج تتبعه الحركة الوطنية المقاومة التي كانت ولا تزال ترحب بأية تحالفات تحقق مصالح ملموسة للشعب الفلسطيني وتعينه على الخروج من عنق الزجاجة الذي وضعها بها الاحتلال الإسرائيلي بالتعاون مع بعض الدول العربية التي شاركت في حصار الشعب الفلسطيني وتضييق الخناق عليه، وكمحاولة جادة لإذابة الخطاب الهلامي بعدم الاعتراف بحماس في كل من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية..
ولا شك أن هذا اللقاء يشكل إنجازا دبلوماسيا لصالح القضية الفلسطينية كونه يأتي في أحداث عالمية ساخنة و قد يحمل في جعبته تعاونا استراتيجيا يشمل عتادا عسكريا، ولا يمكن اغفال واستبعاد ملف التنقيب عن الغاز الطبيعي على شاطئ بحر غزة وستحمل قادم الأيام العديد من الإجابات التي نطرحها اليوم .

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد

صيغة البريد الإلكتروني خاطئة