لم تمض ساعات على احتجاز المقاومة في جنين أواخر نوفمبر الماضي، جثة "الإسرائيلي" تيران فرو؛ لمبادلته بجثامين أسرى فلسطينيين يحتجزها الاحتلال، حتى انتفضت السلطة الفلسطينية بأجهزتها الأمنية كافة، فبحثت عنه في كل زقاق حتى وصلت إليه وأعادته إلى عائلته ودفنته.
وأثارت السلطة بذلك التصرف "غير الوطني" حالة من الغضب الشديد لدى الرأي العام الفلسطيني، لا سيما أن الاحتلال يواصل احتجاز جثامين أكثر من 100 فلسطيني قتلهم، من بينهم 11 أسيرًا، آخرهم ناصر أبو حميد الذي ارتقى اليوم بعد معاناة مع المرض وإهمال طبي في السجون.
وبعد ارتقاء أبو حميد، ناشدت عائلته، السلطة بفعل شيءٍ إزاء جثمان ابنها الذي أنهكه مرض السرطان، وذلك كما "رق قلبها" نحو عائلة "الإسرائيلي"، لكن يبدو أنه ليس بمقدورها سوى تقديم الخدمات المجانية للاحتلال، مقابل بعض الامتيازات للقيادة المتنفيذة وضمان استمرار بقائها.
عائلته: أين فتح وعباس !
جهاد أبو حميد، شقيق الأسير الشهيد ناصر، هاجم قبل أيام إهمال السلطة وحركة فتح لحالة شقيقه التي وصلت لوضع مزري قبيل ارتقاؤه، متسائلا بغضب"لا أحد سائل في ناصر ولا متطلع فيه، أين حركة فتح والسلطة وعباس؟، أين الرئاسة والسلطة التي لا تسأل بأسير ولا شهيد ولا حدا؟!".
وأضاف شقيق ناصر خلال وقفة تضامنية نظمتها عائلته قبل أيام، "أخي ليس ابن وزير ولا رئيس، لكن ابن أحد قادة كتائب شهداء الأقصى، وقدم كل عمره داخل سحون الاحتلال، ألم يضحِ ناصر بدمه عشانكم، ألم يدافع عن شرفكم وعرضكم؟!".
وبعد أن تلقت عائلة أبو حميد، في ساعات الصباح الأولى لهذا اليوم نبأ استشهاده؛ قررت الشروع في اعتصام مفتوح للمطالبة بتسليم جثمان الشهيد وسائر شهداء الحركة الأسيرة المحتجزة لدى سلطات الاحتلال، وذلك في خيمة أقيمت عند مدخل مخيم الأمعري بالبيرة.
وأكدت العائلة في كلمة من خيمة الاعتصام التي أقامتها اليوم ردًا على جريمة الاحتلال بحق نجلها، أنّها "لن تأخذ العزاء في ناصر، إلا عند تحرر جثمانه ليدفن بشكل يليق بمقامه".
وقالت "نحن كعائلة للأسير القائد ناصر أبو حميد نقولها بأعلى صوتنا، نريد أن نزف ناصر على الأكتاف ونريد لفه بالعلم الفلسطيني هو وكل الشهداء المحتجزة جثامينهم الطاهرة في ثلاجات الاحتلال الظالم، نحن نريد لهم عرسا يليق بهم وهذا مطلبنا الوحيد".
ما أشبه اليوم بالبارحة
إهمال السلطة لمعاناة الأسير أبو حميد، ولهثها قبل أسابيع حول أثر الجندي الإسرائيلي "فرو" لتخليصه من يد المقاومة بجنين وتسليمه لأهله؛ أعادت إلى الأذهان تصريحات رئيس السلطة محمود عباس حول ضرورة إفراج كتائب القسام بغزة عن الجندي "شاليط" الذي احتجزته حوالي 5 سنوات.
وقال رئيس السلطة آنذاك "أنا موقفي من اعتقال شاليط من البداية أنه على حماس تسليمه لأهله، وعندما كنت في غزة كنت أبذل كل جهد مع الوسيط المصري من أجل أن يفرج عنه، لأني ضد هذا (الاعتقال) وضد، وضد أن يبقى إلى فترة طويلة بعيدًا عن أهله".
وأكد ذلك الحين، على أنّ "واجبه الذي بدأه من سنوات للآن -فترة أسر شاليط-، بأنه لابد من إطلاق سراح شاليط سأقول هذا أيضا اليوم وغدا".
غضب فلسطيني
الشارع الفلسطيني عبر عن غضبه إزاء تناقض سياسات السلطة، والذي يصب في مصلحة الاحتلال وجنوده ومستوطنيه، ويتغاضى عمدًا عن آلام شعبنا وأسراه.
المختص في الشأن الإسرائيلي، محمد أبو علان، تساءل قائلًا "اللي قلب الدنيا وما نام لرجع جثة الشاب الدرزي تيران فيرو لعائلته من جنين وبطلب إسرائيلي؟ ما في يرحعنا جثمان الشهيد الأسير أبو حميد؟".
فيما قال المحلل السياسي فايز أبو شمالة في سلسلة تغريدات عبر حسابه في تويتر، "الذي عجز عن تحرير الشهيد ناصر أبو حميد من الأسر ويعجز الآن عن تحرير جثمانة ليوارى الثرى هل سيحرر لكم شبراً من القدس؟".
وأضاف "ما أبعد المسافة بين أم ناصر أبو حميد، التي قدمت اثنين من أولادها شهداء، وأربعة في السجون الإسرائيلية مؤبدات، وبين بعض المسؤولين والقادة الذين قدموا لأبنائهم الوطن فلسطين على هيئة شركات واستثمارات وبطاقات VIP".
وطالب حساب باسم، أحمد جرار، بأن ترتفع الأصوات المطالبة بالانتفاضة ووقف سياسات السلطة الهزيلة المرتبطة بالاحتلال، فلا صوت يجب أن يعلو على الأصوات المطالبة بالانتفاضة ورحيل القيادات الجبانة التي تجلس في المقاطعة لتنسق وتكبل الشعب الفلسطيني".
وارتقى صباح اليوم الثلاثاء، الأسير المريض ناصر أبو حميد، بعد معاناة طويلة مع مرض السرطان داخل سجون الاحتلال، وسط سياسة إهمال طبي متعمدة من ما تسمى "إدارة مصلحة السجون الإسرائيلية".