أظهر استطلاع أجرته منظمة العفو الدولية (أمنستي)، أن التحريض على العلم الفلسطيني من قبل سياسيين ومنظمات إسرائيلية لاقى نجاحًا كبيرًا في زرع الخوف في نفوس المستوطنين اليهود عند رؤيته.
وأضافت أن "هذا السلوك معروف منذ فجر التاريخ في الأنظمة القمعية والدكتاتورية حول العالم، قمع حرية التعبير لأقلية معينة هو مجرد بداية وتمهيد لقمع أقليات ومجموعات مستضعفة أخرى ومصادرة حقها في التعبير".
وطالبت منظمة العفو الدولية (أمنستي) سلطات الاحتلال بـ"التراجع عن التعليمات التي أصدرها الوزير (إيتمار بن غفير)، والتي بموجبها يمنع رفع العلم الفلسطيني في الحيز العام بشكل كامل وجارف، وحذرت المنظمة من أن هذه التعليمات تشكل انتهاكًا واضحًا للمادة 2 و7 و19 و20 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ومواثيق الأمم المتحدة، والتي تشكل حجر أساس للقانون الدولي.
وقال الناطق بلسان منظمة العفو الدولية، رامي حيدر، إن "التعليمات بتطبيق منع رفع العلم الفلسطيني، تدخل ضمن نطاق العقاب الجماعي على خلفية عنصرية".
وتابع "للأسف الشديد توقعنا سابقًا مثل هذه الخطوات الجبانة لطمس هوية الشعب الفلسطيني، بداية بمحاولة طمس رموزه الوطنية ومنعه من التعبير عن هويته القومية وانتمائه، لكننا واثقون بأنها ستفشل، كما فشلت عشرات المحاولات المماثلة لها طول أكثر من 7 عقود".
وأضاف: "نحن واثقون أن هذه مجرد خطوة ضمن سلسلة خطوات ستتخذها الحكومة الإسرائيلية الجديدة لشرعنة التمييز العنصري، رفع العلم الفلسطيني يندرج ضمن خانة حرية التعبير عن الرأي وقمعه يشكل أساس انتهاك حقوق الإنسان".
واعتبر أن منع حرية التعبير بهذه الطريقة قد تؤدي إلى محظورات وقيود أخرى، مثل الحظر الشامل على أي احتجاجات من قبل الفلسطينيين في الداخل المحتل عام 48، إلى جانب حرية التعبير فيما يتعلق بمسألة العلم والحق في الاحتجاج، من المهم الإشارة إلى أنه يوجد في الأراضي المحتلة قانون واحد لليهود وقانون منفصل لغير اليهود، ويعتبر نظام الفصل العنصري (أبرتهايد) جريمة ضد الإنسانية".
وتابع أنه "في منظمة العفو الدولية، التي ترصد الانتهاكات في جميع أنحاء العالم، نعلم يقينًا أن هذا السلوك يميز جميع أنواع الأنظمة القمعية في جميع أنحاء العالم. نعلم جيدًا أن قمع حرية التعبير عن مجموعة معينة هي تمهيد لقمع المجموعات الأخرى. في الوقت الحالي، تستغل السلطات الخوف الموجود اليوم من العلم الفلسطيني لصالح حظر رفعه، وقد يؤدي ذلك تدريجيا إلى خطوات قمعية أخرى. وهناك العديد من حالات القمع في العالم التي أعقبت القيود على حرية التعبير، مثل حظر رفع رايات مجموعات مستضعفة بأعذار واهية مثل (من أجل الأطفال)، وحظر أعلام المنظمات العمالية وأنشطتها بحجج أخرى، وفي حالات أخرى حظر أي تعبير علني ضد سياسة النظام، من أجل الأمن القومي".
أظهرت نتائج استطلاع رأي قامت به منظمة العفو الدولية وجود فجوة كبيرة في التعامل مع الرفع العلم الفلسطيني ومعناه ورمزيته، وأن غالبية اليهود المستوطنين في الداخل ينظرون لرفع العلم الفلسطيني نظرة مختلفة تمامًا عن الآخر.
إذ يكشف الاستطلاع الذي أجراه المختص بعلم النفس السياسي، د. حغاي الكايام، من مؤسسة "أيبانيل" لمنظمة العفو الدولية على شريحة من 516 ممن يحملون جنسية الاحتلال الإسرائيلي، ووفق لتحليلنا، هذه الفجوة هي نتيجة مباشرة لحملة التحريض الشرسة والمسعورة التي شنها سياسيون ومؤسسات إعلامية وجهات إسرائيلية مختلفة ضد الفلسطينيين والعلم الفلسطيني في السنة الأخيرة، التي كانت تهدف لنزع الشرعية عن الهوية الفلسطينية والانتماء إليها.
كشف الاستطلاع أن نصف الفلسطينيين في الداخل يرون برفع العلم الفلسطيني جزءًا من الانتماء لهويتهم الوطنية، ونحو 35% منهم يرون برفعه أيضًا احتجاجًا على التمييز ضده، بالمقابل، يرى أكثر من نصف المستوطنين اليهود أن رفع العلم الفلسطيني يرمز إلى عدم الاعتراف بوجود كيانهم، الأمر الذي لم يرد في أجوبة الفلسطينيين في الداخل.
تبين من الاستطلاع أن أكثر من 80% من الفلسطينيين يرون برفع العلم الفلسطيني جزءًا من هويتهم القومية والوطنية واحتجاجا على التمييز ضدهم، ولم يربطوه بعدم الاعتراف بوجود دولة إسرائيل أو العمل على محوها. لكن على الرغم من ذلك، يرى نحو 52% من اليهود أن رفع العلم الفلسطيني سببه عدم الاعتراف بإسرائيل و14.5% منهم يرون به كدعم لتنفيذ عمليات ضد الإسرائيليين، وأكثر من 66% من اليهود ينسبون لرفع العلم الفلسطيني صفات ونوايا سلبية جدًا.