شهاب - عبد الحميد رزق
بدأت حكومة المستوطنين الفاشية، ولايتها بعداون على المقدسات الفلسطينية في القدس المحتلة، وسط تحذيرات من تصاعد انتهاكاتها وتغيير الوضع القائم تاريخيا في المسجد الأقصى المبارك.
واقتحم وزير ما يسمى "الأمن القومي" في حكومة الاحتلال، الأقصى قبل عدة أيام، ليثير بذلك غضبا فلسطينيا وانتقادات عربية ودولية، الأمر الذي يدق ناقوس الخطر حول طبيعة الانتهاكات القادمة.
الشيخ ناجح بكيرات نائب مدير دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس، تحدث لـ"شهاب" عن المخاطر المحدقة بالقدس والأقصى، مشددًا على أهمية التحرك العاجل لإنقاذها من "أنياب" حكومة المتطرفين بقيادة بنيامين نتنياهو.
ثلاث مسارات
وذكر الشيخ بكيرات أن المخاطر المحيطة بالأقصى والقدس تتلخص في ثلاث مسارات، أولها تجنيد الاحتلال "الإسرائيلي" لقواه السياسية والعسكرية والأمنية من أجل تحقيق "حلم الحركة الصهيونية" بتحويل مدينة القدس والأقصى إلى "تراث يهودي بحت".
وقال إن "هذا الحلم الصهيوني لن يتحقق إلا في ظل حكومة صهيونية يمينية، ووجود الحكومة الحالية هو بداية تحقيقه، لاسيما وأنها تحمل سياسات تستهدف بشكل مباشر تغيير الواقع التاريخي والديني والحضاري بالأقصى، وهذا يحدث لأول مرة منذ بداية الاحتلال".
وفي ما يتعلق بالمسار الثاني، فيرى بكيرات أن معركة تغيير وتزييف الرواية الفلسطينية والهوية الإسلامية للمسجد الأقصى والقدس وكامل التراب الفلسطيني، قد عادت إلى الواجهة مجددًا.
وبيّن أنّ هناك أكثر 3700 اسم معلم فلسطيني تم تغييره (من الاحتلال)، وقال إن المسجد الأقصى يحاولون تسميته (مجمع الأقصى)، واقتحام المتطرف بن غفير بات زيارة، حتى الحفريات التي تنفذ أسفل المدينة أضحى يقدّم لها مصطلحات جديدة.
ووفق بكيرات، فإن الحفريات المتواصلة من قبل الاحتلال، نخرت حوالي 64 حفرية في البلدة القديمة منذ عام 1967، فأوجدت أنفاق ومعابد ومتاحف، مستطردا: "كل هذه القضايا من أجل تقديم روايتهم".
وأشار إلى أن "قلعة القدس كاملة بكل ما فيها يتم تقديم رواية يهودية عليها، حتى الهلال على القلعة أزيل من أجل ألا تظهر أي ملامح إسلامية لها، فهم يقدمون رواية معمارية حتى تصبح الصورة تعبر عنهم وحتى يعرف أن هذه المدينة يهودية".
ولفت إلى أنه "تم تغيير أسماء أكثر من 1700 اسم في القدس لوحدها، كما أنّ الاستيطان تتوسع رقعته يومًا بعد الآخر"، مضيفا: "كل ذلك لتغيير المشهد في المدينة".
وحذر الشيخ بكيرات من أنّ ذلك شكّل خطرًا كبيرًا على المسجد الأقصى، حيث أصبح محاصرًا، وتم تحويطه بالأسلاك الشائكة، ولا يستطيع شخص الدخول إليه إلا بعد التفتيش، ثم يتم مراقبة تحركاته.
أما المسار الثالث الذي يعتبره بكيرات "الأخطر"، يتمثل في تخطيط الاحتلال منذ فترة بعيدة لإنهاء دور الأوقاف الإسلامية والوصاية الأردنية، مشيرًا إلى وجود شواهد كثيرة على ذلك، منها منع ترميم الأقصى والاعتداء على حراسه.
اقرأ/ي أيضا.. خاص| نائب أردني لـ شهاب: الصهاينة خطر على العالم كله ويجب وضع حد لهم
وبيّن أن الاحتلال يسعى لتحقيق السيادة الإدارية الكاملة على القدس والأقصى، وليس الأمنية فحسب، مؤكدًا أنه لا يريد فقط شل المسجد بحيث يتهاوى ولا تكون فيه خدمات، وإنما يريد شل حركة القدوم إلى المسجد الأقصى، بحيث أن القادم إليه لا يجد أي خدمة، وبالتالي يومًا بعد يوم هي تمارس عملية طرد للوجود الحضاري والبشري.
وقال الشيخ بكيرات إن "كل تلك المخاطر خطيرة، لكن ما يزيد القلق حولها أنها تحت مظلة حكومة يمينة متطرفة".
التحرك والوحدة
بحسب الشيخ ناجح بكيرات، فإنّ مسؤولية حماية المسجد الأقصى المبارك مما يتهدده من مخاطر، تقع على عاتق الفلسطينيين وأبناء الأمتين العربية والإسلامية.
وطالب بكيرات بتوحيد شعبنا الفلسطيني واستجماع كافة قواه البشرية والعقلية والمادية، نحو مقارعة الاحتلال "الإسرائيلي".
كذلك دعا لتوحيد الرؤية العربية والإسلامية وصياغتها في قالب تحرري، من أجل مشروع تحرير المسجد الأقصى من دنس الاحتلال.
وقال: "يجب أن نقدم برامج عدا عن شد الرحال، أيًا كانت (سياسية، داخلية، خارجية)، المهم أن تكون من شأنها تعطيل كل مخططات بن غفير وحكومة نتنياهو بتهويد مدينة القدس".
وختم الشيخ بكيرات بتجديد التحذير من خطورة حكومة الاحتلال اليمينية الفاشية، قائًلا: "آن الأوان لكي أن ندرك أن الملحمة قادمة، وأنّ الحكومة الجديدة سترتكب ملحمة كبيرة في القدس والأقصى، لذلك لا يمكن أن نوقف هذه الحكومة إلا بمقاومتها بكافة السبل وعدم السكوت على سياستها بأي شكل من الأشكال".
وبالعودة إلى العام المنصرم، فقد شهد 2022 تصعيد مستمر من جماعات الهيكل المتطرفة في حربها على المسجد الأقصى المبارك، إذ نفّذت عشرات الاقتحامات لباحاته، كذلك على الساحة السياسية "الإسرائيلية" فقد برز العدوان على المسجد الأقصى المبارك كأولوية في برامج الانتخابات "الإسرائيلية" الأخيرة.
أما الاستيطان في مدينة القدس، فبحسب معهد الأبحاث التطبيقية في القدس (أريج)، فإنّ عام 2022 شهد إقرار عدة مشاريع استيطانية، بينها إضافة 4900 وحدة استيطانية في القدس، وإقرار بناء 9 آلاف وحدة أخرى في منطقة "عطروت" شمال المدينة.