قائمة الموقع

تقرير القائد الشهيد سعيد صيام.. أيقونة الأمن ودرع المقاومة

2023-01-15T08:42:00+02:00
الشهيد سعيد صيام
شهاب

مربيًا وداعية ومجاهدًا وقائدًا ووزيرًا، هكذا عرف الفلسطينيون سعيد صيام عضو المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية "حماس"، حتى قضى شهيدا في يناير 2009 خلال معركة الفرقان، وهي الحرب الصهيونية الشرسة التي شنها الاحتلال الصهيوني على القطاع.

ويوافق اليوم الذكرى الرابعة عشرة لاغتيال القائد الشهيد سعيد صيام وزير الداخلية الفلسطيني خلال معركة الفرقان، برفقة نجله محمد وشقيقه إياد وزوجة شقيقه، بالإضافة إلى عدد من الفلسطينيين.

مسيرة نضالية طويلة حافلة بالعطاء والتضحية أرسى فيها الوزير الشهيد سعيد صيام بجهده وجهاده دعائم الأمن والاستقرار في قطاع غزة، الذي ظن الاحتلال واهما باغتياله أنه سيضرب المنظومة الأمنية في غزة، فأفشل الوزير الشهيد مخطط الاحتلال وأعوانه، ونجح في إدارة المنظومة الأمنية بكل بسالة واقتدار، وغدى أيقونة للأمن والأمان، ودرعا حمى ظهر المقاومة الفلسطينية خلال العدوان الصهيوني عام 2009 على القطاع.

الميلاد والنشأة

ولد الوزير سعيد محمد صيام في مخيم الشاطئ في يوليو عام 1959م، لأسرة تعود أصولها إلى قرية الجورة المحتلة قضاء عسقلان، تخرّج عام 1980 في دار المعلمين برام الله، وحصل على دبلوم تدريس العلوم والرياضيات، ثم أكمل دراسته الجامعية في جامعة القدس المفتوحة، وحصل منها على شهادة البكالوريوس في التربية الإسلامية عام 2000م.

عمل الشهيد صيام معلمًا في مدارس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين في غزة من عام 1980 حتى نهاية عام 2003، إذ اضطر إلى ترك العمل بسبب مضايقات إدارة الوكالة له على خلفية انتمائه السياسي، وكان عضوًا في مجلس أمناء الجامعة الإسلامية بغزة، وعضوًا في الهيئة التأسيسية لمركز أبحاث المستقبل.

مسيرته الدعوية

كبر صيام على عين الشيخ أحمد ياسين، فأثمر غرسه باكرًا، إذ ظهر التزامه الديني جليًا، وبات واحدًا من أشهر دعاة غزة، يجوب مساجدها متطوعًا، يصعد المنبر خطيبًا، ويعقد حلقات الذكر داعيًا ومربيًا.

بدأ سعيد صيام مشواره الدعوي في المسجد الأبيض بمخيم الشاطئ غرب مدينة غزة، ثم وسع دائرة دعوته عندما انضم كواعظ مرافق للفرق الفنية التي أسسها الشيخ المؤسس الإمام الشهيد أحمد ياسين، فكان يقف داعيًا وموجهًا متطوعًا في الأفراح الإسلامية التي تُحييها هذه الفرق في قطاع غزة، ثم انطلق لتقديم مواعظه مع الفرق الفنية إلى الضفة الغربية والأراضي المحتلة عام 1948م.

ثم انتقل إلى حي الشيخ رضوان ليؤسس مع مجموعة من إخوانه مسجد اليرموك، ويعمل إمامًا وخطيبًا متطوعًا في مسجد اليرموك لسنوات عديدة.

عُرف عن القائد الشهيد التواضع الشديد والحكمة الواسعة في إدارة المواقف، وكذلك تقريبه لوجهات النظر المُختلفة، حتى لمع نجمه بشدة في مجال الوعظ والخطابة والإصلاح بين الناس، فعمل ضمن لجان الإصلاح المنتشرة في أحياء القطاع، فكان مُربيًا فريدًا للأجيال، وداعية يسلب القلوب.

مسيرته الجهادية

بايع جماعة الإخوان المسلمين خلال دراسته في معهد المعلمين في رام الله عام 1979م، واعتقل صيام أربع مرات في سجون الاحتلال بين عامي 1989-1992، كما أُبعد مع مئات من قادة العمل الإسلامي إلى مرج الزهور في جنوب لبنان عام 1992م.

وفي عام 1995م اعتقله جهاز المخابرات الفلسطيني على خلفية الانتماء السياسي لحركة حماس ضمن حملة الاعتقالات الواسعة التي شنَّتها السلطة ضد حركتي حماس والجهاد الإسلامي؛ إثر تبنِّي الحركتين سلسلة من العمليات الاستشهادية في الداخل المحتل.

وبعد الإفراج عنه، عُين الشهيد سعيد صيام ممثلاً لحركة "حماس" في لجنة المتابعة العليا للقوى الوطنية والإسلامية، كما كلفته الحركة بقيادة دائرة العلاقات الخارجية في الحركة، كما شغل عضوية المكتب السياسي لسنوات عديدة حتى استشهاده.

الأكثر شعبية

ومع فوز حركة المقاومة الإسلامية "حماس في الانتخابات التشريعية عام 2006م لمع نجم الوزير سعيد صيام، عندما حصل على أكثر من 76 ألف صوت، وهو الرقم الأعلى على الإطلاق في الانتخابات الفلسطينية.

وعقب فوز حماس بغالبية مقاعد المجلس التشريعي في الانتخابات عام 2006م، شكلت الحركة حكومة منفردة بعد رفض الفصائل المشاركة فيها، كُلف سعيد صيام بقيادة وزارة الداخلية، ليبرز دوره في إدارة سلسلة من الأزمات التي عصفت بالأجهزة الأمنية حينها.

وفي ظل إصرار قادة الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية على ضرب قرارات الوزير صيام عرض الحائط، وعدم الانصياع لأوامره منذ توليه وزارة الداخلية، أسس جهازًا أمنيًا جديدًا أُطلق عليه اسم "القوة التنفيذية" لتمكنه من ضبط الحالة الأمنية في غزة.

قابل الوزير صيام تحدٍّ كبير مع أجهزة أمنية ذات عقيدة أمنية منحرفة تمارس الفلتان الأمني، وتسعى إلى خلق حالة من الفوضى، فاتخذ صيام في يونيو عام 2007م قرارًا بإنهاء حالة الفوضى والفلتان الأمني وبسط حالة الأمن في القطاع عبر الحسم العسكري.

ونتيجة لقرار صيام الحكيم كان صيف عام 2007م الأكثر أمنًا وأمانًا بعد أن أعاد الأمن إلى قطاع غزة، وأحبط مخططات إفشال الحكومة التي تترأسها حركة حماس وتصفية مشروع المقاومة.

كل هذا التدبير جعل من صيام هدفًا في مرمى الاحتلال، فقبيل ذلك - يونيو 2006م- نجا سعيد صيام من محاولة اغتيال بعد أن قصفت طائرات الاحتلال الحربية مكتبه، خلال العدوان على غزة بعد أسر المقاومة الجندي الصهيوني جلعاد شاليط.

معركة الفرقان

وفي نهاية ديسمبر من عام 2008م، قصفت طائرات الاحتلال الحربية أكثر من مئة موقع حكومي، جُلها تتبع لوزارة الداخلية، أدت إلى استشهاد قرابة 250 رجل أمن في آن واحد، الأمر الذي وضع الوزير صيام أمام تحدٍ كبير في إدارة وزارته في ظل عدوان ساحق، وضرورة حتمية لحماية الجبهة الداخلية.

نجح الرجل في حماية الجبهة الداخلية والمحافظة على ظهر المقاومة، إذ تمكن من إعادة رجال الأمن إلى الشارع بعد ساعات فقط من استهداف المقرات الأمنية كافة؛ ما أظهر حكمته البالغة في إدارة الأزمة.

أفشل القائد الشهيد مخططات الاحتلال بإسقاط الحكومة الفلسطينية في قطاع غزة عبر استهداف الأجهزة الأمنية والمقرات الحكومية، الأمر الذي لم يرق للاحتلال الصهيوني الذي كان يعيش أوهام سعيه لإسقاط غزة وحكومتها بالضربة الأولى، فقرر اجتثاث العقل المدبر للاستقرار الحاصل في القطاع، فألقى ما يزيد على طن من المتفجرات على منزل شقيقه في حي اليرموك بغزة، والذي كان يتواجد به الوزير سعيد صيام.

ومع هذه الجريمة البشعة، استشهد الوزير سعيد صيام في 15 من يناير عام 2009، برفقة نجله محمد وشقيقه إياد وزوجة شقيقه، بالإضافة إلى عدد من الفلسطينيين الآمنين في بيوتهم، بعد أن أرسى قواعد الأمن والأمان في قطاع غزة، ليختتم بذلك حياة برع فيها مربيًا وداعية ومجاهدًا وقائدًا ووزيرًا وشهيدًا.

اخبار ذات صلة