تزايدت المخاوف حول المسجد الأقصى المبارك، ومدينة القدس، بعد أن بدأت ملامح سياسات الاحتلال ومستوطنيه لعام 2023؛ بالاتضاح تحت عنوان "تسريع وتيرة استيطان الأراضي المقدسة"، بتزكية من الحكومة "الإسرائيلية" الفاشية، التي تضع تنفيذ مشروعها الصهيوني الاستعماري بالقدس على سلم أولوياتها.
الاحتلال الذي لم تتوقف آلياته عن تجريف مناطق بلدة سلوان بهدف تهويدها، ولا عن النخر أسفل المسجد الأقصى المبارك؛ يسعى الآن بتنسيق دائم مع الجماعات اليهودية المتطرفة للتقدم بخطوات أكثر صهيونية نحو تنفيذ سياسة "الإحلال العنصري" بالأقصى.
حاورت وكالة "شهاب" للأنباء، اليوم الخميس، الباحث والمختص في شؤون القدس، زياد ابحيص، للحديث عن المخاطر الصهيونية التي تعصف بالمسجد الأقصى والمدينة المقدسة، في ضوء الحكومة الفاشية.
"الاحتلال يستهدف سلوان لهذا السبب؟"
استهل ابحيص حديثه بالتأكيد على أنّ "الاحتلال يضع ضمن مخططاته السيطرة على أحياء بلدة سلوان وتحديدًا تلك التي في واجهتها الأمامية، كونها مقابلة للبلدة القديمة، وهي حي وادي الربابة، ووادي حلوة، وحي بطن الهوى، وحي البستان".
وأوضح أن الاحتلال يستهدف هذه المنطقة بالذات لإيجاد موقع ديموغرافي استيطاني في الحاضنة الأقرب للبلدة القديمة، التي تعتبر مركز مدينة القدس.
وبيّن ابحيص أنّ سبب تجريف آليات الاحتلال المستمر لوادي الربابة بسلوان، يرجع إلى أنها المدخل الوحيد لتوسيع الأحياء اليهودية الغربية باتجاه الشرق.
اقرأ أيضًا.. الاحتلال يُواصل تجريف أراضٍ بوادي الربابة في سلوان
وبحسب ابحيص فإنّ طبيعة السكن، ونظام المنازل في وادي الربابة -متقاربة جدًا ومتلاصقة-؛ زاد من مطامع الاحتلال للاستيلاء على الأراضي والمساحات الفارغة فيها، فيداوم شبه يوميًا على تجريفها وتحويلها لمقابر يهودية، وتتعاون معه في ذلك بلدية الاحتلال وما تسمى بسلطة "الطبيعة".
وأضاف "في المقابل إنّ أهالي وادي الربابة يحاولون زراعة هذه المناطق والحفاظ عليها عامرة دومًا بالأشجار"، لافتًا إلى أنّ المواجهة ستبقى قائمة مع الاحتلال طالما يحاول إغلاق وضم هذه المساحات".
ويرى ابحيص أنّ "الاحتلال معني بتحقيق (اختراق كبير) في سلوان، وسيزيد في الفترة المقبلة من وتيرة استهدافه لأحياء بلدة سلوان، إذ بات يعتبرها أولويات أساسية لإفساح المجال لحكم صهيوني قريب في البلدة القديمة".
"الحفريات أسفل المسجد الأقصى"
تطرق ابحيص في حديثه لـ"شهاب" إلى آخر مستجدات الحفريات التي يجريها الاحتلال بالتعاون مع الجماعات المتطرفة وعلى رأسها "إلعاد"؛ أسفل المسجد الأقصى المبارك، مبينًا أنّ مرحلة الحفريات مرت بعدة مراحل فسابقا ولغاية سنة 2000 كان الحفر متواصل بذريعة للبحث عن "آثار يهودية".
ووفقًا لابحيص، فإنّ ما يكشف عنه حاليًا بالنسبة للحفريات أسفل المسجد، هو التقدم في عمليات ربط الأنفاق ببعضها البعض لتتحول إلى شبكة كاملة، قديمها بحديثها.
ولفت إلى أن أبرز تلك الحفريات، حفرية كبرى يجري استحداثها على مراحل، وتمتد من بركة سلوان لشبكة أنفاق الحائط الغربي، مشيرًا إلى أنّها أدت لعدة انهيارات في سلوان منها انهيار وقع في مدرسة أونروا تابعة لوكالة الغوث بالبلدة.
"لا مفر من انفجار الصراع على الأقصى"
أوضح الباحث ابحيص أنّ الحكومة الدينية الحالية تسعى لإعادة تعريف "الإحلالية الصهيونية"، والمشروع الاستعماري المتبلور حول طرد الفلسطيني والاستحواذ على أرضه؛ إلى "الإحلال الديني"، بمعنى لا بد من إزالة المقدس الإسلامي من الوجود وتعزيز "المقدس اليهودي" مكانه.
وأكد ابحيص أنّه بالنسبة لحكومة الاحتلال الفاشية، فإنّ مركز المشروع الصهيوني الاستعماري هو المُقدس، وأعلى ما يعنيها هو المسجد الأقصى المبارك، مشددًا على أنّه لا مفر من انفجار الصراع على المسجد، في ظل أن الهدف هو تغيير هويته.
"إلغاء الدور الأردني(الشكلي)"
وذكر ابحيص أنّ إقدام شرطة الاحتلال أمس على منع السفير الأردني لدى فلسطين، غسان مجالي، من دخول المسجد الأقصى؛ هي خطوة ليست جديدة لإلغاء الدور الأردني في المسجد.
ووصف الباحث، الدور الأردني في المسجد الأقصى بـ"الشكلي"، "وبالكاد أن يكون في الحد الأدنى من مسؤولياته"، والشواهد على ذلك كثيرة، وفقًا لقوله.
وأضاف "سابقًا كان حراس المسجد الأقصى هم من يقررون من يدخل ومن لا يدخل، لكن الآن أصبح شرطي الاحتلال هو من يقرر للحراس نفسهم أن يدخلوا للمسجد الأقصى أم لا، أليس هذا غياب للدور الأردني؟".
وتابع "سابقًا كان الأردن هو من يتولى إعمار كل أرجاء المسجد الأقصى، لكن اليوم السور الجنوبي الغربي للمسجد تتولى بلدية الاحتلال صيانته من شهر 1 2019، ومنذ ذلك الحين الأوقاف الأردنية لا تعرف ما يجري في السور الجنوبي الغربي للأقصى".
واستكمل "الشرطة الإسرائيلية في 15 – 4، عندما اقتحمت المسجد القبلي من النوافذ وأطلقت النار على المصلين واعتقلت 460 من داخل في الأقصى، في يوم جمعة لا اقتحام فيه، ما الذي حصل؟، كيف ردت الأردن؟، مجيبًا: "استمرت العلاقات الرسمية بين الأردن والاحتلال، وذهبوا إلى توقيع اتفاقيات تطبيع أخرى، بعدها ثلاثة شهور في مجال التعاون البيئي".
وكان معهد الأبحاث التطبيقية في القدس (أريج)، قد أفاد بأن عام 2022 شهد إقرار عدة مشاريع استيطانية، بينها إضافة 4900 وحدة استيطانية في القدس، وإقرار بناء 9 آلاف وحدة أخرى في منطقة "عطروت" شمال المدينة.