"شهادات صادمة وقتل عشوائي"

بالصور تحقيق لـ "نيويورك تايمز" يوثق إعدام الاحتلال مدنيين في نابلس

تحقيق لـ "نيويورك تايمز" يوثق إعدام الاحتلال لمدنيين في نابلس

خلص تحقيق أجرته صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، أن قوات الاحتلال الإسرائيلي استخدمت القوة المميتة ضد فلسطينيين عزل وقتلت 4 منهم على الأقل (من أصل 11 شهيدًا) لا يبدو أنهم كان يشكلون تهديدا وذلك خلال اقتحامها نابلس بالضفة الغربية المحتلة نهاية شهر فبراير/شباط المنصرم.

وأوضحت الصحيفة أن ما خلصت إليه من نتائج في هذا الصدد، جاء بعد عمليات تدقيق أجرتها، شملت لقطات كاميرا مراقبة وشهادات مصورة لشهود من مواقع متعددة في نابلس، فضلا عن منشورات وبث مباشر مصدرها وسائل التواصل الاجتماعي.

وأشارت الصحيفة إلى أن تلك المعطيات ساعدتها أيضا في تحديد مكان وزمان الغارة والأعمال القاتلة التي تلت الهجوم الذي يعد الأعنف منذ عقود في الضفة الغربية.

وذكرت الصحيفة أن قوات الاحتلال دخلت نابلس في 22 فبراير/شباط الماي بهدف اعتقال 3 فلسطينيين، ادعت إنهم متورطون بتنفيذ عمليات.

وبعد الاشتباك مع المقاومين الثلاثة في عملية تم تنفيذها في وضح النهار وفي مكان مزدحم بالمدنيين، وأعقب الاشتباكات تعزيزات إسرائيلية جديدة، دخلت بدورها إلى المدينة حيث حاصرت المدينة القديمة وأغلقت مناطق الدخول والخروج إليها.

و فق الصجيفة الأمريكية، قال عمر شاكر، مدير قسم (إسرائيل) وفلسطين في منظمة "هيومن رايتس ووتش": "في مدينة نابلس، أنت أمام مداهمة حدثت في النهار، وهي مختلفة عن التصرفات الأخرى". مضيفا: "يبدو أن نتيجة هذه المداهمة، كان هناك عدد كبير من المصابين".

وتعليقا على تنفيذ قوات الاحتلال هجومها وسط المدنيين قال القيادي في وسط نابلس عميد المصري: "لا يهتمون (الإسرائيليين) لو أصابوا المدنيين".

وأسفر العدوان عن استشهاد المقاومين الثلاثة في البيت إلى جانب مقاوم آخر، لكن وفقا للصحيفة فإن لقطات الفيديو تُظهر أن الجنود الإسرائيليين استخدموا القوة القاتلة ضد فلسطينيين عزّل، وقتلوا 4 شهداء لم يشكلوا تهديدا.

وكانت حصيلة العدوان النهائية حسب وزارة الصحة الفلسطينية، استشهاد 11 شخصًا، وجرح 100 آخرين، في وقت لم يعلن جيش الاحتلال عن جرحى في صفوفه.

أدلة موثقة

وأوردت الصحيفة شهادة الفلسطينية سحر زلوم (63 عاما) التي توثق دخول قوات الاحتلال متخفية إلى منطقة سوق البلدة القديمة في نابلس صباح 22 فبراير/شباط الماضي.

وقالت سحر إنها شاهدت شخصا غريبا يرتدي ثوبا رماديا تحت معطف، و"سألته إن كان يريد شيئا"، وعندها، أخرج بندقية وقال لها: "روحي على البيت".

وإضافة لذلك، تظهر لقطات الفيديو جنودا إسرائيليين يشقون طريقهم مشيا في سوق مزدحمة ويتخذون مواقع في بيوت وعلى الأسطح المحيطة بالبيت الذي تواجد فيه المقاومون الثلاثة من عرين الأسود.

وذكرت الصحيفة أن الاشتباك اندلع لعدة ساعات بعدما رفض المقاومون الاستسلام، وبعد ربع ساعة في حوالي الساعة العاشرة والربع، دخلت تعزيزات عسكرية للاحتلال إلى نابلس من المدخل الرئيسي، وبدأت الحشود الفلسطينية الغاضبة من وجود القوات الإسرائيلية بالتجمع.

وفي تقاطع لا يبعد إلا ربع ميل عن البيت المستهدف، بدأت مجموعة برمي الحجارة وأشياء أخرى على القافلة العسكرية المارّة، وعندها انحرفت واحدة من السيارات العسكرية فجأة باتجاه التجمع وكادت أن تدهس عددا من الناس في الشارع.

وتظهر صور التقطتها كاميرات المراقبة من محل قريب، أن أحدا من الجمهور المحتشد لم يكن يملك أسلحة.

وتظهر لقطات من كاميرا مراقبة، مقاوما فلسطينيا، هو مصعب عويس، وهو يصوب بندقيته على جنود الاحتلال في آلية عسكرية بالجانب الآخر من الشارع، قبل أن تُطلق النار عليه في اشتباك مسلح.

وسارع عدد من الأشخاص لمساعدته، وحمل شخص بندقيته وتم تبادل إطلاق النار، وحملوا عويس الذي استشهد لاحقا في سيارة الإسعاف.

في هذا الوقت، كانت العربات العسكرية قد تمركزت حوالي نصف ميل على طول الطرف الجنوبي للبلدة القديمة، ودفعت سيارة عسكرية للاحتلال سيارةً مدنية نحو الجدار.

واخترقت عربة أخرى حاجزا فولاذيا من حاويات القمامة على التقاطع، وكادت أن تدهس فلسطينيا قبل أن تصطدم بالبناية.

 وبعد 20 دقيقة، تقدم محمد العينبوسي (24 عاما) نحو التقاطع، ومن خلف عربة واقفة في الشارع، أطلق النار باتجاه العربة العسكرية الواقفة هناك.

كما تظهر لقطات فيديو أن جنديا في العربة أطلق النار من على بعد 85 ياردة على العينبوسي الذي كان يتحصن وراء السيارة. ويبدو أنه أصيب بجرح في رجله.

وتكشف الصور التي حصلت عليها الصحيفة، السيارة التي اخترقها الرصاص بشكل كثيف، وجاء رجل آخر وهو جاسر قنير للمساعدة. وبعد دقيقة بدأ الرجلان بالتحرك بعيدا عن العربة الإسرائيلية.

وكان العينبوسي يعرج. ولم يكونا يمثلان تهديدا لقوات الاحتلال عندما أُطلقت النار عليهما من الخلف، واستشهدا سويا.

6.png
5.png
 

انتهاك حقوقي

وقال عمر شاكر، من "هيومن رايتس وووتش": "من الصعب النظر عبر اللقطات كيف كان محمد العينبوسي وجاسر قنير يمثلان أي تهديد يبرر القوة المميتة حسب القانون الدولي، في اللحظة التي أطلقت القوات الإسرائيلية النار وقتلتهما".

وأضاف: "هذا مثال آخر عن استخدام القوات الإسرائيلية القوة المفرطة".

وبحسب تحقيق الصحيفة "ارتمى العينبوسي وقنير على عتبة بيت بلا حراك، ويبدو أن قنير استشهد برصاصة في الرأس، وفي فيديو التقط بعد دقائق، ظهر العينوسي وسط بحر من الدم النازف من صدره. تتحرك العربة العسكرية للأمام ثم تتراجع".

وقال خالد اللداوي الذي ساعد في سحب الجثامين، إن قنير استشهد مباشرة، أما العينبوسي فقد استشهد مع وصول سيارة الإسعاف.

وبدأت العربات العسكرية للاحتلال، حيث كان الوقت هو 12.30 بعد الظهر بالانسحاب من نابلس. ويظهر فيديو عملية إطلاق النار على اثنين من المارة وقتلهما.

وكانت مجموعة من الفلسطينيين تراقب الوضع في منطقة واقعة بين عيادة الرحمة والمسجد، وبدأ مقاوم في زقاق بعيد عن التجمع بإطلاق النار على قوات الاحتلال المعتدية.

إلا أن قوات الاحتلال أطلقت النار على التجمع الفلسطيني البعيد عن المقاوم، وادعى حينها متحدث باسم جيش الاحتلال، إن الجنود كانوا يردون على إطلاق نار حي.

وأدى وابل الرصاص لاستشهاد خالد الأشقر البالغ من العمر 65 عاما، والذي كان خارجا من المسجد، ومحمد شعبان (16 عاما) حسب 3 موظفين في عيادة طبية تحدثوا للصحيفة.

وقالت سارة هاريسون، المحامية السابقة في البنتاجون، وتعمل الآن مع مجموعة الأزمات الدولية: "لو نظرت إلى هذا بشكل موضوعي، فمن الواضح أن القوات الإسرائيلية خرقت قانون حقوق الإنسان عبر إطلاق عشوائي للنار على المارة، وقتلت أشخاصا لا يمثلون تهديدا".

وقالت إنه يجب، حسب القانون، على المسؤولين الأمريكيين تقييم اللقطات والتأكد من أن الوحدات العسكرية الإسرائيلية مؤهلة للحصول على الدعم الأمني الأمريكي.

المصدر : شهاب - وكالات

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد

صيغة البريد الإلكتروني خاطئة