بالقرب من أحد الشوارع في مدينة غزة، تفوح روائح جميلة تأخذ المارة إلى عبق التاريخ القديم، لتجد الشاب إبراهيم أبو سرايا (34 عاماً) يبدع في صناعة البخور بداخل محله المتواضع.
يعمل أبو سرايا في صناعة البخور منذ عدة سنوات، لممارسة شغفه في هذا المجال الذي تميز به وأصبح علماً بارزاً في عالم العطور.
يقول أبو سرايا في لقاء خاص، إن أساس صناعة الخور قائم على مزج المواد الخام في بعضها، ويحتاج ذلك إلى معرفة وداية بعالم الروائح العطرة، لإنتاج المادة العطرية بشكل يتناسب مع أذواق الزبائن.
وأوضح آلية صناعة البخور، أن بعد دمج المواد العطرية الخام يتم وضع الخليط على مكبس لتشكيلها، ومن ثم تعبئتها داخل العلب المخصصة، استعداداً لتوزيعها على المعارض التجارية وبيعها للزبائن.
وتابع أبو سرايا " أعمل في مهنة البخور منذ15 عاماً داخل محلي الصغير حيث تدربت بشكل شخصي على صناعته بشكل مكثف لأخرج بمنتج يضاهي المنتجات المستوردة".
وأوضح أن آلية صناعة البخور تتم من خلال طحن خشيب العود ومن ثم يضاف عليه الصبغ العربي وبعض أنواع المسك الخاصة في انتاجه، وتليها مرحلة دمج المكونات ببعضها.
وبين أبو سرايا أن شكل البخور النهائي يأخذ الشكل الدائري أو المربع، ليتناسب مع رغبة الزبائن المختلفة.
ولفت إلى أن البخور متعدد الأشكال، فيتم تصنيعه على شكل أقراص أو مربع كلوحة الشكولاتة أو مطحون، مشيراً إلى أن الطلب يكون حسب الطلب واحتياج السوق.
وأضاف أبو سرايا لرائحة البخور تأثير نفسي كبير على الإنسان، إذ يعتمد اختيار نوع البخور على الحالة المزاجية للفرد والغاية من استخدامه.
وذكر أن للبخور أنواع كثيرة منتشرة في الأسواق كالعود والمسك والعنبر والروائح الفرنسية والخليجية.
وتابع أبو سرايا أن في الآونة الأخيرة انتشرت ثقافة البخور بين المواطنين بشكل كبير، مشيراً إلى أن هذه الثقافة كانت شبه معدومة في فلسطين بشكل عام وغزة بشكل خاص.
وبين أن المواطنون يترددون في الوقت الحاضر لشراء البخور بشكل دوري ومن كافة فئات المجتمع والفئات العمرية.
ونوه أبو سرايا إلى أن المواطنون يستخدمون البخور كنوع من الأجواء الروحانية في بيوتهم خاصة يوم الجمعة وشهر مضان المبارك، لافتاً إلى تواجده بكثرة في الاحتفالات الدينية خاصة أثناء زيارة العائدين من بيت الله الحرام حيث أصبح البخور رائحة أساسية في البيوت الغزية.
وعن الصعوبات التي واجهت إبراهيم في تصدير منتجه محلي الصنع إلى الخارج لانتشاره وتوسيع العملية الإنتاجية كباقي الدول، الامر الذي اضطره إلى عمل خط إنتاج في مصر من خلال انتاج البخور في الخارج.
وتحدث عن الصعوبات التي واجهته في مشروعه الخاص، وأهمها عدم توفر المواد الخام في قطاع غزة المحاصر، ما اضطره إلى اعتماد خطوات الإنتاج في دولة مصر، لينظم بعد ذلك عملية الاستيراد لمحله الخاص.
وأشار إلى أنه بعد فتح خط إنتاجه في مصر لصناعة البخور استطاع توفير مواد الخام التي يحتاجها لصناعة البخور ومن ثم نقله إلى غزة.
ونوه إلى أن المواطنين في بداية الأمر كان اقبالهم على المنتج المستورد خاصة البخور الخليجي حيث واجه صعوبة كبيرة في تسويق منتجه، إلى أن استطاع إثبات جودة المنتج المحلي.
وأكمل أبو سرايا أن شغفه واصراه على الاستمرار في صناعة البخور وتسويقه في غزة عمل على تغيير ثقافة المجتمع ونظرته اتجاه المنتج المحلي.
وذكر أن المنتج المحلي أصبح منتشر في كافة أنحاء القطاع، سواء المحلات تجارية أو المولات ومعارض العطور وبعض الصيدليات، لافتاً إلى أن بعض المحلات التجارية استبدلت المنتج المستورد بالمحلي لكثرة الطلب عليه.