"إصرار فلسطيني على التحدي"

تقرير لعب بالنار.. مخاوف أوروبية من تصعيد الاحتلال عدوانه على القدس في رمضان

مخاوف أوروبية من تصعيد الاحتلال عدوانه على القدس في رمضان

خشية واضحة يبديها الفلسطينيون والمجتمع الدولي من مغبة أن تشهد مدينة القدس المحتلة تصعيدا للاحتلال خلال شهر رمضان المرتقب، من شأنه أن يفاقم الأوضاع المتوترة منذ بداية العام 2023.

وعشية حلول وخلال شهر الصوم تنتهي مهل إخلاء أو تنظر محاكم الاحتلال في التماسات ضد إخلاء عائلات فلسطينية منازلها في المدينة المقدسة.

والمنازل المهددة بالإخلاء إما في حي الشيخ جراح أو بلدة سلوان وكلاهما في المحيط القريب من البلدة القديمة في المدينة حيث يقع المسجد الأقصى المبارك.

وما يزيد من تفاقم المخاوف هو إعلان وزير الأمن القومي للاحتلال زعيم حزب "القوة اليهودية" المتطرف إيتمار بن غفير، أنه أوعز إلى شرطته بمواصلة هدم المنازل في المدينة خلال رمضان.

وعادة ما تتجنب سلطات الاحتلال عمليات الهدم خلال شهر رمضان لتفادي الحساسية لمثل هذه الأعمال في شهر يكرسه المسلمون للعبادة، ما سيسفر عن ردود فعل عنيفة.

ولكن ثمة سبب آخر يزيد من المخاوف وهو تزامن الشهر مع عيد "الفصح اليهودي" الذي تدعو خلاله جماعات يهودية متطرفة لتصعيد الاقتحامات خلاله للمسجد الأقصى.

وآخذا بعين الاعتبار تواجد عشرات آلاف المصلين يوميا خلال شهر رمضان فإن زيادة اقتحامات الاحتلال للمسجد قد يكون من شأنها زيادة التوترات.

وعلى الأرجح يحل شهر رمضان يوم 23 مارس/ آذار الجاري وينتهي في 21 إبريل/ نيسان، أما عيد الفصح اليهودي فيبدأ في 5 إبريل ويستمر أسبوعا.

مخاوف أوروبية

وبهذا الخصوص يقول ممثل الاتحاد الأوروبي لدى الأراضي الفلسطينية سفن كون فون بورغسدورف: "نخشى من تفاقم الوضع الذي هو بالأصل متوتر للغاية".

وأضاف بورغسدورف "شهدنا هجمات واجتياحات إسرائيلية للمدن والقرى الفلسطينية، كما يتزامن شهر رمضان مع عيد الفصح اليهودي وعلينا أن نقوم بكل شيء ممكن من أجل نزع فتيل التوترات".

وفي إشارة إلى عائلة سالم الفلسطينية المهددة بإخلاء منزلها في حي الشيخ جراح، اعتبر المسؤول الأوروبي أن "إجلاء أناس يعيشون هنا منذ 74 عاما غير مقبول على الإطلاق بموجب القانون الدولي لأنهم متواجدون في منزلهم".

وحول بقية العائلات الفلسطينية المهددة بالتهجير، قال بورغسدورف، إن "من حقهم العيش بمنازلهم وفق القانون الدولي فالقدس الشرقية مدينة محتلة ولكن أيضا القيام بهذه الخطوة بالوقت الذي نقترب فيه من شهر رمضان هو لعب بالنار".

وشدد على أن "السياسة الاستيطانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة تتناقض مع القانون الدولي وكذلك الأمر بالنسبة لإخلاء المنازل وهدمها والتهجير القسري".

واعتبر بورغسدروف، أن تصريحات "بن غفير" بشأن مواصلة هدم المنازل خلال شهر رمضان، "خطيرة للغاية".

وأجرى دبلوماسيون أوروبيون الاثنين، زيارات للعائلات المهددة بالتهجير للتعبير عن تضامنهم معها ورفض القرارات الإسرائيلية بإخلاء وهدم منازل فلسطينية.

وقال بورغسدروف: "نتضامن مع العائلات، نحن دبلوماسيون ويمكننا فقط الاطلاع على ما يجري على الأرض ورفع تقاريرنا إلى عواصمنا ومقراتنا وننصحهم بالتحرك".

وأضاف: "نحن نؤكد على وجوب إيجاد حل وبالتأكيد ليس تصعيد التوترات".

إصرار على الصمود

وتنظر العائلات المهددة بإخلاء منازلها باهتمام إلى التحركات الدبلوماسية ولكنها تشير أيضا إلى أنها بحاجة لرؤية نهاية لمعاناتها المستمرة منذ سنوات طويلة.

والأربعاء الماضي انتهت المهلة التي حددتها محكمة الاحتلال لعائلة نورا غيث صب لبن لإخلاء منزلها في عقبة الخالدية بالبلدة القديمة بالقدس لصالح جماعات يهودية استيطانية.

ورفضت العائلة تنفيذ الإخلاء من المنزل الذي تقيم فيه منذ نحو 5 عقود وأصرت أنه "بإمكان سلطات الاحتلال أن تخرجها منه بالقوة ولكنها لن تخرج طواعية".

وقالت نورا غيث صب لبن: "تنتابني مشاعر مختلطة فيها قلق وحزن وضغط، وكأنه قد صدر ضدك حكم بالإعدام عبر إخلاء منزلك".

واستدركت: "ولكن في نفس الوقت، فإننا كفلسطينيين دائما نقول إن من الألم يبزغ الأمل، وبالتالي دائما عندنا أمل".

وأضافت: "الاحتلال إلى زوال فهذا الظلم لن يبقى ولا هذا الإجرام وبالذات هذه الحكومة اليمينية التي تمارس كل أنواع الإجرام على شعب فلسطين فهي لن تدوم".

وتخشى "صب لبن" من إخلائها من منزلها قبل أو خلال شهر رمضان كما يتوعدها مستوطنون إسرائيليون.

وقالت: "أصعب شيء على المقدسيين أن تكون في بيتك وأن يصدروا ضدك أمر إخلاء لهذا المنزل، وأن يقصدوا أن يكون قبل رمضان لأنهم يعلمون جيدا ما الذي يعنيه رمضان بالنسبة لنا وما الذي يعنيه المسجد الأقصى بالنسبة لنا".

وتابعت: "هم بذلك يحاولون أن يجتثوا روحنا عبر إخراجنا من بيوتنا وأراضينا".

​​​​​​​قرارات إخلاء جديدة

ولا يستبعد زهير الرجبي، مسؤول لجنة حي بطن الهوى في القدس المحتلة، أحد المهددين بأوامر الإخلاء، قرارات جديدة بإخلاء منازل خلال رمضان، ولكنه يستبعد تنفيذها خلال الشهر.

وتواجه 87 عائلة تعداد أفرادها يراوح بين 700 إلى 800 فرد، خطر الإخلاء من منازلها في حي بطن الهوى لصالح جماعات استيطانية يهودية، حسب الرجبي.

وقال الرجبي، إنه "منذ العام 2015 ونحن بهذه محاكم الاحتلال التي تحاول طردنا بحجة أن الأرض التي أقمنا منازلنا عليها تعود لملكيتهم، هم يتحدثون عن تاريخ ما قبل 1892".

وأضاف: "للأسف فإن محاكم الاحتلال تأخذ بمواقف هذه المؤسسات، حيث أن أوامر الإخلاء تقودها منظمة عطيرات كوهانيم الاستيطانية التي تعمل على قدم وساق من أجل تهجير المواطن المقدسي وإحلال المستوطنين".

ولفت إلى أن "قرار الإخلاء الأخير كان بحق عائلة شحادة وصدر عن المحكمة الاحتلال المركزية وتوجهنا إلى المحكمة العليا التي جمدت القرار مبدئيا لحين البت فيه".

وقال: "يقطن في منزل عائلة شحادة المكون من 5 شقق، 5 عائلات عدد أفرادها 35 شخصا".

وأضاف: "مع الأسف نشعر أن محاكم الاحتلال ضد المواطن الفلسطيني وتصب كل قراراتها من أجل خدمة المستوطنين، فهي تسعى على قدم وساق من أجل تهجير المواطن المقدسي".

والاثنين الماضي، دعا ممثلو 15 دولة أوروبية، الاحتلال للتراجع عن قرارات إجلاء عائلات من منازلها في الشيخ جراح وسلوان والبلدة القديمة في شرقي القدس المحتلة.

كان ذلك في بيان تلاه أحد دبلوماسيي وفد أوروبي بختام زيارة أجروها إلى القدس، التقوا خلالها عائلات سالم ودجاني وداودي وحماد في الشيخ جراح، وعائلة صب لبن في البلدة القديمة، وفق مراسل الأناضول​​​​​​​.

وخلال الزيارة، قدمت العائلات الفلسطينية للوفد الأوروبي شرحًا عن الظروف الصعبة التي تعيشها منذ سنوات، إثر مطالبات متكررة من قبل جماعات استيطانية بإخلاء منازلها.

المصدر : الأناضول

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد

صيغة البريد الإلكتروني خاطئة