خاص - شهاب
يرى الخبير في الشأن "الإسرائيلي" عادل ياسين، أن قادة الاحتلال يحاولون تجاهل حقيقة أن (بيتهم العنكبوتي آيل للسقوط) والتشكيك فيها عبر محاولات استعراض القوة العسكرية والمكانة السياسية والقدرات التكنولوجية، وتَمَرُس أساليب الخداع لتجميل صورة كيان محتل والادعاء بأنه "دولة" إقليمية عظمى.
وقال ياسين إن "هذه المحاولات تحاكي من بنى قصرا من رمال على أرض متحركة، أو قصرا من ثلج على أرض ملتهبة لا يستطيع الصمود أمام شمس الحقيقة".
وبحسب ياسين، لعل آخر دليل على بدء تهاوي هذا الكيان هو الضجة التي تلت تصريح الرئيس الأمريكي جو بايدن الذي عبر فيه عن قلقه مما يحدث في "إسرائيل" وشعوره بالخطر الداهم على وجودها في حال تفاقم الصراع الداخلي الذي وصل إلى مرحلة غير مسبوقة.
وأشار إلى أن هذا القلق الأمريكي ليس حبا في "إسرائيل" بل لإدراك الإدارة الأمريكية أن "ما يحدث بات يشكل تهديدا حقيقيا على قدرتها للاستمرار في القيام بدورها بالمنطقة ككيان وظيفي يحافظ على المصالح الأمنية للولايات المتحدة".
مؤشرات تفكك الكيان
ولفت ياسين إلى أن "إسرائيل" تحاول دائما ترويج أكاذيب والتأكيد عليها بين الحين والآخر، لعل أبرزها، أكذوبة أنها قادرة على حماية نفسها بنفسها.
وذكر أن هذه الأكذوبة "تتكشف بوضوح في ضوء تحذيرات خبراء الأمن وكبار المحللين الإسرائيليين من استمرار الأزمة مع الولايات المتحدة، واعترافهم العلني بأنها تشكل مظلة حديدية للحفاظ على بقاء إسرائيل، وأن بقاءها مرهون بما تقدمه الولايات المتحدة من دعم عسكري وغطاء سياسي".
وقال إن "ما يزيد من الأمور وضوحا هو حرص إسرائيل على حضور قمتي العقبة وشرم الشيخ، والإعلان عن استعدادها تقديم المساعدة لأجهزة أمن السلطة الفلسطينية؛ لكي تمكنها من القيام بدورها التقليدي ومواصلة التنسيق الأمني لإحباط العمليات، وهو ما يكشف عمق التحديات والصعوبات التي تواجه الاحتلال في القضاء على جذوة المقاومة بمناطق الضفة".
وبهذا الإطار، تساءل ياسين: "هل ستتمكن إسرائيل من الحفاظ على بقائها ووجودها في حال توقف المساعدات الأمريكية وتوقف السلطة عن التنسيق الأمني؟!".
عدم استقرار سياسي
وتطرق ياسين إلى تكرار الانتخابات لدى كيان الاحتلال خمس مرات منذ عام 2019، وما تخللها من سقوط سريع لحكومة نفتالي بينت التي تشكلت من ثمانية أحزاب متعددة الألوان ومتناقضة الرؤى والأيديولوجيات، والصعوبات التي تواجه حكومة بنيامين نتنياهو في تمرير القرارات بـ"الكنيست" رغم تشكلها من لون واحد وتمتعها بالأغلبية النسبية عدا عن الخلافات بين مكوناتها التي تتراوح بين اليمين إلى اليمين الوسط إلى اليمين المتطرف، والتي وضعت نتنياهو أمام مأزق داخلي في كيفية السيطرة على وزراء اليمين المتطرف وكبح جماحهم ومأزق خارجي في تسويق هذه الحكومة التي باتت توصف بالحكومة الفاشية والعنصرية دوليا.
وقال: "بذلك نصل إلى نتيجة مفادها أن تكرار الانتخابات أو تشكيل حكومة متعددة الألوان أو حتى حكومة ذات لون واحد، لن يكون حل للخروج من الأزمة أو إعادة بعض الاستقرار للحلبة السياسية".
تحديات وتهديدات
كما تحدث ياسين عن "تحديات خارجية وتهديدات داخلية" فشلت حكومة نتنياهو في التعامل معها أو تحقيق الاستقرار على "الحدود"، وقال إن "الناظر للواقع الذي تعيشه إسرائيل حاليا يدل على أن قوة ردعها تراجعت وأن تحدياتها الخارجية تراكمت مع زيادة التهديدات سواء في المنطقة الجنوبية أو الشمالية".
وأضاف: في المقابل تمكن "أعداؤها" من تحقيق إنجازات وصياغة معادلات جديدة لم تكن لتقبلها "إسرائيل" في مرحلة سابقة – فعلى سبيل المثال تمكنت المقاومة في غزة من تثبيت معادلة الربط بين الساحات التي أجبرت الاحتلال على تغيير سياسته في مناطق الضفة والقدس ومنعته من القيام بعملية عسكرية واسعة تحاكي عملية "السور الواقي".
وتابع: كما أظهرت عملية مجدو الأخيرة خشية الاحتلال من القيام برد عسكري في لبنان لتجنب الدخول في مواجهة مع حزب الله لإدراكها قدرة حزب الله على إيلام جبهته الداخلية.
أما عن التهديدات الداخلية، عدّ ياسين أن "ما يشهد الشارع الإسرائيلي من زيادة لحالات العنف واستمرار الصراع الدامي بين عصابات الإجرام المنظم وانعدام ثقة المواطنين بأجهزة الأمن وقدرتها على فرض سيطرتها، لهو خير دليل على أن هذه الحكومة غارقة في متاهات التحديات الخارجية والتهديدات الداخلية".
وما يزيد الأمر تعقيدا، بحسب ياسين، هو تفاقم حدة الانقسام في ظل ما يشهده الشارع "الإسرائيلي" من احتجاجات رافضة للتعديلات القانونية وأخرى مؤيدة لها وما يتخللها من أعمال عنف متبادلة دفعت العديد من المحللين والسياسيين لوصفها بـ"التهديد الوجودي" على "إسرائيل"، لما تمثله من تفكك للحصانة الاجتماعية، وما يترتب عليها من بدء تفكك مؤسسات الكيان من الداخل.
وختم الخبير في الشأن "الإسرائيلي"، قائلا: "هذه المؤشرات وغيرها تدل على أن زوال هذا الكيان شبه حتمي لكن الأمر قد يستغرق بعض الوقت، ولعل أدق من وصف هذه الحالة هو رئيس الموساد تامير باردو حينما قال إن إسرائيل بدأت بتشغيل منظومة الإبادة الذاتية، وهو ما ينسجم مع قاله رئيس ركن الاستخبارات سابقا عاموس جلعاد إن "إسرائيل" تشبه القصر الذي تأكله الديدان من الداخل.