خاص _ حمزة عماد
انتهى التصعيد الإسرائيلي على قطاع غزة أمس السبت 13 مايو 2023 في تمام الساعة العاشرة مساءً بعد 5 أيام متواصلة بوساطة مصرية، بعد ارتقاء 33 شهيدًا بينهم 6 أطفال و3 سيدان وإصابة 190 آخرين بينهم 64 طفلًا.
وبعد انتهاء جولة التصعيد الأخيرة بدأت تطفوا على السطح تساؤلات كبيرة، حول نجاح "إسرائيل" في تحقيق أهدافها من هذه العملية؟ وهل نجحت في ترميم صورة الردع المفقودة والقضاء على التهديد الصاروخي من غزة؟.
المختص في الشأن الإسرائيلي عادل ياسين، قال إن نجاح " إسرائيل" في اغتيال قادة الجهاد الإسلامي في بداية الجولة هو بمثابة إنجاز تكتيكي محدود وقصير المدى، مشيرًا إلى أن هذا الاغتيال سيمثل فشل استراتيجي على المدى البعيد.
وأكد ياسين خلال حديث خاص لوكالة "شهاب" للأنباء، على رغم من ادعاء الاحتلال بأنه أثبت قدرةً استخباراتية عالية في التعرف على مكان القادة واغتيالهم إلا أنه فشل في قراءة الواقع والتنبؤ بردة فعل المقاومة التي تبنت استراتيجية جديدة تتمثل بتأجيل الرد واستنزاف الكيان لأكثر مدة ممكنة وإدخاله في دوامة وحالة من الضبابية شكلت كابوس بالنسبة له على مدار ساعات طويلة.
وأضاف ياسين، أنه عدا عن طبيعة وحجم الرد الذي شكل مفاجأة غير محسوبة للمستوي السياسي والعسكري الإسرائيلي على حد سواء، وأثبت خطأ تقديرات أجهزتهم الأمنية التي اعتقدت بأن الجولة ستنتهي خلال ساعات معدودة ورد محدود يمكن احتواؤه والخروج بصورة انتصار وتقديمه للرأي العام الإسرائيلي لوقف تراجع شعبية الحكومة ورئيسها بنيامين نتنياهو ووقف تآكل قوة الردع التي تجلت بوضوح خلال الفترة الماضية.
وبين ياسين أن حجم الرد كماً ونوعاً وإجبار أكثر من ستة مليون إسرائيلي للدخول في ملاجئ لمدة خمسة أيام متتالية شكل صفعة قاسية لمحاولات "إسرائيل" الخروج بمظهر المنتصر في هذه الجولة.
وأوضح أن استمرار إطلاق الصواريخ حتى اللحظات الأخيرة أثبت بالدليل القاطع فشل محاولات نتنياهو وحكومته ترميم قوة الردع وعدم قدرة المنظومة الاستخباراتية وسلاح الجو في القضاء على التهديد الصاروخي قبل أن يطال العمق الإسرائيلي، متابعًا "ليس أدل على ذلك هو حالة شبه الإجماع لدي المحللين بأن هذه الجولة لم تختلف عن سابقاتها وأن معضلة غزة ستظل باقية مهما تغيرت الحكومات وتبدلت الشخصيات".
ولفت المختص ياسين إلى أن الجهود الحثيثة التي قامت بها حكومة نتنياهو اليمينية لإنهاء الجولة بأسرع وقت ممكن وإقدامها على انتهاك "حرمة السبت" لتحقيق هذا الهدف يكشف عن افتقارها لاستراتيجية واضحة في التعامل مع معضلة غزة ومدى خشيتها من اتساع رقعة المواجهة وما يترتب عليها من دفع أثمان سياسية وخسائر بشرية واقتصادية.
وأجمع محللون وخبراء عسكريون في وسائل الإعلام الإسرائيلية اليوم الأحد 14 مايو 2023، غداة وقف إطلاق النار بين "إسرائيل" والمقاومة في قطاع غزة، على أن "إسرائيل" لم تحقق أهدافاً مهمة في عدوانها، باستثناء اغتيال قياديين عسكريين في الجهاد، وأن عدوانا آخر على غزة هو مسألة وقت ليس أكثر.
ورأى محلل أنه بالرغم من التفوق العسكري الإسرائيلي الكبير قياساً بالجهاد، إلا أن "إسرائيل" لم تتمكن من إملاء إستراتيجية لإنهاء القتال.
وأشار المحلل العسكري في صحيفة "هآرتس"، عاموس هرئيل، إلى أنه طوال نهاية الأسبوع الماضي علقت "إسرائيل" أملها على أن تنجح المخابرات المصرية بتحقيق وقف إطلاق نار يبقى صامداً بعد دخوله إلى حيز التنفيذ، "وبدا، ليس لأول مرة، أنه أسهل على الحكومة الإسرائيلية أن تبدأ عملية عسكرية في غزة من إنهائها".
وأضاف أن "إسرائيل، رغم تفوقها العسكري الواضح، إلا أنها واجهت صعوبة في إملاء إستراتيجية خروج من العملية العسكرية، فقد كان واضحاً لإسرائيل أنها لن تربح الكثير من استمرار العملية العسكرية، وأنه كلما طالت سيكون من الصعب رصد واستهداف أهداف في غزة، كما أن استهداف مدنيين فلسطينيين بالخطأ سيزداد وحسب، وهذا هو سبب توصية الجيش الإسرائيلي والشاباك، منذ الخميس الماضي، بالسعي إلى وقف إطلاق النار".
وبحسبه، فإن "استمرار المعركة كان ينطوي على خطر على صناع القرار في المستوى السياسي الإسرائيلي، بأن استمرار إطلاق القذائف الصاروخية على الجبهة الداخلية الإسرائيلية يمكن أن يدفع الجمهور إلى فقدان صبره وتراجع تأييده لخطوات الحكومة".
ويسود الهدوء قطاع غزة بعدما دخل اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي، وذلك بعد 5 أيام من العدوان الإسرائيلي على القطاع، واستشهد خلالها 33 فلسطينياً وأصيب العشرات، في حين أعلنت سلطات الاحتلال مقتل مستوطن وعامل أجنبي وإصابة العشرات.