خالد النجار

الصراع في الاقصى، معادلة الحسم

لا يزال الاحتلال يكثف عدوانه في المسجد الأقصى، ويندفع نحو تعزيز سلوكه المتطرف في كل الساحات، بالتزامن مع المقترح الذي تقدم به عضو الكنيست الصهيوني "هليفي" والذي دعا خلاله إلى تقسيم المسجد الأقصى، حيث يشير المقترح إلى تخصيص المنطقة الجنوبية من المسجد للفلسطينيين، والمنطقة الشمالية بما فيها "مسجد قبة الصخرة" للاحتلال الصهيوني، حيث يؤكد المقترح أن العقيدة اليهودية المزعومة تشير إلى إمكانية البدء في إجراءات الهدم في ضوء توجه أعضاء الكنيست المتطرفين لدعم المقترح أمام الكنيست والذي هو بالأساس يعتمد على خطة الاحتلال في تقسيم الأقصى مكانيًا وزمانيًا، حيث أن جُل المقترحات والدعوات الصهيونية التي تصدر عن منظمات يهودية يمينية أو أعضاء في حكومة نتنياهو مثل "بن غفير" تحمل نفس التوجه، وهو تهويد الأقصى كجزء رئيس من تهويد مدينة القدس بأحيائها الاسلامية والعربية التي يعيش بها الفلسطينيين والعرب منذ آلاف السنين.

هذه الدعوات تأتي في سياق الاستعدادات التي يجريها الجيش والتي أطلق عليها "الضربة الساحقة" خشية من تعرض الاحتلال لهجوم واسع من قبل محور المقاومة الذي يُجري هو الآخر استعدادات كبيرة لمرحلة المواجهة المسلحة مع الاحتلال، والتي قد يكون عنوانها وبوصلتها وقبلتها المسجد الأقصى، وهو ما أكدت عليه قوى المحور في فعاليات يوم القدس العالمي والتي أشارت إلى توظيف الجهد الدبلوماسي والعسكري لحماية الأقصى، بالتوافق مع كافة الأطراف التي سيكون لها دور مهم في الدفاع عن حرمة المسجد وتاريخه الذي لا يقبل التوزير أو الخذلان.

وفي ساحتي غزة والضفة الأكثر اشتعالاً، لا يزال الاحتلال يترقب إمكانية تنفيذ عمليات فدائية كرد على إجراءات ومحاولات الاحتلال في تقسيم الأقصى، حيث أن تقديرات المنظومة الأمنية الصهيونية تؤكد أن التقسيم ليس بالأمر بالسهل، باعتبار أن المقاومة لن تتنازل عن المعادلة التي فرضتها بعد معركة سيف القدس، وأن حالة الهدوء التي اعقبت معركة ثأر الأحرار لن تستمر طويلاً في ظل خيارات حكومة نتنياهو والتي لا تمتلك أي خبرة سياسية في التعامل بحذر مع ملف القدس.

حيث تسعى هذه الحكومة البحث عن انجازات تاريخية في ظل معاناتها على المستوى الداخلي، وصولاً لطوق النجاة التي تعتقد تلك الحكومة أن اللعب بأوراق ساخنة في المسجد الأقصى سيمنحها فترة أزمنية ممتدة، لتكون قادرة على تحقيق انجازات أخرى، على حساب دماء ومقدرات ومصير الشعب الفلسطيني.

باعتقادي أن معادلة الصراع في الأقصى، هي المعادلة الحاسمة، ومن الصعب على العدو أن يصل إلى مرحلة الحسم في ظل مراكمة المقاومة لترسانتها العسكرية، واستراتيجياتها التي تعتمد على توظيف كل الجهد لردع الاحتلال، إذ لا يزال المستوى السياسي والأمني الصهيوني يؤكد "أن استعادة الردع بحاجة لفترة زمنية أطول ومضاعفة الجهد العسكري لمهاجمة قوى المقاومة"، وهو ما يرخي بظلاله على قرارات حكومة نتنياهو التي تحاول التوازن بين الاجراء الاستراتيجي، والآخر التكتيكي، في ظل التحديات التي تمر بها، سواء أمام قوى المقاومة في غزة ولبنان، أو أمام تعزيز خلايا المقاومة في الضفة لدورها الوطني والتي باتت تشكل مهددًا حقيقيًا للمستوطنين ووحدات الجيش التي تنتشر عبر الحواجز العسكرية، وهو ما أقر به وزير الأمن الوطني "بن غفير" حين دعا لتسليح المستوطنين، وتعزيز وحدات من الجيش على تخوم المستوطنات والمناطق الأكثر سكنًا.

أما على المستوى الإقليمي، فينبغي أن تتوحد الرايات، وتُوظف الطاقات، وتعلوا في كل شوارعنا العربية الصيحات، وأن تتعزز الهمم، وتتعاظم كالقمم، وألا يكون الرد على الاحتلال مجرد شعارات، بل فعل وخيارات مبني على توجهات يؤمن بها كل الأحرار والأخيار والأطهار.

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد

صيغة البريد الإلكتروني خاطئة