سلط المحلل الإسرائيلي، هيرب كينون، الضوء على تطورات المواجهات المحتدمة بين جيش الاحتلال والمقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة، مدعيًا إلى عمليات المداهمة التي ينفذها الاحتلال كان لها دور في قمع الانتفاضة الثانية.
وذكر كينون، في تحليل نشره موقع صحيفة "جيروزاليم بوست"، أن جيش الاحتلال عادة ما ينفذ عمليات المداهمة للمدن والقرى ومخيمات اللاجئين الفلسطينية بحثا عن المقاومين ترافقها حملة اعتقالات، وتواجهها بعض عمليات المقاومة، مثل إطلاق النار، أو إلقاء قنابل حارقة، أو وابل من الحجارة، أو تفجير قنابل مزروعة على جانب الطريق.
وفي حالات تؤدي عمليات المقاومة الفلسطينية إلى خسائر بصفوف جنود الاحتلال، كما جرى يوم الإثنين، إذ أصيب 7 من جنود الاحتلال بجروح عندما انفجرت قنبلة على جانب الطريق بجانب عرباتهم المدرعة في مخيم جنين.
ويشير كينون إلى أن مستشار الأمن القومي للاحتلال، تساحي هنغبي، صرح، في مقابلة مع KAN Bet ، الإثنين، بأن الجنود يعملون في بيئة جنين شديدة العدائية لمنع العمليات في قلب المناطق الإسرائيلية.
وأضاف: "إذا لم نواجه تلك القنابل المزروعة على جوانب الطرق في جنين، فسيتم تفجيرها في حافلات بالقدس أو في سيارات مفخخة بتل أبيب".
وتابع: "علينا أن نوجه المعركة نحو العدو (..) هذا ما فعله الجيش منذ شهور، لكن المعركة ليست سهلة".
وأشار كينون إلى أن معركة يوم الإثنين كانت صعبة بشكل خاص وتطلبت استخدام مروحية هجومية من طراز أباتشي للمساعدة في تخليص الجرحى من الجنود الإسرائيليين، وهي المرة الأولى التي استخدمت فيها القوة الجوية في عملية بالضفة الغربية منذ 20 عامًا.
وفي السياق، يلفت قائد العمليات المركزية السابق، غادي شامني، إلى مقولة في جيش الاحتلال مفادها أنه في التعامل مع المقاومة الضفة الغربية، من الأفضل استخدام M-16 بدلاً من F-16، وهذا يعني القوات البرية بدلاً من القوة الجوية.
ويعود السبب في ذلك، حسبما يرى كينون، إلى أن استخدام القوة الجوية ضد مدن الضفة الغربية لا يؤدي إلا إلى تغذية روح المقاومة الفلسطينية.
وبسبب عدم الرغبة في تغذية هذه الروح، أو الرغبة في إعطاء أي "صورة انتصار" للمقاومة الفلسطينية، أمضى جيش الاحتلال ساعات تحت نيران كثيفة، الإثنين، في إخراج المركبات المعطلة من جنين بمجرد إجلاء الجنود المصابين.
وكان استخدام المروحية لضمان إخلاء جنود جيش الاحتلال بمثابة تذكير للمقاومة الفلسطينية بقدرات الجيش الإسرائيلية، بحسب كينون، مضيفا أن اضطرار جيش الاحتلال إلى نشر مروحية، وتفجير قنبلة مزروعة على جانب الطريق، كشفا، في المقابل، عن قدرات المقاومين الفلسطينيين.
وكشف نوع القنبلة المزروعة على جانب الطريق في جنين عن قدرات عسكرية وصفها كينون بـ "المزعجة"، مشيرا إلى أن تفجير هذا النوع من القنابل يشير إلى وجود بنية تحتية للمقاومة في جنين.
ولطالما كانت المؤسسة الأمنية للاحتلال على دراية بهذه القدرات، بحسب كينون، مشيرا إلى أنه قدرات مدعومة تحديدا من حركتي حماس والجهاد الإسلامي، إضافة إلى حزب الله اللبناني.
وفي الشهر الماضي، صرح رئيس جهاز الأمن العام للاحتلال، رونين بار، بأن الاحتلال أحبط محاولة الجهاد الإسلامي لإنتاج صواريخ ومنصة إطلاق في مخيم جنين.
غير أن صور انفجار عبوة ناسفة بمركبات لجيش الاحتلال أعطت زخما لما يدركه الاحتلال بالفعل، وهو ما عبر عنه كينون بقوله: "شيء آخر أن تستيقظ وترى صور قنبلة مزروعة على جانب الطريق، تعيد ذكريات لبنان".
ويؤكد كينون أن ما جرى يوم الإثنين لن يردع جيش الاحتلال عن شن حملات مداهمة ليلية لاعتقال المشتبهين في صلتهم بالمقاومة الفلسطينية، حيث أصبحت تلك المداهمات عنصرا مركزيا ضمن استراتيجية إبقاء المقاومة عند مستوى منخفض نسبيا، حسب قوله.
وهنا يلفت كينون إلى أن القدرة العسكرية المعززة للمقاومين الفلسطينيين، وما جرى يوم الإثنين، يكشفان عن شيء آخر يعرفه الجميع على المستوى النظري ولكن لا يقدرونه حقًا إلا عندما يتضح عمليا، وهو أن "السلطة الفلسطينية لا تؤكد أي سيطرة في جنين ولا في شمال الضفة الغربية".
فقدرة الفصائل الفلسطينية على بناء وتفجير هذه الأنواع من القنابل المعقدة، المزروعة على جانب الطريق، تظهر بنية تحتية كبيرة نشأت دون عوائق من قبل السلطة الفلسطينية، الضعيفة في تلك المناطق.
وكانت جنين وشمال الضفة الغربية النقطة المحورية للمقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال خلال الأشهر الماضية "لأنه لا يوجد حكم للسلطة التي تنسق أمنيا مع الاحتلال أو احتكار لاستخدام القوة هناك" بحسب كينون، مشيرا إلى أن الفراغ الأمني يزدهر فيه نشاط حماس والجهاد الإسلامي.
ويضيف كينون: "جنين اليوم، حيث فقدت السلطة الفلسطينية سيطرتها، هي معاينة مروعة لما قد يظهر في جميع أنحاء الضفة الغربية في اليوم التالي لوفاة رئيس السلطة محمود عباس أو لم يعد بإمكانه الاستمرار في منصبه الحالي".
وإذا تمركز عجز السلطة الفلسطينية الآن في جنين وشمال الضفة الغربية، "فإن هذا العجز سينتشر عبر المناطق عندما يغادر عباس المشهد" حسبما يرى كينون.
وأشار المحلل الإسرائيلي إلى أن جيش الاحتلال يعكف على تقدير كيفية التعامل مع الفراغ الذي خلفته السلطة الفلسطينية في جنين، ومن المرجح أن يستخدم الدروس المستفادة هناك في مكان آخر بمجرد رحيل عباس وحدوث فراغ بالسلطة الفلسطينية.