خاص - شهاب
تسود حالة من القلق والتخبط داخل أروقة حكومة وجيش الاحتلال، إزاء الضغوط المتزايدة لشن عملية عسكرية واسعة النطاق في شمال الضفة الغربية المحتلة، مع تصاعد عمليات المقاومة الموجعة للمستوطنين.
ووفقا للمحللين "الإسرائيليين"، فإن جيش الاحتلال يتحفظ من ضغوط الحكومة، التي يسيطر المستوطنون عليها، بشن عملية عسكرية واسعة بالضفة، وبين الأسباب ضعف "نسيج جيش الشعب" بعد خطة "إضعاف القضاء"
ورجح محللون في الصحف العبرية، أن جيش الاحتلال لن ينفذ عملية عسكرية واسعة وعميقة، في أعقاب تصدي المقاومة في جنين وإصابة 7 جنود، وعملية إطلاق النار جنوب نابلس التي أسفرت عن مقتل 4 مستوطنين.
"عملية محدودة"
إلا أن التحليلات أشارت إلى أن جيش الاحتلال سينفذ عملية عسكرية في شمال الضفة، وستكون محدودة "بهدف تهدئة الوضع الميداني مؤقتا" إلى جانب "تهدئة" الدعوات المنفلتة في اليمين، وبضمنه حكومة نتنياهو، الذي يمارس ضغوطا من أجل شن عملية عسكرية كبيرة.
وأشار الباحث في "معهد أبحاث الأمن القومي" في جامعة "تل أبيب"، عوفر شيلح، وهو الرئيس السابق للجنة الخارجية والأمن في "الكنيست"، إلى أنه يتوقع أن تقرّب عملية إطلاق النار عملية واسعة للجيش "الإسرائيلي" في شمال الضفة، بالرغم من أن موقع العملية وهوية منفذيها يطرح شكوكا حيال العلاقة بين موقعها وبين جنين.
وأضاف شيلح في مقال في صحيفة "يديعوت أحرونوت" أن الضغوط لشن عملية عسكرية واسعة لم تأت من جانب قيادة المستوطنين فقط. والشاباك، المسؤول عن إحباط العمليات، يرى كيف نشأت منطقة مستباحة في شمال الضفة، يدير التنظيم المسلح فيها ما يشبه حكما ذاتيا. "والعملية أمس تدل على أن الأمر ينتشر بعيدا ما بعد جنين".
وبحسب شيلح، فإن موقف الجيش الإسرائيلي "منضبط أكثر حتى الآن، لأن قادته يترددون حيال ما سيحدث لاحقا. ماذا سنفعل بعد الخسائر في الجانبين؟ هل نبقى في قلب مخيمات اللاجئين؟ ننفذ عمليات عسكرية مشابهة في مدن فلسطينية أخرى، توجد فيها مناطق مستباحة آخذة بالتطور؟ نخاطر باشتعال الوضع في غزة وربما لمناطق أخرى؟".
"جيش ضعيف"
ولفت شيلح إلى "مسألة مزعجة، لن يعبر عنها أحد بالعلن: في الوضع السياسي الحالي في إسرائيل، وفيما دوافع الحكومة الحالية ورئيسها مشتبهين مسبقا بنظر قسم كبير من الجمهور، ونشطاء الاحتجاجات (ضد إضعاف القضاء) لم يترددوا بالتهديد برفض الخدمة العسكرية، فماذا ستفعل عملية عسكرية كهذه بنسيج جيش الشعب الذي أخذ يضعف؟".
وأضاف شيلح أن "إسرائيل" ترفض أي خطوة سياسية تجاه الفلسطينيين بادعاء أنه "لا يوجد شريك"، والحكومة الحالية "تتطلع بشكل معلن إلى القضاء على الحل السياسي وترسيخ وضع ميداني لا يمكن تغييره. والمسؤولون فيها والدائرة المؤثرة فيها يدفعون باتجاه عملية عسكرية كبيرة ليس من أجل اجتثاث هذه الحالة (المقاومة) بالضرورة، وإنما من أجل تحقيق ما تصفه القيادة الأمنية بأنه سيناريو الرعب، وهو انهيار السلطة الفلسطينية بالكامل".
وأشار إلى أنه لا توجد في "إسرائيل" معارضة لهذا الموقف، "والذين يتحدثون عن ’إدارة الصراع’ أو عن ’تقليصه’ يؤيدون عمليا استمرار غياب السياسة الذي يؤدي بالضرورة إلى النتيجة نفسها".
"مهمة صعبة ونازفة"
استهدفت عملية إطلاق النار، أمس، "نقطة الضعف الإسرائيلية في الضفة، وهي حركة المستوطنين في الشوارع"، وفقا للمحلل العسكري في صحيفة "هآرتس"، عاموس هرئيل. وأضاف أن المستوطنات نفسها آمنة نسبيا بسبب إحاطة الكثير منها بجدران وقسم من البؤر الاستيطانية العشوائية بلا جدران، "لكن الشوارع مشتركة لكلتا المجموعتين السكانيتين، ولا صعوبة أمام خلية مسلحة، تعرف المنطقة، برصد هدف مدني لتنفيذ عملية مسلحة في أحد الشوارع والفرار بسرعة من المكان.
ورأى هرئيل أن عمليات إطلاق النار ستتكرر والجيش "الإسرائيلي" سينفذ عملية عسكرية لن تؤثر كثيرا على الوضع الحالي، وربما تؤدي إلى تهدئة مؤقتة، "إثر ضغوط المستوطنين الذين يسيطرون على الحكومة. وضعف السلطة الفلسطينية، خاصة في شمال الضفة. وهذا وضع لا يمكن أن يؤدي إلى استقرار".
وأضاف أن "إدامة الاحتلال تتحول إلى مهمة صعبة ونازفة أكثر، بعد فترة طويلة، وعمليا منذ نهاية الانتفاضة الثانية، خُيّل فيها أن بإمكان إسرائيل الحفاظ على الوضع القائم بثمن متدن".
وأشار المحلل العسكري في صحيفة "معاريف"، طال ليف رام، إلى "تقويض الشعور بالأمن" لدى عدد كبير من المستوطنين إثر الوضع الأمني، وتصاعد العمليات الفلسطينية المسلحة في الضفة، في السنة الأخيرة، "وهذا سبب الانتقادات الشديدة للحكومة وجهاز الأمن".
"توخي الحذر"
وفي السياق ذاته، قال المختص في الشأن "الإسرائيلي" صالح النعامي إنه على الرغم من أن عملية إطلاق النار شمال رام الله عززت موقف الداعين داخل الحكومة "الإسرائيلية" لشن عمل عسكري واسع شمال الضفة، إلا أن هؤلاء يعون أن الجيش لازال يواصل عملية "كاسر الأمواج" التي شرع فيها قبل عامين.
وأضاف النعامي أن "نتنياهو، سيتجه إلى استرضاء ممثلي المستوطنين في حكومته ويأمر بعدد من الأنشطة العملياتية الإجرامية في ارجاء الضفة وتحديدا في الشمال، وعلى وجه الخصوص في جنين".
وبحسب النعامي، فإن الذين يتحفظون على شن العملية داخل حكومة وجيش الاحتلال يحذرون من أنها يمكن أن تفضي إلى اتساع دائرة اللهب لتشمل مناطق ظلت "هادئة" في الضفة الغربية، مستدركا: "لكن صوت المتحمسين للعملية أعلى. وعلى كل الأحوال، على جنين وأخواتها توخي أقصى درجات الحذر".