لم تكن دعوة مؤسسات السلطة الفلسطينية وحكومة محمد اشتية للتبرع لجنين ذا قيمة لدى المواطنين، ليس لأن جنين لا تستحق، بل لأن سوابق الحكومة في سرقة وتبديد التبرعات أكثر من أن ينساها المواطنون.
وباتت حملات التبرع تلك مثار تندُّر وسخرية في صفوف المواطنين، الذين رفضوا وضع أموالهم في يد "ليست نظيفة"، فهي لم تقم بواجبها مع جنين في لحظات المخيم الصعبة، فكف يمكن تصديق أنها تريد فعلا إعادة اعمار المخيم وإغاثة أهله.
وحفلت منصات التواصل الاجتماعي بتعليقات ومنشورات تسخر من حملات السلطة التي قامت بها بعد صلوات الجمعة في المساجد، وعبر المواطنون عن خشيتهم من أن يكون مصير هذه التبرعات مشابهة لمصير سابقيها كمستشفى خالد الحسن للسرطان وصندوق وقفة وغيرها.
وكتب الناشط عبد الله شتات، ساخرا من امتناع المواطنين عن التبرع عبر وزارة الأوقاف، وعلق قائلا: الوعي صاير في أعلى درجاته.. المسجد اللي صليت فيه.. لم يتجاوز حجم التبرع 300 شيقل .. شكلهم ما بحبوا جنين".
أما الناشط عامر حمدان أبو عدي، فدعا التبرع مباشرة لجنين عبر زيارتها ودعم أهلها بعيدا عن القنوان الرسمية والحكومة، وعلق قائلا: "اذا بهمك رايي فهذا هو.. من يريد ان يتبرع لمخيم جنين واهله فليذهب بنفسه الى المخيم لسببين.. الاول :كي يشاهد ماذا حل من دمار بالمخيم وماذا حقق من انتصار للكرامه.. والثاني :كي تاخذ الاجر بيدك انت لا بواسطة سين او صاد.. وهذا قمة التضامن ان يتلقاكم الناس وانتم افواجا من كل مكان ليعزز ذلك جوهر الصمود في نفوس اهل المخيم .. بديش احكي اكثر".
أما المواطن معتز أبوعرقوب، فطالب المواطنين بعدم التبرع عن طريق الأوقاف، وعلق قائلا: "مآذن المساجد التابعة لوزارة الأوقاف تصدح بضرورة التبرع لجنين عن طريق وزارة الأوقاف.. يا ابناء شعبنا الصابر المرابط لا تتبرعوا الا لجنين وان التبرع لجنين بانعاش اقتصادها وزيارتها".
وتابع: "أما أنتم يا وزارات الواسطة والمحسوبية يا من تحرمون المواطن من أبسط حقوقه وحرياته والموظف العام من أبسط اسباب العيش الكريم لا تبرع عن طريقكم ليركب ابنائكم الرينجات على حساب دماء الشهداء والجرحى من يرد التبرع فليذهب إلى جنين فقط وأن رغب فليتبرع لبلدية جنين أو لجنة المخيم اما الباقي فأنا انزلناه في جيب الوزير وأبنائه وأعوانه وما ملكت يمينه لن يصل إلى جنين.. وما بفك الرأس الا اللي ركبها".
أما المواطن محمد أبو مالك، فاكد أن مصير التبرعات عبر الحكومة سيكون النهب، وعلق قائلا: "التبرعات للنهب ، الجزائر و الإمارات تبرعت لوحدهما فقط ب مبلغ ٤٥ مليون دولار و هذا يفيض عن حاجة الإعمار و الذي سيمر الفائض منه من خلال قنوات صندوق وقفة عز".
أما المواطنة سارة بيسان، فأكدت عى ضرورة ان يقوم كل متبرع بإيصال الأموال لمستحقيها بنفسه، وعلق قائلا: "كل واحد بقدر يتبرع صار يبحث عن طريقة بشكل شخصي يضمن وصول التبرعات لمستحقيها".
أما المواطن أنس شاهين، فرأى أن من يضع الأموال بشكل غير مباشر في يد مستحقيها بأنه آثم، وعلق قائلا: "من يريد التبرع فليذهب إلى المخيم مباشرة .. غير ذلك فهو آثم..".
أما المواطن محمد احمد، فاستغرب ان تقوم السلطة بجمع تبرعات في ظل تكفل الامارات والجزائر بإعمار المخيم، وعلق قائلا: "تم تقدير الخسائر ب ٤٠ مليون دولار.. الجزائر لوحدها تبرعت فيهم وبقية الدول العربية زيادة لكن معقول توصل لاهلها مساعدات".
أما المواطن سعدي لبادة، فلعلق على منشور حول التبرعات عبر الحكومة بالسخرية والتذكير بتبرعات قامت الحكومة بسرقتها من قبل مثل مشروع خالد الحسن، وعلق قائلا: "مستشفى خالد لسرطان بالزاوية بقرأ منشورك".
وبعد انقضاء أيام العدوان على جنين، وساعات بعد انسحاب جيش الاحتلال، خرجت مؤسسات السلطة وحكومة محمد اشتية بتقديرات مالية مبالغ فيها للأضرار التي لحقت بالمخيم، وأعلنت أرقاما قد لا تبدو منطقية في ظل صِغر مساحة المخيم.
وكشف وزير الحكم المحلي، مجدي الصالح، عن أن حجم الخسائر والأضرار الأولية للعدوان الإسرائيلي الأخير على جنين بغت نحو 29 مليون دولار، موزعة على المنازل والطرق وشبكات المياه.
لكن هذ الأرقام قد تختفي ورائها رغبة من مسؤولي السلطة في نهب التبرعات التي سيتم تقديمها من الجهات الخارجية والتبرعات الداخلية، حيث أعلنت كل من الامارات عن تقديم 15 مليون دولار والجزائر 30 مليون دولار كدفعات فورية لإعادة إعمار ما دمره الاحتلال.