غزة- خاص شهاب
اتبع الاحتلال "الإسرائيلي" خلال عدوانه الهمجي المتواصل على قطاع غزة منذ نحو 7 أشهر، ما أسماها بسياسة "الضغط العسكري" لتحقيق أهدافه، لكنه لم يحقق شيء وحصد الفشل والهزائم فقط.
وبحسب المعطيات على أرض المعركة، فإن "الضغط العسكري" من قبل جيش الاحتلال منذ 7 أكتوبر الماضي أدى إلى مقتل العشرات من الأسرى "الإسرائيليين" لدى المقاومة الفلسطينية في غزة.
ووفق ما يقول محللون ومسؤولون "إسرائيليون"، فإن عبارات مثل (الضغط العسكري، النصر المطلق) ليست سوى وهم ابتكره رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لتحقيق أهداف شخصية وللتخلص من "ورقة الأسرى".
"تشكيك إسرائيلي"
ويوم 21 أبريل الجاري، صرح رئيس نتنياهو أنه "في الأيام المقبلة سنزيد الضغط العسكري والسياسي على حماس"، مضيفا: "هذه هي الطريقة الوحيدة لتحرير الرهائن وتحقيق النصر".
وقوبل تصريح نتنياهو آنذاك، بتشكيك "إسرائيلي"، إذ نقلت صحيفة"هآرتس" العبرية عن مصدر عسكري قوله: "إذا لم تكن حماس، بعد ما يقارب سبعة أشهر من هذا الضغط العسكري الكبير، على وشك إطلاق سراح جميع الرهائن، فربما يتعين علينا إعادة النظر في هذه التصريحات".
ويواصل نتنياهو ومعه وزير الحرب يؤاف غالانت ورئيس أركان جيش الاحتلال هرتسي هاليفي، ترديد ذات العبارات (النصر المطلق يقترب، الضغط العسكري سيعيد المختطفين)، وسط تشكيك إسرائيلي واسع وتحذيرات من هزيمة استراتيجية قادمة.
ووفق قناة "كان" العبرية، فإن نتنياهو وغالانت وهاليفي يزعمون أن "الضغط العسكري" وحده هو الذي سيوصل حماس إلى اتفاق، لكن عدد القوات في القطاع بات منخفضا، وفي نفس الوقت لم يدفع هذا الضغط يحيى السنوار (رئيس حركة حماس بغزة) إلى تقديم تنازلات.
"نتنياهو يبيع الوهم"
وفي سياق متصل، قال الكاتب "الإسرائيلي" الشهير رونين برغمان: "قريبًا سينكشف كم الوهم الذي باعته الحكومة والجيش للإسرائيليين حول مجريات الحرب على قطاع غزة واقتراب تحقيق أهدافها".
وأضاف: "الجيش الإسرائيلي غيّر موقفه من فصل شمالي القطاع عن جنوبه؛ فبعد أن كان من أشد الداعمين للخطوة بات يطالب بإلغاء الفصل".
وأكد أن نتنياهو باع الوهم "للإسرائيليين" على مدار الأشهر الماضية بأن الضغط العسكري سيسهم في استعادة الأسرى، وهذا ما لم يحصل، موضحا أن حماس لم تغيّر مواقفها منذ العرض الذي قدمته قبل 5 أشهر و"إسرائيل" هي التي بدأت بالنزول عن الشجرة.
واعتبر برغمان أن تقديم العملية في رفح على أنها ستحقق هدفي الحرب (هزيمة حماس المطلقة واستعادة الأسرى) محض أوهام.
وأشار إلى أن أثمان الصفقة آخذة في الارتفاع مع مرور الوقت وليس العكس، محذرا من أنه قد لا يكون لدى "إسرائيل" أسرى أحياء إذا هاجم الجيش رفح وحينها لن يكون لدى نتنياهو ما يبيعه "للإسرائيليين".
واستذكر أن غالانت قال قبل اجتياح خانيونس إن الهجوم سيخدم استعادة الأسرى واغتيال السنوار. وبعد الهجوم لم تغير حماس مواقفها وتبين زيف الادعاء أن الضغط العسكري هو الحل.
وفي ذات الإطار، قال اللواء احتياط في جيش الاحتلال "يسرائيل زيف" إن "بقاء المختطفين على قيد الحياة غير مؤكد بعد عملية رفح".
هزيمة استراتيجية
وكان الصحفي الإسرائيلي في صحيفة "هآرتس" العبرية أوري مسغاف، قد قال في تقرير له إن "صفقة المخطوفين في نوفمبر، التي استقبلت بالسرور والرضا من قبل الجمهور، هزت ائتلاف نتنياهو".
وأضاف: "عمليًا، نتنياهو قام بتخريب النبضة السادسة والأخيرة في الصفقة مع إلقاء التهمة على حماس، وبعد ذلك صمم على عدم السماح بإجراء أي صفقة أخرى تتضمن وقف القتال في غزة، وهكذا تمت التضحية بالمخطوفين على مذبح حكمه".
واستطرد قائلاً: "هذه الجريمة يشارك فيها الوزير غالانت، والشريك المتعاون بني غانتس ورئيس الأركان هاليفي. فمنذ ديسمبر تساوقوا بشكل مطلق مع الهراءات التي قام نتنياهو ومستشاروه الإعلاميون بطبخها (النصر المطلق)، (فقط زيادة الضغط العسكري ستعيد المخطوفين) وقد تبين أن النصر المطلق أصبح مراوحة في المكان وهزيمة استراتيجية، وأن زيادة الضغط العسكري بالذات تقتل المخطوفين".
لا أهداف تحققت
وتابع: "نتنياهو، وغالانت، وغانتس وهاليفي، يقفون عاجزين أمام أبعاد الهزيمة، ويخافون من اليوم الذي سيتبين فيه كم هو صغير عدد المخطوفين الذين بقوا على قيد الحياة، لذلك، هم يقومون بتأجيل النهاية، مثل المقامر الحائر الذي أفرغ جيبه في الكازينو".
وبات من الواضح لدى غالبية الجمهور الإسرائيلي أن نتنياهو وحكومته ما زالوا عاجزين عن تحقيق أهداف الحرب التي وضعوها خصوصا القضاء على المقاومة بغزة وإعادة الأسرى، وسط مطالبات للمسؤولين عن "فشل 7 أكتوبر" على رأسهم نتنياهو بالتنحي عن مناصبهم.
هذا ما حمله تصريح الوزير "الإسرائيلي" السابق حاييم رامون، الذي قال مؤخرا: "حان الوقت ليتحمل رئيس الأركان هاليفي المسؤولية عن الفشل بغزة ويستقيل. للأسف ما جرى انتصار تكتيكي لكن هناك هزيمة استراتيجية، نحن لم نحقق أيا من الأهداف التي وضعت، وأنا أسميها فشل 27 أكتوبر عندما بدأت المناورة البرية بطريقة خاطئة".
وأضاف: "لقد وجه الجيش الإسرائيلي لحماس ضربات قوية لكنها لا تزال قائمة، وقلنا أن الضغط العسكري سيؤدي إلى إطلاق سراح الرهائن، وهذا لم يحدث أيضا - في كافة المهام الاستراتيجية، وبعد 6 أشهر حتى هذه اللحظة لم تتحقق الأهداف".
"حكومتكم تكذب"
ونشرت كتائب الشهيد عز الدين القسام، مقطع فيديو عبر تلغرام باللغتين العربية والعربية: "الضغط العسكري أدى إلى مقتل عشرات الأسرى الذين بأيدينا وحرم البقية من الاحتفال بعيد الفصح مع أعزائهم". إذ ظهر فيه الأسيران كيث سيغال وعومري ميران، وطالبا فيه حكومة نتنياهو بالعمل من أجل تحريرهم.
وأرفقت كتائب القسام مع ما نشرته، هاشتاق (الوقت ينفد) و(حكومتكم تكذب). حيث قال أسير لحكومة نتنياهو: "نعيش أوضاعًا صعبة تحت القصف العنيف. نشعر أحياناً أنكم تخليتم عنا".
وطالب الأسير، نتنياهو وجميع الوزراء بالمرونة في المفاوضات من أجل التوصل إلى صفقة قريبة، مستطردا: "نشعر بالمماطلة وصفقة التبادل استغرقت وقتًا طويلاً".
وأضاف: "آن الأوان للتوصل إلى صفقة تخرجنا ونحن على قيد الحياة وبصحة جيدة"، مطالبا ذويه ببذل كل ما في وسعهم للضغط على الحكومة بكل الطرق الممكنة.
جاء فيديو "القسام" بالتزامن مع تظاهرات كبيرة لعائلات الأسرى الإسرائيليين، تطالب نتنياهو وحكومته بالرحيل والذهاب نحو صفقة تبادل مع المقاومة الفلسطينية للإفراج عن الأسرى.
إنهاء الحرب وصفقة
ودعت تلك العائلات تعقيبًا على الفيديو، حكومة نتنياهو إلى التوجه نحو صفقة تبادل والامتناع عن اجتياح رفح.
وأعلنت عائلتا الأسيرين كيث سيغال وعومري ميران موافقتهما على نشر مقطع الفيديو الذي بثته كتائب القسام، وطالبتا وسائل الإعلام بعدم الالتزام بسياسة المنع.
وقالت عائلات الأسرى الإسرائيليين في تعليقها: "شاهدنا نتنياهو يخرب أي احتمال للتوصل إلى صفقة لمصالحه الشخصية"، مطالبين الحكومة بدفع ثمن تحرير أبنائهم الأسرى ووقف الحرب.
وبحسب والد الأسير عومري ميران، فإن هذه أول إشارة تحصل عليها العائلة تدل أنه على قيد الحياة. وعلقت عائلات الأسرى في بيانها، أن "هذه العلامة أن الأسيرين على قيد الحياة هي أوضح دليل على أن حكومة إسرائيل يجب أن تفعل كل شيء للموافقة على صفقة عودة جميع الأسرى حتى قبل عيد الاستقلال". وفق حديثه.
وأكدت عائلات الأسرى، أن على إسرائيل إنهاء الحرب ودفع الثمن في صفقة التبادل، محذرين أن اجتياح رفح هي تضحية إضافية.
واعترفوا في بيانهم، أن الضغط العسكري على حماس "فشل، ويجب تغيير أسلوبنا"، مشددين أن إهمال المختطفين جريمة من الحكومة ضد المواطنين.