إثبات جديد يُعبّر عن الضائقة التي يعيشها قادة الجيش،

استقالة تامير ياداي دلالة الصراع بين المؤسسة العسكرية والمستوى السياسي

images (6).jfif

اعتبرت التحليلاتُ العسكرية استقالةَ قائد القوات البرية بالجيش الإسرائيلي، اللواء تامير يادعي، بأنها "هزة أرضية" في قيادة هيئة الأركان و"صداع بالرأس" لرئيسها هرتسي هاليفي، وعكست الخلافات داخل المؤسسة العسكرية كل ما يتعلق بالإخفاق في منع هجوم "طوفان الأقصى" وتحقيق أهداف الحرب على غزة، وكذلك السجال بشأن التعيينات والترقيات بالجيش.

ورغم ما قيل إن الاستقالة كانت "لأسباب شخصية" فإن تقديرات المحللين العسكريين تستبعد ذلك، بل تجمع على أنها تأتي في سياق استقالات كبار الضباط بالجيش، والصراع على التعيينات في مناصب قيادية برئاسة هيئة الأركان.

وكان قد سبق استقالة يادعي -التي ستدخل حيز التنفيذ بعد أسابيع قليلة- استقالة رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية "أمانأهارون حاليفا، وقائد "فرقة غزة" العميد آفي روزنفيلد، وقائد "الوحدة 8200" التابعة للاستخبارات العسكرية العميد يوسي سارييل الذي سينهي مهامه قريبا.

وترافقت الاستقالات غير المسبوقة مع تراشق إعلامي كبير بين القيادات العسكرية والسياسية الإسرائيلية، ومحاولة كل طرف إلقاء مسؤولية الفشل في التصدي لعملية "طوفان الأقصى" على الطرف الآخر.

وفي هذا الإطار، قال رئيس حركة التجمع الديمقراطي في الداخل المحتل سامي شحادة، إنّ استقالة "ياداي" تُعبّر عن حالة الانقسام في المجتمع الإسرائيلي، وجدية وحدة الخلاف القائم بين رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وقيادة المؤسسة العسكرية.

وأوضح شحادة  أنّ التعويل على إمكانية الخروج بحل من الداخل الإسرائيلي تعبير عن إخفاق الموقف العربي والدولي في وضع حد لجرائم الاحتلال الفاشية والمتواصلة منذ أشهر بحق الفلسطينيين.

ولفت أنّها (الاستقالات) لم تُثبت فعاليتها حتى اللحظة بتشكيل حركة ضغط حقيقية على الائتلاف الحاكم؛ للتوصل لاتفاق مع المقاومة الفلسطينية يُنهي الحرب ويعيد الأسرى الإسرائيليين.

واستطرد شحادة: "طالما لم تنتقل حدّة هذه الخلافات إلى الكنيست بما يُهدد مستقبل الحكومة؛ لا يُمكن التعويل عليها بشكلٍ رئيسي عليها لإنهاء الأزمة الحالية".

لكنّه أكدّ أن أثرها يأتي في سياق تراكم الأحداث، ما يستدعي أحداث مزيد من الضغط على القيادة السياسية من ممثلي القرى والأحزاب والهيئات وقيادات الجيش.

هزة أرضية 

من جانبه رأى المختص بالشأن الإسرائيلي نظير مجلي أنّ هذه الاستقالة إثبات جديد يُعبّر عن الضائقة التي يعيشها قادة الجيش، مضيفًا أنّ الخلاف بين المؤسستين العسكرية والسياسية يحتد بطريقة غير عادية وغير مسبوقة.

وأشار إلى أنّ الخلافات الحادة نتيجة رغبة كل طرف إلقاء تهمة الإخفاقات في السابع من أكتوبر على الطرف الآخر، وإجمالًا هي تنعكس باستمرار على الأوضاع في داخل "إسرائيل".

تبادل الاتهامات غيّرت الكثير من القيم الأساسية في التعامل بين القيادتين العسكرية والسياسية، ووجهت ضربة قوية لنتنياهو الذي يحاول على مدار الأشهر الماضية، إقالة قيادات عديدة في المؤسسة الأمنية، وفق ضيفنا.

وبيّن مجلي أنّ نتنياهو وضع خطة لإقالة قيادات رفيعة في الجيش بأعقاب السابع من أكتوبر، لكنه لم ينجح في تحقيقها، فاضطر البعض بدافع الإحباط واليأس للاستقالة من تلقاء نفسه.

ويشير المراسل والمعلق العسكري في موقع "والا" الإلكتروني أمير بوحبوط إلى أن الاستقالة أو إنهاء المنصب يأتي بسبب الخلافات الخفية بهيئة الأركان على الترقيات والتعينات في قيادة الجيش، ووصفها بـ "هزة أرضية".

وفي أعقاب توالي الاستقالات والتنحي من المناصب القيادية بالجيش، يوضح بوحبوط أن هيئة الأركان العامة في حالة تأهب قصوى الآونة الأخيرة، على خلفية الحرب على غزة، والمناقشات حول صفقة الأسرى، والتغييرات الأخرى المتوقعة في التسلسل الهرمي داخل قيادة هيئة الأركان العامة.

ويقول المراسل العسكري إن قائد القوات البرية المستقيل كان يعتبر مرشحا مستقبليا لمنصب نائب رئيس الأركان "لكن بحسب التقديرات، فإن النائب الحالي أمير برعام لن ينهي منصبه قريبا" ويعتقد أن قرار يادعي ينبع من تقييم مفاده أن هاليفي لا ينوي التوصية عليه لمنصب النائب التالي لرئيس الأركان.

ويضيف أن يادعي كان بداية الحرب على غزة أحد الجنرالات الذين دفعوا "للمناورة البرية" وأعربوا عن ثقتهم في قوات الاحتياط، وخلال الأشهر الستة الماضية عمل على رفع مستوى قدرات القوات البرية وتعزيز خطط مشترياتها الإستراتيجية، خلافا لموقف قيادة الأركان التي ألمحت إلى أن التوغل البري استنفذ مهمته

ويعتقد المحللون أن الاستقالات بالجيش وهيئة الأركان بعد تاريخ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 تشير إلى أن الكثير من الضباط يتحملون مسؤولية الإخفاق الاستخباراتي بمنع "طوفان الأقصى" كما أن هذه الاستقالات تثير شكوكاً وعلامات استفهام فيما يتعلق بطبيعة التعيينات في الجيش والترقيات التي يقوم بها هاليفي

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد

صيغة البريد الإلكتروني خاطئة