نعى حزب الله، عصر اليوم السبت، في بيانه استشهاد "سماحة السيد، سيد المقاومة، العبد الصالح، انتقل إلى جوار ربه ورضوانه شهيدًا عظيمًا قائدًا بطلًا مقدامًا شجاعًا حكيمًا مستبصرًا مؤمنًا، ملتحقًا بقافلة شهداء كربلاء النورانية الخالدة في المسيرة الإلهية الإيمانية على خطى الأنبياء والأئمة الشهداء".
وذكر البيان أن "سماحة السيد حسن نصرالله الأمين العام لحزب الله التحق برفاقه الشهداء العظام الخالدين الذين قاد مسيرتهم نحوًا من ثلاثين عامًا، قادهم فيها من نصر إلى نصر مستخلفًا سيد شهداء المقاومة الإسلامية عام 1992 حتى تحرير لبنان 2000 وإلى النصر الإلهي المؤزر 2006 وسائر معارك الشرف والفداء، وصولًا إلى معركة الإسناد والبطولة دعمًا لفلسطين وغزة والشعب الفلسطيني المظلوم".
من هو حسن نصر الله ؟
حسن عبد الكريم نصر الله، ولد لعائلة شيعية في برج حمود، إحدى البلدات اللبنانية من قرى قضاء المتن في محافظة جبل لبنان في 31 أغسطس/ آب عام 1960، وكان حسن نصر الله الطفل التاسع من أصل 10 أطفال من أسرة والدة عبد الكريم نصر الله، والذي كان يعمل في تجارة الخضار والفواكه.
التحق حسن نصر الله في مدرسة "النجاح" ثم مدرسة سن الفيل الرسمية ذات الأغلبية المسيحية، ومع اندلاع الحرب الأهلية اللبنانية عام 1978، أجبرت عائلته وهو في عمر 15 عشر، للعودة لمسقط رأسهم في بلدة البازورية، حيث أكمل دراسته في مدرسة صور الرسمية للبنين.
انضم إلى حركة أمل، ثم عُين مندوبا للحركة في بلدة البازوري بصور، إلى أن تعرف على إمام مسجد الإمام جعفر الصادق السيد محمد الغروي، والذي ساعده للذهاب إلى النجف، حيث أمضى فترة من الدراسة الإسلامية في الحوزة العلمية.
التقى حسن نصر الله في النجف بعباس الموسوي، والذي جمعه معه علاقة صداقة متينة وشراكة في تأسيس حزب الله لاحقًا، وبعد أن أنهى المرحلة الأولى من دراسته، عاد نصر الله إلى لبنان عام 1979، ليبدأ الدراسة مجددا في الحوزة الدينية في بعلبك والتي كانت تتبع تعاليم آية الله محمد باقر الصدر، مؤسس حركة الدعوة في النجف خلال عقد الستينيات.
أصبح لاحقًا مندوب حركة أمل في البقاع، وأصبح عضوًا في مكتبها السياسي المركزي، إلى أن اجتيح لبنان من قبل الاحتلال الإسرائيلي عام 1982، حيث حصل انقسام في صفوف الحركة وانبثق تيارين سياسيين الأول بقيادة نبيه بري، والثاني المعارض، بقيادة عباس الموسوي، والذي رفض الانضمام لهيئة الإنقاذ الوطني بسبب وجود بشير الجميل فيها بعد تعامله مع (إسرائيل).
في ظل هذه الأزمة، ظهر لأول مرة حزب الله، وانشق التيار الثاني المعارض عن حركة أمل، ودعا أعضاؤه إلى ترك أمل والانضمام إلى حزب الله، وقد شارك نصر الله في تأسيس الحزب وانضم إليه عام 1982، عندما كان بعمر 22 سنة.
عضو مجلس الشورى
تولّى حسن نصر الله لاحقًا منصب نائب مسؤول منطقة بيروت، ثم أصبح مسؤولًا عليها، وقد أستحدث لاحقًا منصب المسؤول التنفيذي العام، وقد شغله نصر الله أيضًا وأصبح بذلك عضوًا في مجلس الشورى، وهو أعلى هيئة قيادية ضمن حزب الله.
وفي عام 1989، غادر من بيروت إلى قم في إيران، حيث تابع هناك دراساته الدينية، وفي عام 1991، بعد التطورات في الساحة اللبنانية والنزاعات المسلحة بين حزب الله وحركة أمل عاد إلى لبنان، ليستلم مسؤولياته التنفيذية السابقة، وقد أنتخب عندها عباس الموسوي أمينًا عامًا للحزب ونعيم قاسم نائبًا له.
أنتخب حسن نصر الله أمينًا عامًا لحزب الله بعد اغتيال عباس الموسوي بضربة جوية في 16 فبراير/ شباط 1992، ولم يكن في حينه عمره يتجاوز 35، وقد طور الحزب قدراته وحصل على ترسانة عسكرية متنوعة قادته لتنفيذ عمليات نوعية ضد (إسرائيل) انتهت بانسحاب الأخيرة من جنوب لبنان عام 2000 بعد احتلال استمر 22 عاما.
وفي عام 2004 كان لحسن نصر الله دورا أساسيا في عملية تبادل الأسرى مع الاحتلال، ووصفت هذه العملية بأنها أكبر صفقات تبادل الأسرى بين الطرفين، إذ لم يتم تحرير أسرى من لبنان فقط، بل شملت الصفقة مئات الأسرى من جنسيات عربية أخرى.
شعبية واسعة
زادت شعبيته في حرب يوليو/تموز 2006، والتي استمرت 33 يوما وتعرضت فيها (إسرائيل) لخسائر فادحة واضطرت للانسحاب من جنوب لبنان دون تحقيق أهدافها، حيث اكتسب نصر الله خلال هذه الحروب والمواجهات العسكرية سمعة كبيرة وشعبية واسعة في العالم العربي والإسلامي، وارتبط اسمه بمقاومة (إسرائيل).
تمتع رجل الدين المعمّم حسن نصر الله بمعرفة واسعة، خاصة في الشؤون الدينية والسياسية، وفصاحة قادرة على التحدث لوقت طويل من دون أن يتردّد أو يتلعثم.
مع اندلاع طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 انخرط حزب الله في المعركة معتبرا ذلك بأنه جبهة إسناد وتضامن للمقاومة وقطاع غزة، وقد وشهدت الحدود الإسرائيلية اللبنانية مواجهات وتبادلا للقصف بشكل شبه يومي.
وأكد نصر الله في خطبة له أن التصعيد على جبهة الجنوب لن يتوقف قبل وقف الهجوم على قطاع غزة.
وفي 27 سبتمبر/أيلول 2024 استهدفت طائرات الاحتلال الإسرائيلي ما أسماه المقر المركزي لحزب الله في الضاحية الجنوبية لبيروت، وقال إن الغارة كان هدفها اغتيال الأمين العام للحزب حسن نصر الله.
وفي اليوم التالي 28 سبتمبر أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي، اغتياله للأمين العام لحسن نصر الله.