الكويت - شهاب
قال طارق الشايع ،البرلماني الكويتي السابق ورئيس "رابطة شباب لأجل القدس العالمية - الكويت"، إن تصاعد العدوان الصهيوني على قطاع غزة ولبنان يمكن تفسيره بعوامل تتداخل فيها الأبعاد السياسية، العسكرية، والأمنية، وكذلك التطبيع والضعف العربي و الدعم الدولي للكيان، خصوصًا من القوى الكبرى.
واعتبر الشايع في تصريح لوكالة شهاب، أن "هذا الدعم لا يشمل فقط المساعدات العسكرية والاقتصادية ولكن أيضًا الحماية الدبلوماسية في المحافل الدولية. وهذا الغطاء الدولي يسمح للإحتلال بتجاهل الانتقادات الدولية والاستمرار في سياساته دون خشية كبيرة من التداعيات".
وأكد أن الوضع العربي والإسلامي الحالي يتسم بتشتت كبير وانقسامات داخلية، أدت إلى إضعاف المواقف الجماعية تجاه القضايا المحورية مثل القضية الفلسطينية، مما يسمح للكيان الإسرائيلي بالمضي قدمًا في سياساته دون أن يواجه ضغطًا موحدًا.
وشدد أن موجة التطبيع بين بعض الدول العربية والكيان الإسرائيلي في السنوات الأخيرة، منحت الأخير شعورًا متزايدًا بالحصانة تجاه انتقادات المجتمع الدولي والإقليمي.
وقال "التطبيع يجعل العديد من الأنظمة السياسية في المنطقة أقل اكتراثًا لما يحدث في غزة أو لبنان، حيث أصبحت العلاقات مع الكيان الإسرائيلي تُبنى على المصالح الاقتصادية والسياسية بدلًا من الالتزام بنصرة القضية الفلسطينية".
توتر صهيوني يدفع للتصعيد
وأوضح الشايع أن الكيان نفسه يشهد حالة من التوتر الداخلي، سواء بسبب الأوضاع السياسية أو الاجتماعية وحتى الاقتصادية، ففي كثير من الأحيان، يلجأ السياسيون عموماً إلى التصعيد العسكري كوسيلة لتوحيد الجبهة الداخلية وكسب التأييد الشعبي أو لدفع قضايا سياسية داخلية خارج نطاق التركيز الإعلامي.
وتابع "وفي ظل التصعيد الصهيوني المستمر ضد الشعبين الفلسطيني واللبناني، يمكن القول إن استجابة الحكومات والشعوب العربية تجاه هذه الأزمات تختلف بشكل كبير من حيث الجهود، التأثير، والالتزام، وهو ما يمكن تحليله من زوايا متعددة شعبية ورسمية".
وأشار أنه وعلى الرغم من إدانة العديد من الحكومات العربية والإسلامية للعدوان الإسرائيلي في المحافل الدولية، إلا أن تلك الإدانات غالبًا ما تكون رمزية، دون اتخاذ خطوات عملية ملموسة لوقف العدوان أو فرض عقوبات على الكيان. يُضاف إلى ذلك أن الدعم الاقتصادي لبعض الدول العربية والإسلامية لفلسطين ولبنان محدود وغير كافٍ لمواجهة التحديات.
وأكد الشايع أن موجة التطبيع التي شهدتها المنطقة في السنوات الأخيرة مع الاحتلال تُعتبر من أكبر مظاهر الفجوة بين الحكومات العربية والإسلامية وبين شعوبها. مما أعطى الكيان غطاءً إضافيًا لاستمرار عدوانه دون خشية من أي رد فعل حقيقي.
وتابع" يمكن للدول والشعوب العربية والإسلامية التي ترفض التطبيع أن تمارس ضغطًا دبلوماسيًا على الحكومات المطبعِة لوقف علاقاتها مع إسرائيل أو على الأقل تقليص حجم التعاون".
وأضاف "على النقيض من بعض مواقف الحكومات، فإن الشعوب العربية تُظهر تضامنًا واضحًا مع القضية الفلسطينية واللبنانية، و رغم ذلك تبقى التحديات الكبيرة قائمة. ولا تزال الشعوب تواجه قيودًا سياسية وأمنية تمنعها من التحرك بشكل فعّال لمواجهة العدوان أو دعم الفلسطينيين واللبنانيين بشكل مباشر، وتظل معظم التحركات الشعبية غير قادرة على تغيير المواقف السياسية الرسمية أو التأثير في مجرى الأحداث".
وشدد أنه وفي ظل هذا الوضع، يمكن القول إن هناك فجوة كبيرة بين ما يجب أن يُقدّم وبين الواقع الحالي، سواء على مستوى الحكومات أو الشعوب. والتحديات التي تواجه الشعبين الفلسطيني واللبناني تحتاج إلى دعم أكبر على كافة المستويات السياسية، الاقتصادية، والعسكرية، وهذا يتطلب تضافر جهود حقيقية تتجاوز التنديدات الرمزية أو التحركات الفردية.
المطلوب لوقف العدوان
وبحسب الشايع، فإن وقف عدوان الكيان الصهيوني، يتطلب استراتيجية عربية شاملة تتجاوز مجرد الإدانات الكلامية إلى اتخاذ خطوات عملية وجادة على المستويات السياسية، الاقتصادية، والإعلامية والشعبية، وفي ظل توسع موجة التطبيع بين بعض الأنظمة العربية والكيان الإسرائيلي، يصبح من الصعب تحقيق هذا الهدف دون إعادة توجيه الأولويات والقيام بإصلاحات جذرية في الموقف العربي الرسمي.
وشدد ان على الدول العربية والإسلامية أن تعيد تشكيل مواقفها بشكل منسق وموحد لدعم فلسطين ولبنان ورفض العدوان عليهما. يجب أن تكون هناك سياسات ثابتة واضحة ضد التطبيع مع الكيان الصهيونى.
وأكد أن الضغط في المحافل الدولية يتطلب تحركًا عربيًا وإسلامياً جماعيًا، مثل الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، لفرض عزلة على الكيان ومحاسبته على انتهاكات حقوق الإنسان وجرائم الحرب التي يرتكبها في فلسطين ولبنان. كما يجب الاستفادة من الاتفاقيات الدولية مثل اتفاقية جنيف لملاحقة قادة الاحتلال قانونيًا.
وقال "يجب أن تتبنى الدول العربية والإسلامية حملة مقاطعة اقتصادية شاملة، بما في ذلك وقف جميع أشكال التبادل التجاري والاقتصادي مع الكيان الصهيوني، رغم أن بعض الدول العربية والإسلامية قد طبعت علاقاتها، إلا أن الضغط الشعبي والرسمي يمكن أن يُسهم في تقليل أو إنهاء هذه العلاقات.
وتابع بالقول " يجب دعم الحركات العالمية للمقاطعة، مثل حركة المقاطعة (BDS)، والتي تهدف إلى الضغط على الاحتلال عبر مقاطعة منتجاته، ووقف الاستثمارات معه، والعزلة الأكاديمية والثقافية".
تعزيز دعم المقاومة وتحدي التطبيع
وأكد الشايع ان من واجب الدول العربية والإسلامية تقديم الدعم اللازم للفصائل المقاومة في فلسطين ولبنان، سواء ماديًا أو لوجستيًا، لضمان قدرتها على مواجهة العدوان الصهيوني، بالإضافة إلى توفير الغطاء والحماية السياسية والدبلوماسية في الساحة الدولية، والدفاع عن حقها المشروع في مقاومة الاحتلال وفقًا للقوانين الدولية.
وأشار أنه في ظل موجة التطبيع التي شهدتها بعض الدول العربية والإسلامية مع الكيان الصهيوني، يبدو أن تحقيق هذه الأهداف صعب، لكن ليس مستحيلًا، كون التطبيع يقدم للكيان نوعًا من الحصانة، ويقلل من الضغط السياسي العربي والدولي الذي كان في السابق يشكل عائقًا أمام توسعها العسكري. ومع ذلك، هناك بعض النقاط التي يمكن استغلالها لوقف هذا التمدد:
- إرادة شعبية قوية: حتى في الدول التي طبعت علاقاتها مع الكيان، الشعوب لا تزال متمسكة بالقضية الفلسطينية، وما زالت تُظهر رفضًا كبيرًا للتطبيع. الضغط الشعبي المتزايد قد يدفع الحكومات إلى مراجعة سياساتها أو التخفيف من تعاونها مع الكيان.
- استثمار التحولات الدولية: بعض التحولات في مواقف القوى الدولية، مثل الولايات المتحدة أو الاتحاد الأوروبي، قد تفتح مجالًا أمام الضغط العربي. ويمكن أن تُستغل لإعادة تشكيل الموقف الدولي.
استشهاد السنوار لحظة تاريخية
واعتبر الشايع، أن استشهاد رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، يحيى السنوار، لحظة تاريخية ومؤثرة بشكل كبير على المستوى الرمزي و الميداني في صراع الأمة مع الاحتلال الصهيوني. كونه أحد أبرز قادة المقاومة الفلسطينية، ورمزًا للقوة والصمود.
وبحسب الشايع فإن قراءة استشهاده وصوره تحمل العديد من الرسائل العميقة والدروس التي يجب أن تستوعبها الأجيال وأبناء الأمة، ومنها:
1. الثبات على المبادئ وعدم الانحناء للعدو:
استشهاد قائد بحجم يحيى السنوار، الذي عُرف بصموده وتمسكه بخيار المقاومة، يُظهر مدى أهمية الثبات على المبادئ وعدم التراجع أمام العدو مهما كانت التحديات. رسالة السنوار كانت دائمًا مرتبطة بالإصرار على تحرير الأرض والدفاع عن الشعب الفلسطيني، واستشهاده يعزز هذه الفكرة للأجيال المقبلة بأن الكفاح لا ينتهي عند القادة، بل يستمر حتى النهاية.
2. الشهادة كرمز للمقاومة ووسيلة لتحقيق النصر:
استشهاد القادة الشهادة ليس خسارة كما يراها العدو؛ بل هو تضحية واجبة لتحقيق النصر والتحرير. استشهاد السنوار يُذكّر بأن المقاومة ليست مرتبطة بفرد أو مجموعة، بل هي مشروع أمة بأكملها.
3. القيادة في الميدان وليست من المكاتب:
الشهيد السنوار كان من القادة الذين اختاروا أن يكونوا مع مجاهديهم في الميدان، ويشاركوا في تحمل المسؤولية على أرض المعركة. هذه القيادة الفعالة والفعلية هي درس للأجيال الجديدة بأن القيادة ليست مجرد توجيه من الخلف، بل تتطلب أن يكون القائد حاضرًا ومشاركًا في الميدان. هذا النموذج يعزز الثقة بين القادة والمجاهدين، ويظهر أن القيادة تُبنى على القدوة والتضحية.
4. استمرارية المقاومة رغم استشهاد القادة:
استشهاد القادة مثل يحيى السنوار يُثبت أن المقاومة لا تعتمد على فرد واحد أو قائد بعينه، بل هي حركة جماعية تستمر رغم كل المحاولات الصهيونية لإضعافها. هذا درس هام للأجيال، وهو أن المقاومة أكبر من الأفراد، وأن استشهاد القادة لا يعني نهاية الكفاح بل بداية لمرحلة جديدة من التحدي والمثابرة، لحين بلوغ خط النهاية وهو تحرير كامل الأرض.
5. إلهام الأجيال الجديدة بمفهوم الكرامة والحرية:
استشهاد السنوار يمثل رسالة للأجيال القادمة بأن الحرية والكرامة لا تُمنح، بل تُنتزع عبر الجهاد والمقاومة. واستشهاده كذلك يمثل دافعًا للشباب للاستمرار في المقاومة والدفاع عن حقوقهم وأرضهم.
6. وحدة الأمة وقضية فلسطين:
الشهيد السنوار كان رمزًا لوحدة الصف الفلسطيني والإسلامي في مواجهة العدو الصهيوني. استشهاده يعزز الدرس القائم على ضرورة توحيد الجهود العربية والإسلامية لدعم القضية الفلسطينية، سواء على المستوى السياسي، العسكري، أو الشعبي. الرسالة للأمة جمعاء هي أن استشهاد القادة يجب أن يكون نقطة انطلاق لتوحيد الصفوف، لا لتفريقها.
7. تحمل المسؤولية الجماعية:
استشهاد السنوار يحمل في طياته دعوة لتحمل المسؤولية الجماعية في الدفاع عن القضايا العادلة. فهو لم يكن فقط قائدًا ميدانيًا، بل مثالاً على القيادة المسؤولة التي تحمل هموم الأمة وتدافع عنها. هذا درس للأجيال الشابة أن النضال ليس خيارًا شخصيًا، بل واجب ومسؤولية تقع على عاتق الجميع.
8. الصبر والاستعداد لتحمل العواقب:
الشهيد السنوار كان على علم أن القيادة في صفوف المقاومة تعني احتمال الاستشهاد في أي لحظة، وهذا يُعلم الأجيال درسًا عظيمًا حول الصبر على الطريق وتحمل العواقب مهما كانت.
9. ولو لم يبقى في يدك إلا عصا فاقذفها:
وما قذف الشهيد للعصا إلا دليل قاطع لا لبس فيه بأن واجب الجهاد ولو لم يبقى في يدك إلا هذا العود لقتالهم؛ واجب قائم، وإن ثباتك على مبادئك أعظم من روحك وإن قطعت منك الأوصال ومزّعت.
10. لا استسلام ولا تراجع:
لم يقبل الاستسلام .. وقد كان ممكناً ..
لم يقبل الاختباء .. وقد كان ممكناً ..
لم يقبل التحصن بالأسرى .. وقد كان ممكناً ..
لم يقبل الابتعاد عن خط النار .. وقد كان ممكناً
وهي بمجموعها دروس للأجيال: ثبات وصمود، تضحية وفداء، وهو طريق الجهاد في سبيل الله أسمى أماني المؤمنين.