أكد أبو بكر خلاف، الباحث بالشأن الإسرائيلي والعلاقات الدولية، أن صمود حركة حماس في مواجهة العدوان الإسرائيلي على مدار 400 يوم، يعتمد على مجموعة معقدة من العوامل، تجمع بين التنظيم المحكم، البنية التحتية الدفاعية الفريدة، وتطوير وسائل توريد داخلية بنيت على مدى سنوات طويلة.
وقال خلاف في تصريح لوكالة شهاب، أن حماس عملت على تأمين قدرتها الذاتية في إنتاج الأسلحة والمتفجرات محلياً، ما منحها استقلالية نوعية بعيدا عن الحاجة إلى توريد الأسلحة التقليدية من الخارج، وأتاح لها تنويع تكتيكاتها، و استطاعت تطوير ترسانة من الصواريخ والمتفجرات والأسلحة الخفيفة التي تُصنع داخل غزة، ما ساهم في توفير أسلحة لمواصلة القتال لفترات طويلة.
وأوضح أن قدرة حماس على إنتاج الأسلحة والمتفجرات داخلياً يقلل من تأثير الحصار الإسرائيلي ويصعب حرمان الحركة من مصادر القوة العسكرية. فحتى إذا دمر الاحتلال جزءًا من ترسانة حماس، فإن القدرة على إعادة تصنيع الأسلحة محليًا تعني استمرار حماس في المواجهة والصمود والدفاع.
وأضاف " أحد العوامل الرئيسة التي أدهشت جيش الاحتلال تمثلت في الأنفاق الممتدة تحت قطاع غزة. هذه الأنفاق لا تعد فقط ملاذاً لتنفيذ العمليات، بل تعتبر نظاماً متكاملاً للتنقل، وتخزين الأسلحة وحتى تصنيعها، وقد ادعت تقارير للاحتلال أن الأنفاق تمتد بعمق يصل إلى 40 متراً، ويبلغ طولها نحو 500 كيلومتر، مما يشير إلى أن حماس استطاعت بناء شبكة واسعة ومعقدة تتيح تحركات تكتيكية تحت الأرض، مع مزايا إمدادية وقيادية لمواجهة جيش الإحتلال الذي واجه صعوبة في اكتشاف وفك طلاسم هذه الشبكة، رغم إمكانياته المتطورة جدا.
وتابع "كشف وتدمير كل هذه الأنفاق قد يستغرق وقتًا طويلًا ويستلزم عمليات عسكرية معقدة وخسائر كبيرة"
وأوضح أن حماس، تتميز بقدرتها على التنظيم المحكم والسرية التامة التي تحافظ على عناصرها، وتجنب تسريب خططها وأماكن قياداتها. وهذه القدرة على الحفاظ على السرية، رغم الأعداد الكبيرة المشاركة في العمليات، عززت من فعالية الهجمات وأمّنت استمرارية العمليات.
وشدد خلاف على أن حماس تعتمد على دعم شعبي، وتتميز بإعداد نفسي وتنظيمي للقتال الطويل، مما يعني أنها تستطيع أن تواصل العمليات حتى في ظل ظروف مدمرة، وهذا يُحبط أي هدف لنصر عسكري للاحتلال.
التكيف مع الحصار
وأشار خلاف أن حماس طورت على مدى سنوات من الحصار، تكتيكات وقدرات للتكيف مع بيئة غزة المحاصرة. تضمنت تأمين مواد خام محلية لصناعة الأسلحة، مما مكّنها الاستمرار حتى في ظل أقسى الظروف.
وقال "في ضوء هذه العوامل، يظهر أن صمود حماس لم يعتمد فقط على التسليح التقليدي، بل على استراتيجية شاملة تجمع بين القدرات التنظيمية والبنى التحتية المعقدة، مما وفر لها إمكانية الصمود أمام جيش يتمتع بقدرات تقنية وعسكرية متقدمة".
نصر الاحتلال "بعيد المنال"
وأكد خلاف، أن الاحتلال سيكون من المستحيل عليه تحقيق نصر عسكري "مطلق" كما يريد نتنياهو، رغم قدراته المتقدمة، والدعم الغربي غير المحدود.
وأشار أن عملية عسكرية عدوانية شاملة وطويلة قد تواجه أيضا ردود فعل دولية، خاصة مع ارتكاب جرائم مروعة بحق المدنيين في غزة. والضغط الدولي يمكن أن يساهم في الحد من استمرار الحملة العسكرية وقدرة الاحتلال من تحقيق أهدافها الكاملة.
وختم بالقول "النصر العسكري المطلق الذي يروج له نتنياهو هو هدف بعيد المنال. ومن المرجح أن تتواصل المواجهات على نحو دوري، كون حماس جزء من الشعب الفلسطيني, والذي من حقه وواجبه مقاومة الاحتلال، كحال كل شعوب الأرض التي نالت حريتها بالمواجهة والصمود ودفع اثمان باهظة".