أصدرت محكمة أمن الدولة الأردنية حكمًا بالسجن 10 سنوات على النائب الأردني عماد العدوان بتهمة تهريب السلاح إلى المقاومة في الضفة الغربية، كما أصدرت نفس الحكم على ثلاثة آخرين بنفس "التهمة"، ورابع حكم غيابيًا بالسجن 15 عام لنفس التهمة.
كما أطلقت سراح 8 بعد تحويل تهمتهم إلى "التجارة بالأسلحة" وهي تعتبر جنحة صغيرة في القانون الأردني عكس تهريب السلاح للمقاومة، وتم تبرئة "متهم واحد.
والعدوان (36 عاما) كان أحد أصغر النواب سنا، وينتمي إلى إحدى أشهر القبائل في الأردن، وهو محام وكان عضوا في لجنة فلسطين بمجلس النواب الأردني وله مواقف سياسية معارضة للحكومة.
وفي السياق، تواصل السلطات الأردنية منذ بدء عام 2023 اعتقال ثلاثة من مواطنيها بتهمة محاولة تزويد المقاومة الفلسطينية في الضّفة الغربية المحتلة بالسلاح.
ووفقًا لما قالته هيئة الدفاع عن معتقلي دعم المقاومة في الأردن، فإن السلطات الأردنية تتهم المعتقلين الثلاثة خالد المجدلاوي وإبراهيم جبر وحذيفة جبر بمد المقاومة في الضفة بالسلاح، وسط استمرار اعتقالهم دون محاكمة وفق "قانون منع الإرهاب" الأردني.
وفي الأول من أيلول/سبتمبر الجاري، عُقدت جلسة محاكمة للمعتقلين الثلاثة في محكمة أمن الدولة في عمّان، وجرت مناقشة أول شهود النيابة العامة من قبل هيئة الدفاع، في ظل معاناة المعتقلين من ظروف اعتقال غير قانونية تفتقد لأسس العدالة.
وأشارت هيئة الدفاع عن المعتقلين إلى أن المعتقلين الثلاثة وذويهم تعرضوا لانتهاكات قانونية جسيمة تمثلت في حرمانهم من الزيارة، والإهمال الصحي غير المبرر.
وأكدت الهيئة أن المعاملة الغليظة التي يُعامل بها المعتقلون وذووهم في هذه القضية خصوصًا، وفي قضايا دعم المقاومة عمومًا، لاسيما أن توجيه تهمة محاولة تهريب السلاح إلى المقاومة الفلسطينية شمالي الضفة الغربية لهم تتنافى مع الواجب الأخلاقي والإنساني والعروبي والإسلامي تجاه حرب الإبادة على قطاع غزة وعدوان الاحتلال الغاشم على الضفة".
ودعت الهيئة، الحكومة الأردنية للإفراج عن "الموقوفين على ذمة الدعوى لعدم وجود قرار حكم ضدهم ولعدم وجود مبرر قانوني لتوقيفهم".
وأشارت إلى أن الأفعال المنسوبة لهم إن ثبتت صحة نسبتها إليهم فهي أفعال مشروعة قانونًا وواجبة أخلاقيًا، ولا يجوز تجريمهم بالاستناد إليها بأي شكل".
ووفقًا للملتقى الوطني لدعم المقاومة وحماية الوطن في الأردن، فإن محكمة أمن الدولة جرّمت منذ عام 2007 نحو 37 شخصًا في 13 قضية على خلفية قيامهم بفعل مقاوم ضد الاحتلال الإسرائيلي، أو دعم المقاومة، من بينهم أربعة أشخاص ما زالوا يقضون محكومياتهم وثلاثة أحيلوا حديثًا إلى محكمة أمن الدولة، إذ تراوحت الأحكام بين الأشغال الشاقة المؤقتة لمدة عام، والأشغال الشاقة المؤبدة.
وأكد عضو هيئة الدفاع عن المعتقلين لدعم المقاومة المحامي عبد القادر الخطيب، أنّ السلطات الأردنية اعتقلت عشرة من مواطنيها على خلفية دورهم في دعم المقاومة، بُعيد اندلاع معركة "طوفان الأقصى" في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، أفرجت عن سبعة منهم، وأبقت على ثلاثة آخرين.
وقال الخطيب: إن "المخابرات الأردنية عذبّت المعتقلين وأرغمتهم على التوقيع على أوراق بيضاء، لانتزاع اعترافات وهمية، بعدما تعرضوا لتعذيب جسدي ومعنوي".
وأضاف أن "هذا التعذيب يتنافى أولًا مع القوانين الدولية والمحلية، وثانيًا فإن مجرد اعتقالهم أيضًا هو أمر مخالف للقانون، ولدستور القوات المسلحة الذي يُؤكد حق الشعب الأردني في مقاومة الاحتلال".
وكشف الخطيب عن إضراب سيخوضه معتقلون في السجون الأردنية على خلفية دورهم في دعم المقاومة الفلسطينية.
وأشار إلى أن المعتقلين هم إبراهيم جبر، ونجله حذيفة، وخالد المجدلاوي، مبينًا أن إبراهيم سيبدأ بخوض الإضراب المفتوح عن الطعام يوم الأحد القادم، رفضًا لسياسة التنكيل والتعذيب التي يتعرض لها مع بقية المعتقلين.
دعم المقاومة شرف
وأكد رئيس لجنة مقاومة التطبيع النقابية في الأردن بادي الرفايعة، أنّ دعم المقاومة شرف وليست تهمة تُحاسب عليها الأجهزة الأمنية في الأردن.
ووصف الرفايعة، في حديثه لوكالة"صفا"، الأنباء الواردة عن تعذيب المعتقلين، بأنها "فعل شنيع ومرفوض، يتنافى مع الأردن وقيم شعبنا الذي ينحاز برمته للقضية الفلسطينية باعتبارها قضيته المركزية".
وأضاف: "ليس من المعقول في ظل ما يفعله العدو في غزة من قتل وإبادة، وفي الوقت الذي يحتجز فيه جثمان الشهيد البطل ماهر الجازي، أن يتطوع البعض في ملاحقة المقاومين ومن يعملون لأجل مساندة المقاومة في فلسطين".
ودعا الرفايعة، الحكومة الأردنية لإلغاء ما يسمى بـ" قانون مكافحة الإرهاب"، والإفراج الفوري عن كل المعتقلين على خلفية دعم المقاومة.
وتابع: "بعد السابع من أكتوبر ينبغي أن نعيد جميعًا التفكير في العلاقة مع الاحتلال؛ الذي يعتدي ليل نهار على الوصاية الهاشمية بالقدس، ولا يتوانى عن استهداف الأردن في مخططاته".
جرائم أكبر
من ناحيته، قال رئيس لجنة العلاقات الدولية في المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج السفير الفلسطيني السابق ربحي حلوم إنّ الاحتلال يستهدف تحقيق حلمه من خلال تصفية الشعب الفلسطيني والإطباق عليه أولًا، ثم استكمال ما يسمى بـ(حرب البيت الثانية)، عبر تمدد الدولة لحدودها الطبيعية لما بين البحرين".
وأكد أن كامل التراب الفلسطيني في بؤرة الاستهداف، ويعقبه تهجير الشعب الفلسطيني لكل من مصر والأردن، وهذا يعني استهداف الجغرافيا الإقليمية المحيطة بفلسطين.
وأوضح أنّ هذه الحرب تستوجب من الأنظمة في دول الطوق الانتباه للخطر الحقيقي والعمل على مواجهته.
وأكمل: "تذكروا بأن الذين يُقاومون إسرائيل اليوم، سيكتبهم التاريخ في طليعة المتنبهين لخطر هذا الكيان وأطماعه على المنطقة".
ومؤخرًا، أطلق التجمع الشبابي الأردني لدعم المقاومة، وهيئات ولجان شعبية وشبابية، حملة على مواقع التواصل الاجتماعي، ومنها منصة "إكس" تحمل وسوم "#دعم_المقاومة_شرف"، و"#الحرية_لمعتقلي_المقاومة"، وهي تدعو السلطات الأردنية للإفراج الفوري عن المعتقلين الثلاثة.
تفاصيل مأساوية
وكشف القيادي والمعتقل السابق في السجون الأردنية خالد الجهني عن تفاصيل مأساوية لظروف واقع اعتقال عدد من يتهمهم النظام بدعم المقاومة، قائلًا: "إنهم يتواجدون في معتقل لا يليق بهم وفق الظروف الآدمية، ولا ينسجم مع القوانين الأردنية أساسًا".
وأضاف الجهني في حديث لوكالة "صفا"، أنّ "المعتقلين الثلاثة تعرضوا للتعذيب، على خلفية دورهم في دعم المقاومة، حيث تهجمت عليهم القوارض، وهم يقبعون في سجون مكتظة، وفي ظروف غاية في السوء".
وأكد أن دعم المقاومة طبع أصيل أدرني لم يتخلّ عنه الشعب الأردني طوال تاريخه الممتد، وأن العلاقة بين الشعبين "أكبر من أي جهة دولية أو اجتماعية أو سياسية تزرع الفتن أو تدق الأسافين بينهما".
ووفقًا للجهني، فإن "هناك عملية لتحويل وتبديل القوانين الأردنية بما ينسجم مع اتفاقية وادي عربة؛ التي تنص على أن دولة الاحتلال هي صديقة، وتحتم على السلطات منع أي إجراءات للمقاومة من قبيل الدعم والتهريب، وغيرها".
وأوضح أنّ "هذه القوانين باتت تلاحق حتى الكلمة في الأردن، حيث تم توقيفي على تهمة دعم المقاومة عبر منصات التواصل الاجتماعي، وفقًا لقانون الجرائم الإلكترونية".
وحذر الجهني من خطورة هذه القوانين، التي تكمن في أنها "باتت تتبنى الاحتلال كطرف صديق ودولة جوار".
وشدد على أنّ اتفاقية وادي عربة لن تؤدي بأي حال لمسح ذاكرة الشعب الأردني، وأن كل هذه الإجراءات المعدلة لن تُغير من عقيدة الشعب الأردني تجاه الاحتلال.