غزة - محمد هنية
لا يزال لدى الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترمب مرحلة انتقالية تنتهي في 20 يناير المقبل، ليترأس الييت الأبيض فعلياً في ولاية ثانية ينظر إليها الكثير من المراقبين بأنها ستكون "الأكثر إثارة" في تاريخ الولايات المتحدة.
وبينما يُغلق بايدن ملفات ولايته بصفر إنجاز في معظم الملفات وبملفات حرب ثقيلة في أوكرانيا ولبنان وغزة، فإن ثمة تساؤلات كثيرة تُطرح عن كيفية إدارة المرحلة الانتقالية من إدارة بايدن؟
ويتوقع أستاد العلوم السياسية في جامعة القاهرة البروفيسور حسن نافعة، أن يستميت بايدن في محاولة استغلال الأيام القليلة المتبقية له في البيت الأبيض لتحقيق أي إنجاز يُذكر، وهو ما يفسر مساعيه شبه اليائسة للتوصل إلى وقف لإطلاق النار في الجبهة اللبنانية.
ويرى نافعة أن بايدن فشل في معظم الملفات خلال ولايته، حيث في بدايتها فشل في العودة إلى الاتفاق الخاص بالبرنامج النووي الإيراني، وفي وسطها لم يتسبب بإشعال الحرب في أوكرانيا فحسب، وإنما أخفق بعد اندلاعها أيضاً في تركيع روسيا بالعقوبات، كما فشل في حملها بالقوة على الانسحاب من الأراضي الأوكرانية التي احتلتها، بل قد يتسبب بإشعال حرب عالمية ثالثة بسبب قراره المفاجئ السماح لأوكرانيا باستخدام صواريخ أتاكمز ATACMS أميركية الصنع في ضرب العمق الروسي.
وأوضح أن بايدن يخرج في نهاية فترة ولايته ويداه ملطختان بدماء الفلسطينيين واللبنانيين بسبب ضلوعه المباشر في حرب الإبادة الجماعية التي تشنها "إسرائيل" على قطاع غزة والضفة ولبنان منذ أكثر من عام.
ترمب والحرب الداخلية
أما الرئيس الداخل للبيت الأبيض دونالد ترمب، فيعود إليه "منتفخاً هذه المرة، ومزهواً بما حققه من انتصار كاسح أعاد إليه اعتباره وجعله يشعر، وخصوصاً بعد نجاته من محاولتين لاغتياله، بأنه مبعوث العناية الإلهية المفوض إعادة فك الولايات المتحدة وتركيبها كي تصبح من جديد مؤهلة للهيمنة على العالم"، وفق قوله.
ويرى بأن طريقة ترمب الهيمنة ليست من خلال الحروب والعمل على تغيير الأنظمة في الدول الأخرى بالقوة، مثلما اعتادت من قبلُ، لكن من خلال العمل على "جعل أميركا عظيمة مرة أخرى".
ويقول نافعة "ترامب يدرك أن تلك هي فرصته الأخيرة، وبات عليه أن يستغلها من دون حساب لعواقب داخلية قد تحول دون انتخابه فترة ولاية ثالثة غير مسموح بها دستورياً، يُتوقع أن تدور معاركه الكبرى خلال فترة ولايته الثانية في الساحة الداخلية، وليس في الساحة الخارجية".
ومما يتوقعه أستاذ العلوم السياسية المصري، أن تكون هذه المعارك شرسة ومليئة بالمخاطر، لأنها ستدور أساساً في مواجهة الدولة الأميركية العميقة.
كما يرى تفضيل ترمب عودة بعض الهدوء إلى الشرق الأوسط قبل دخوله البيت الأبيض، ولم يستبعد أن يتعاون مع بايدن في مساعيه الرامية إلى التوصل إلى وقف لإطلاق النار في الجبهة اللبنانية أو، على الأقل، عدم القيام بأي شيء يمكن أن يتسبب بعرقلة هذه المساعي.
وإذا صح هذا الاستنتاج، وفق نافعة، "فربما يتم التوصل إلى وقف موقت لإطلاق النار في الجبهة اللبنانية، وربما في غزة أيضاً، كي يصبح الطريق معبَّداً أمامه للبحث في هدوء عن أفضل السبل لتسوية قابلة للدوام تؤدي إلى تخليد اسمه في التاريخ!"، وفق حديثه.
وختم نافعة حديثه بالقول: "أياً كان الأمر فعلينا أن نتذكر أن ساكن البيت الأبيض سيظل دائماً منحازاً إلى "إسرائيل"، سواء كان اسمه بايدن أو ترامب".