منذ الإعلان عن أول خطوة وطنية نحو الحفاظ على مستقبل القضية الفلسطينية وإعادة تفعيل مؤسسات النظام السياسي، وترتيب بيئة أنسب لكل الخطوات التي تلي الانتخابات المُتوافق على إجراءها في المجلس الوطني والمجلس التشريعي، وترميم منظمة التحرير، وخطوات أخرى نحو إنهاء حالة الانقسام وتحقيق المصالحة الشاملة، وفرز قيادة قادرة على الموازنة والجمع بين المفاوضات والمقاومة، ورسم سياساتها في ضوء المتغيرات الإقليمية والدولية، بما يضمن تحقيق معظم عوامل الوحدة الوطنية وصولاً للشراكة السياسية، أشارت هذه الترتيبات والاستعدادات إفشال معظم مشاريع التطبيع والمخططات التي تشق طريقها لإجهاض كل المشاريع الوطنية التي صرح بها وتوافق عليها الكل الفلسطيني، وأحدثت انعكاساً مهماً لاكتساب المزيد من الثقة لدى الفلسطينيين والثقة المتبادلة بين الفصائل الفلسطينية.
ظهور بعض القوى الدخيلة على القضية الفلسطينية يهدد هذا المسار، وقد ينسف كل جهود التسوية الداخلية، والعودة إلى مربع النزاع من جديد، على الرغم من حُسن النوايا الحقيقية التي أبدتها حركة حماس، وأظهرتها في كافة الحوارات، وعلى الرغم من القبول المشروط لحركة فتح للبدء في إجراءات التنفيذ، وفي انتظار اجتماع الأمناء العامون.
من المؤكد أن التحديات جمّة، وخطيرة، وسيناريوهاتها متكررة، ولن تكون بعيدة عن تقديم رشوة لرئيس السلطة، وقيادات فتح، وممارسة ضغوطات دولية للتنصل من أي تفاهمات أُقِرت مع حركة حماس والفصائل الأخرى. على مستوى آخر هناك مؤثرات خارجية لتهيئة الساحة الفلسطينية لمزيد من التوتر، منها ما صرحت به هيلاري كلينتون عبر ايميلاتها حول لقاء بعض قيادات حماس مع الخارجية الأمريكية عام 2009 والذي يُعتبر ذلك منافياً لقيم ومبادئ وثوابت حماس وبرنامجها السياسي الذي يرفض أي مفاوضات مباشرة مع الاحتلال والادارة الامريكية العنصرية، وهو محاولة لتأليب الرأي العام الفلسطيني والعربي على حماس وعلى مشروع المقاومة الذي جُبل بدماء الشهداء ودماء قادتها المؤسسين الذين شيدوا تنظيماً قادراً على الجمع بين المقاومة والحكم، رغم ما يحيط به من مهددات.
مقصلة المصالحة يتم إعدادها عربياً ودولياً، لضرب مكامن القوة الفلسطينية والإيقاع بها في شَرك التفرق والتشتت، والزيارة المشتركة لرئيس الكونغرس اليهودي لمقر الرئاسة الفلسطينية تشي بأن الاحتلال لن يسمح للفلسطينيين التقاط أي فرصة للهروب من أوسلو ووقائعها التي جعلت من الفلسطينيين أصحاب الأرض والتاريخ مجردون من الهوية والبندقية.