تقرير خاص شهاب
شكّل نشر كتائب الشهيد عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة "حماس"، تسجيلا صوتيا لأحد جنود الاحتلال الأسرى لديها في قطاع غزة "صدمة كبيرة"، إذ أجمع خبراء ومحللون على أن المجتمع "الإسرائيلي وقيادته تلقوا مفاجأة مدوية.
ولأول مرة، سمحت كتائب القسام خلال وثائقي "ما خفي أعظم" عبر قناة الجزيرة ببث تسجيل صوتي لأحد الجنود الأسرى في غزة، وتطرق الفيلم إلى خفايا وتفاصيل صفقة تبادل الأسرى "وفاء الأحرار" بين حماس والاحتلال عام 2011.
ولم تُفصح كتائب القسام عن هوية الجندي أو أية تفاصيل أخرى بشأنه، لكن هذه المرة الأولى التي تُنشر فيها معلومات عن الجنود الإسرائيليين المحتجزين في غزة، منذ حرب 2014. وتحتفظ "حماس" بأربعة إسرائيليين، بينهم جنديان أُسرا خلال حرب 2014 (دون الإفصاح عن مصيرهما أو وضعهما الصحي)، والآخران دخلا غزة في ظروف مختلفة خلال السنوات الماضية.
وأكد محللون سياسيون وخبراء في الشأن الإسرائيلي في تصريحات منفصلة لوكالة "شهاب" أن ما نشرته القسام يأتي في إطار صراع الأدمغة والعقول مع الاحتلال، مشيرين إلى أنه يحمل رسائل قوية وقد يؤدي إلى تحريك الجمود بملف تبادل الأسرى.
الكاتب والمحلل السياسي أحمد أبو زهري، اعتبر أن "كتائب القسام وجهت لكمة مباشرة وضربة صاعقة لقيادة الاحتلال في توقيت سياسي وميداني بالغ الخطورة والحساسية"، موضحا أن المقاومة أرادت إيصال عدة رسائل وتحقيق مكاسب أخرى بعد نجاحها في تحقيق "صورة النصر" أمام جيش الاحتلال بمعركة "سيف القدس" التي أسست لمسار ومرحلة جديدة.
وقال أبو زهري لـ"شهاب" إن التسجيل الصوتي هو أحد أهم وأبرز الرسائل التي استهدفت كلا من المستوى السياسي، وقيادة المنظومة الأمنية، والمجتمع الإسرائيلي، مبينا أنه "تأكيد على أن هناك جنود أحياء بيد المقاومة وهذا يعني أن الحكومة الإسرائيلية كانت تكذب على عائلات الجنود فيما يتعلق بأبنائهم الاسرى".
كما مثلّ ما بثته القسام، وفق أبو زهري، رسالة تطمين للأسرى بأن قضيتكم على الطاولة وأنها تحتل الأولوية أمام كافة الملفات وأنها تبذل كل الجهد من أجل إتمام هذه الصفقة على قاعدة الشروط التي تفرضها، موضحا أن هذا التزام له قيمة أخلاقية ووطنية وسياسية.
ونوه أبو زهري إلى أن "هذه الرسائل جاءت في ظل المساعي التي تبذلها مصر وأطرافا دولية أخرى لتحريك ملف التفاوض بشأن الاسرى الموجودين في قبضة كتائب القسام، والتأكيد على تمسكها بكافة الشروط المطروحة".
وأكد أن ما أعلنته القسام "أضاف زخما جديدا إلى مكانة المقاومة وبالتحديد كتائب القسام التي تمتلك القدرة الكافية على أسر الجنود، ولديها مصداقية عالية فيما تقول، حتى أصبح المجتمع الإسرائيلي يثق في خطابها ويكذب رواية حكومته".
وتوقع أبو زهري أن تكون هناك انعكاسات متصاعدة في وجه حكومة الاحتلال التي تلقت صفعة قوية من قبل كتائب القسام في ظل أزماتها المتفاقمة، وعجزها عن تحقيق صورة النصر، وفقدانها لحالة الردع أمام المقاومة في معركة سيف القدس.
اقرأ/ي أيضا.. مروان عيسى: المقــ ـاومة تمتلك أوراق مساومة قوية لإنجاز صفقة تبادل أسرى مشرفة
بدوره، قال الباحث والمختص في الشأن الإسرائيلي عادل ياسين إن التغطية الواسعة التي حظي بها الفيديو من قبل وسائل الإعلام الإسرائيلية وحديث المسئولين الأمنيين عن متابعتهم لمخرجاته وتحليلها يدل على ان "المعطيات التي تقدمها المقاومة تحظى بمصداقية عالية وهو بحد ذاته انجاز للمقاومة".
وذكر أن "ردود الفعل لم تخرج عن سياقها الطبيعي ومثلت تكرار للسياسة الإسرائيلية التي تتهرب من الحقائق الدامغة والتي كان أخرها مؤشر على ان أحد الجنود على الأقل لا زال على قيد الحياة".
وركزت ردود فعل الاحتلال على عنصرين أولهما اتهام المقاومة بتبني أساليب حرب نفسية للضغط على الحكومة وأحراجها أمام عائلات الجنود الأسرى، والتقليل من أهمية الإنجاز الذي حققته بأسر الجنود والاحتفاظ بهم لسنوات دون أن تتمكن أجهزتها الاستخبارية من التعرف على أماكن وجودهم رغم امتلاكها لإمكانات تكنولوجية هائلة. وفق ياسين.
وأضاف ياسين لـ"شهاب" أن "ما يمكن فهمه، هو أن الحكومة الإسرائيلية بتشكيلتها الحالية لا تمتلك الجرأة على اتخاذ قرار حاسم للتوصل إلى صفقة تبادل أسرى جديدة تُحاكي صفقة شاليط لاسيما وأنها شارفت على انتهاء مدتها القانونية وتحاول تمرير هذا الملف الساخن للحكومة القادمة لوضعها في مأزق وموقف حرج أمام عائلات الجنود".
أما فيما يتعلق بإمكانية التوصل لصفقة اسرى جديدة فإن الأمر يتعلق بدور عائلات الجنود وقدرتهم على إجبار حكومة الاحتلال، على إعادة أبنائهم كما حدث مع عائلة شاليط التي اتخذت موقفا جريئا ساهم في إخراج الصفقة إلى حيز التنفيذ. بحسب ياسين.
اقرأ/ي أيضا.. بالفيديو: حمـ ـاس: الأولوية ما بعد معركة "سيف القدس" هي قضية الأسرى
من جهته، قال الخبير في الشؤون "الإسرائيلية" عدنان أبو عامر إن "المقاومة ألقت حجرًا جديدًا في المياه الراكدة لصفقة تبادل الأسرى مع الاحتلال".
وأضاف أبو عامر أنه "بغض النظر عن تفسيراته لما كشفته المقامة، لكن ذلك قد يسهم، بصورة أو بأخرى، في تحريك الجمود القائم، وإن كانت الأنظار الإسرائيلية متجهة إلى ذوي العيون الزرقاء، هناك البضاعة الدسمة التي تساوي الأثمان الباهظة!".
يشار إلى أن الصور والتسجيلات والمعلومات التي كشفت عنها كتائب القسام، قد تصدرت وسائل التواصل الاجتماعي في فلسطين وعدد من الدول العربية والإسلامية، إذ عبروا بكلماتهم عن مدى فخرهم واعتزازهم بإنجازات القسام والمقاومة بغزة في مواجهة جيش الاحتلال.
وعرض وثائقي "الجزيرة" مشاهد جديدة لكواليس عملية اختطاف "شاليط"، ومقاطع فيديو له خلال المدة التي قضاها (5 سنوات) في غزة، بالإضافة إلى جزء من أرشيف محاضر جلسات التفاوض غير المباشر حول صفقة شاليط بين إسرائيل وحماس في القاهرة برعاية مصرية.
اقرأ/ي أيضا.. ردود الفعل الإسرائيلية بعد نشر تسجيل صوتي لأحد الجنود الأسرى بغزة
وفي أكتوبر/تشرين الثاني 2011، أُبرمت صفقة لتبادل الأسرى بين حماس وإسرائيل، تم بموجبها الإفراج عن 1027 أسيراً وأسيرة فلسطينيين من سجون إسرائيل، مقابل إطلاق سراح الجندي "جلعاد شاليط" الذي كان محتجزا منذ صيف 2006.
وخلال الوثائقي الذي عرض الليلة، قال نائب القائد العام لـ"القسام"، مروان عيسى، إنهم يمتلكون أوراق مساومة لإنجاز صفقة تبادل أسرى "مُشرفة" مع إسرائيل، لافتاً إلى أن هذا الملف هو الأهم حالياً، وسيكون "الصاعق والمفجر للمفاجآت القادمة".
اقرأ/ي أيضا: بعد تهديدات حمـ ـاس.. الاحتلال يقرر إلغاء "مسيرة الأعلام" في القدس