شهاب – توفيق حميد
أثار تصريح وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، الذي قال فيه أن التدخل الروسي في سوريا مكن من كسر ما وصفها بسلسلة "الثورات الملونة" في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، تساؤلات عن أهداف التصريح وأبعاده.
المحاضر بالمعهد الأوروبي للعلوم الإنسانية صلاح القادري، رأى أن الثورات بشكل عام والعربية بشكل خاص أضرت بروسيا ومصالحها وألحقت بها هزيمة كما حدث في أفغانستان، مبيناً أن موسكو تبنت سياسة عدائية تجاه الثورات.
وأضاف القادري أن موسكو تعلمت درساً من التأخر في مساندة النظام الليبي السابق والذي أتاح للغرب من تمكين مصالحه في طرابلس، موضحاً أنها استفادت من الدرس وتحركت بشكل مغاير في سوريا ودعمت النظام منذ البداية عسكرياً وسياسياُ.
ولفت أن سياسية روسيا خاضعة للمحاور الأساسية للسياسة الخارجية الجديدة تقوم على تأمين ممرات الغاز الذي يمثل الشريان الأساسي للاقتصاد وبناء قواعد عسكرية من أجل السيطرة على البحر الأسود والمتوسط، مبيناً أن سياستها لديها قائمة أهداف استراتيجية كتثبيت الحلفاء القدماء كما فعل مع النظام السوري وصناعة حلفاء جدد وإقامة قواعد عسكرية.
وأشار القادري أن سياسة موسكو متشابهة مع السياسة الغربية القائمة على دعم الأنظمة الدكتاتورية من أجل الحفاظ على مصالحها، موضحاً أن رسالة وزير الدفاع الروسي هي أن السياسة الخارجية لبلاده تعتمد على الثورة المضادة وحرمان الشعوب العربية من الثورة على الأنظمة الديكتاتورية.
وأوضح أن روسيا نجحت بشكل جزئي في تحقيق استراتيجيتها وأهدافها على حساب الشعوب العربية، مبيناً أن تدخلها في سوريا مشابهاً للتدخل الأمريكي في العراق عام 2003 وكلاهما لم يأتي بنتائج إيجابية.
وأضاف وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو أن العمليات الروسية في سوريا أدت إلى حل قضية جيوسياسية فضلا عن وضع حد للثورات التي اجتاحت المنطقة، موضحاً أن الغرب يعتبر تلك الثورات وسيلة للدعاية والترويج للديمقراطية عبر إسقاط الأنظمة التي يعتبرها غير ديمقراطية من خلال الوسائل السلمية.
أما الخبيرة في شؤون الشرق الأوسط بروسيا يلينا سوبونينا، بينت أن موسكو قادرة على الدفاع عن نفسها بترسانتها العسكرية وبخططها، موضحة أن بلادها لديها تجربة سيئة مع الثورات والتغيير وعاشت حرب أهلية ومرحلة ثورات متتالية أضرت بالمجتمع الروسي.
ورأت سوبونينا أن الثورات العربية لم تأتي بنتائج إيجابية لروسيا، مشيراً أن موقف موسكو متحفظ جدا تجاه الثورات وترى فيها وسيلة للتدخل الغربي.
وأوضحت أن الدول الغربية تدخلت في الثورات باستخدام القوة الخارجية لتحقيق أهدافها ومصالحها على حساب روسيا، مشيرة أن التغيير الشامل في المنطقة العربية بدأ بغزو العراق عام 2003.
وأكدت سوبونينا أن الدول الغربية لا تتحمل المسؤولية تجاه ما يحدث بعد تدخلها في البلدان العربية ولا تبدل جهود حقيقية للحفاظ على بلاد الربيع العربي، مضيفة أن روسيا تدخلت في سوريا بطلب من النظام السوري وهو تدخل مشروع.
وأشارت أن موسكو تصارع على مكانها في الخريطة المستقبلية والرصيد الدولي وتدخلها مهم جداً لمصالحها، لافتة أنها حافظت على سوريا دولة موحدة.
وبينت الخبيرة في شؤون الشرق الأوسط بروسيا أن بلادها بحاجة للعملية السياسية بسوريا وهي غير معنية باستمرار الصراع المسلح في سوريا، مبينة أن الولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية تريد للازمة ان ستتسمر لإضعاف الدول العربية.
وأكدت أن روسيا حققت أهدافها وأنشأت قواعد عسكرية وحافظت على مكانها دولياً له مكان في الخريطة العالمية المستقبلية، موضحة أن روسيا نجت بالمرحلة الانتقالية وتسعى لتحقيق النجاح الحقيق عبر انهاء الحرب في سوريا.