جسّد أهالي بلدة بيتا جنوب نابلس بالضفة الغربية المحتلة كل معاني الثبات والصمود في مواصلة تصديهم للمستوطنين الذين حاولوا احتلال جبل صبيح عبر إقامة بؤرة "أفيتار" الاستيطانية عليه.
وعلى وقع المقاومة الشعبية وتصاعد المواجهات وفعاليات الإرباك الليلي، اضطر الاحتلال "الإسرائيلي" إلى إخلاء مستوطنيه من "أفيتار"، ليسجل أبناء شعبنا المنتفضين بالضفة إنجازًا جديدًا.
وانتزع أهالي بيتا الخطوة الأولى نحو النصر على الاحتلال ومستوطنيه بإجبارهم على إخلاء البؤرة وبشعور الهزيمة غادر المستوطنون "أفيتار" في محاولة لعدم إعطاء الفلسطينيين مشهد انتصار.
ورغم إخلاء جيش الاحتلال للمستوطنين من البؤرة في 2 يوليو/ تموز الماضي، إلا أن الفلسطينيين يواصلون احتجاجاتهم اليومية رفضا لبقائها تحت سيطرة الاحتلال العسكرية وللمطالبة بإعادة الأرض إلى أصحابها.
بؤرة أفيتار
"أفيتار" هي بؤرة استيطانية شيدها مستوطنون في شهر مايو /آيار الماضي على قمة جبل صبيح فوق أراضي عدد من القرى الفلسطينية جنوب نابلس، مستغلين انشغال المنطقة والعالم بالعدوان "الإسرائيلي" الأخير على غزة وقبلها القدس والضفة.
وأخذت هذه البؤرة بالتوسع سريعا، وفي غضون أيام ضم المكان ما يزيد عن 40 وحدة سكنية استيطانية، بُنيت بمبادرة من الحركة الاستيطانية “نحالاه”، وبتمويل ومساعدة لوجستية ومشاركة من عناصر جيش الاحتلال ودعم من ما يسمى المجلس الإقليمي “شومرون”.
وبنيت البؤرة الاستيطانية على أراضي بيتا، وقبلان، ويتما، على تلة “جبل الصبيح” التي كانت في الثمانينيات من القرن الماضي معسكرًا لجيش الاحتلال. وتصل مساحتها عشرات الدونمات، لكن القائمين على المشروع يخططون للاستيلاء على أراض تقدر مساحتها بنحو 600 دونم.
أما اسمها “أفيتار” فقد اختار لها المستوطنون الاسم الأول لمستوطن من مستوطنة “يتسهار” كان قد قتل في أيار/ مايو 2013، ومنذ تاريخه جرت في الأعوام 2013 و2016 و2018 ثلاث محاولات لبناء البؤرة الاستيطانية في المكان، غير أنه كان يتم إخلاء الكرفانات في كل مرة.
وتسعى الجمعيات الاستيطانية من هذه البؤرة لمنع التواصل بين البلدات الثلاث، قبلان ويتما وبيتا، ولخلق تواصل جغرافي بين مستوطنة “تفوح” غرب مفترق زعترة ومستوطنة “مجداليم” الموجودة على بعد 9 كم جنوب شرقي المفترق على طريق الغور.
تحدي وجودي
ويرى أهالي بلدة بيتا والقرى المجاورة في وجود البؤرة تحديًا لوجودهم وحقوقهم، فخرجوا في مظاهرات احتجاجية ويواصلون تنفيذ فعاليات مقاومة شعبية ضد البؤرة الاستيطانية ووجود الاحتلال، ارتقى فيها حتى الآن 6 شهداء بالإضافة إلى آلاف الإصابات.
وكان آخر الشهداء في بيتا، المواطن عماد علي دويكات (37 عاما) الذي ارتقى أمس فيما أصيب 21 بالرصاص والعشرات بالاختناق بالغاز المسيل للدموع خلال مواجهات مع الاحتلال بعد صلاة الجمعة.
وتنشط المقاومة الشعبية في بيتا بعد صلاة الجمعة أسبوعيا، وفي ساعات المساء يوميا من خلال فعاليات "الإرباك الليلي" التي استوحاها "ثوار بيتا" من الشباب الثائر في قطاع غزة، وأحدثت تطورًا مهما في مواجهة الاحتلال والمستوطنين الأشهر الماضية.
ويُشعل الشبان الفلسطينيون النار في إطارات مطاطية، وينفخ آخرون في أبواق تُصدر أصواتاً مُزعجة، بينما يُسلّط البعض مصابيح إنارة "الليزر" نحو "كرافانات" البؤرة الاستيطانية، ويحمل غيرهم مشاعل إنارة؛ بهدف إزعاج المستوطنين ودفعهم للرحيل.
ومنذ ثمانينيات القرن المنصرم، تُعرف بيتا بكونها إحدى القرى الفلسطينية المناضلة ضد الاستيطان، إذ قتل على أرضها وأصيب العديد من المستوطنين أيضا، وباتت اليوم أيقونة لمقاومة الاستيطان يبدع شبابها طرقا جديدة للمقاومة.
يشار إلى أن تقديرات "إسرائيلية" وفلسطينية تفيد بوجود نحو 650 ألف مستوطن في مستوطنات الضفة المحتلة والقدس الشرقية، يسكنون في 164 مستوطنة و124 بؤرة.