تقرير: محرر الشؤون العبرية في شهاب أ. عادل ياسين
مع انتهاء فترة الأعياد اليهودية وعودة النشاطات الاقتصادية إلى طبيعتها في (إسرائيل) بدأت التساؤلات حول قدرة حكومة نفتالي بنت على إيجاد حلول لها أو على الأقل تقليص تداعياتها السلبية على المجتمع الإسرائيلي الذي بات يئن تحت وطأتها لاسيما وانها تطال جميع المجالات سواء كانت سياسية أو أمنية أو خدماتية، فما بين الكورونا وما خلفته من أزمات اقتصادية ونفسية ومعضلة غزة التي تراوح مكانها وتكشف مدى العجز أمامها وبين تهديدات الجبهة الشمالية، عدا عن أزمات السكن والمواصلات وغيرها:
معضلة كورونا
تجدد أزمة كورونا وارتفاع عدد الإصابات والوفيات يضع حكومة نفتالي بنت في موقف محرج لاسيما وان أعضاءها لم يتوقفوا عن توجيه الانتقادات لرئيس الحكومة السابق بنيامين نتنياهو واتهمته بالفشل في إدارة الأزمة، فها هي مطالبة بتوفير الإمكانيات اللازمة سواء كانت مادية أو بشرية للمستشفيات لكي تتمكن من احتواء عدد الإصابات ومنع الوفيات في ظل الحديث عن نقص أجهزة التنفس واقتراب فصل الشتاء الذي يمثل تربة خصبة لزيادة خطرها، عدا عن عجز الحكومة وخشيتها من اتخاذ إجراءات مشددة لمنع انتشارها في ظل حالة الاستقطاب السياسي التي تعيشه الحلبة السياسية والتناقضات والخلافات حتى داخل حكومة بنت.
الأمن
الأسطوانة المشروخة التي تبنتها (إسرائيل) مؤخرا وترديد قيادتها السياسية والعسكرية لمقولة (سنرد في الوقت والزمان المناسب) تُجسد حالة الضعف التي تعيشها والعجز عن مواكبة التغيرات وحجم التهديدات المتراكمة سواء من جبهة غزة أو الجبهة الشمالية فضلا عن التهديد النووي الإيراني رغم التهديدات والتصريحات التي صدعت رؤوسنا بها منذ سنوات، فها هي تحرض العالم لتصدر المشهد امام إيران نيابة عنها، وفي المقابل ترضخ أمام غزة وتتنازل شيئا فشيئا عن شروطها وأوهامها لكي تنعم ببعض الهدوء، ولا زالت تعيش حالة من التوتر والترقب على الجبهتين الجنوبية والشمالية دون أن تحقيق الحسم أو حتى استعادة بعض الهيبة أو وقف تآكل قوة ردعها، عدا عن الخشية من اندلاع انتفاضة ثالثة في مدن الضفة وشرقي القدس.
المواصلات
ابتعاد نسبة كبيرة من المجتمع (الإسرائيلي) عن استخدام المواصلات العامة خشية انتقال العدوي والإصابة بالكورونا دفعتهم لشراء سيارات خاصة، حيث بلغ عدد السيارات التي تم شراؤها منذ بداية العام 190 ألف وهو ما أدى إلى تفاقم معضلة الازدحام المروري على الطرق وطول مدة الانتظار وصعوبة إيجاد مواقف، فضلا عن زيادة خطر الحوادث على الطرق، وهو ما يفرض على الحكومة إيجاد حلول وتطوير البنية التحتية للمواصلات التي تتطلب توفير ميزانيات كبيرة في ظل العجز الاقتصادي الذي بلغ ثلاثة أضعاف بسبب أزمة الكورونا.
المجتمع
الحديث عن تشكيل حكومة وحدة وطنية تسعى للم الشمل وتوحيد الصف لم نجد له أثر بل إن تشكيلها زاد الطين بلة وفاقمت من حالة العداء والكراهية داخل المجتمع الإسرائيلي بسبب تشتت الخارطة السياسية وما يتخللها من استقطاب بين مكوناتها؛ بل إن الحكومة بحد ذاتها تعاني من تناقضات وخلافات يصعب تجسيرها أو إيجاد حل لإنهائها وهو ما يفسر حالة القلق الذي يعبر عنه الكثير من المحللين لما يشكله من خطر وجودي على (إسرائيل) ويكفي أن نذكر ما قاله الجنرال احتياط عاموس جلعاد ( إسرائيل قصر كبير تحميه جدران كبيرة لكن الديدان تأكله من الداخل).
الاقتصاد
الإجراءات المشددة التي فرضتها الحكومة الإسرائيلية للتعامل مع أزمة الكورونا ألقت بظلالها الكئيبة على أصحاب المشاريع الصغيرة والعاملين في السوق الحرة وهو ما يوجّب على الحكومة اتخاذ إجراءات لإنقاذ الاقتصاد وإخراجه من حالة الركود التي يعاني منها؛ لكن استمرار الأزمة وارتفاع عدد الإصابات قد يشكل عائقا أمامها لإعادة الحياة للنشاطات الاقتصادية إن لم نقل سيفاقم من حدة الأزمة.
الأمن الداخلي
الدراسات المتتالية التي تظهر فقدان ثقة المجتمع بالحكومة ومؤسسات (الدولة) تساهم في زيادة حالات العنف والتسيب التي بدت ملامحها واضحة في المدن (الإسرائيلية) عدا عن ذلك فقد اثبتت المواجهات التي شهدتها المدن المختلطة بين العرب واليهود خلال معركة سيف القدس (عملية حارس الأسوار) عجز الشرطة عن فرض سيطرتها لاسيما وأنها تعاني من شح الإمكانيات ونقص الكادر البشري، ما يعني أن تعهدات الحكومة بحل مشكلة العنف لن يكون لها رصيد على الأقل في المستقبل القريب.
الخلافات السياسية
إحدى التحديات التي تواجه حكومة نفتالي بنت هي القدرة على جسر الهوة بين أقطابها والحفاظ على تماسكهم لكي تتمكن من تمرير الميزانية في الوقت المحدد والذي سينتهي في منتصف نوفمبر القادم ، خصوصا في ظل تربص المعارضة التي لم ولن تألُو جهدا لإسقاطها.
السكن
معضلة السكن تتناقلها حكومة بعد أخرى دون ان تتمكن من إيجاد حل لها ؛ بل إن هذه المشكلة تتفاقم في ظل الارتفاع المهول لأسعارها وعدم ملاءمة العرض مع الطلب، وهو ما دفع البعض للمطالبة بإقامة أحياء سكنية في النقب وإقامة مشاريع أخرى تشجع السكان للعيش للاستفادة من المناطق الصحراوية وتطبيق السيادة عليها امتثالا لتوصية مؤسس (الدولة) دافيد بن غوريون: "إن لم نقضى على الصحراء فستقضى علينا".