في الثالث من يناير عام 2016م، وبعد أربع سنوات من إنجاز صفقة تبادل الأسرى مع الاحتلال الإسرائيلي، سمح القائد العام لكتائب القسام محمد الضيف، وبقرار استثنائي، بالكشف عن أكثر وحدات القسام سرية وهي "وحدة الظل" التي تمكنت من الاحتفاظ بالجندي الأسير في غزة جلعاد شاليط لمدة 5 أعوام، ولا تزال تحكم قبضتها حتى اللحظة على عدد من جنود الاحتلال أسرى لديها.
كشْف القسام عن الوحدة جاء بعد عشر سنوات من تأسيسها عام 2006م، والتي ظلت طيّ الكتمان منذ ذلك الحين، الأمر الذي أسهم في نجاح الوحدة في المشاركة المباشرة في أعقد عملية أمنية خاضتها المقاومة في تاريخ الصراع مع العدو.
فشل استخباراتي
وخلال مقطع فيديو نشرته القسام حول طبيعة عمل وحدة الظل، كشفت قيادة الكتائب عن دور خمسة من شهدائها الذين احتفظوا بسر من أخطر أسرار المقاومة، وشاركوا بشكل مباشر في احتجاز شاليط طوال فترة أسره، وهم القادة الميدانيون: سامي الحمايدة، وعبد الله لبد، وخالد أبو بكرة، ومحمد داود، وعبد الرحمن المباشر، إضافة إلى القائدين الكبيرين محمد أبو شمالة ورائد العطار.
وفي إشارة إلى مدى الفشل الأمني الإسرائيلي في الكشف عن مكان احتجاز الجندي شاليط، نشرت القسام صورًا لشاليط وهو يتنزه في مكان مفتوح، وصورًا أخرى تُظهر احتجازه داخل شقة سكنية، فيما كانت التقديرات الاستخباراتية الإسرائيلية تشير إلى احتجازه داخل أحد الأنفاق.
حلقة مفقودة
مقطع الفيديو الذي نشرته القسام خُتم بمشهد يظهر أحد عناصر الوحدة وهو يفتح ملفًا جديدًا يحمل المعلومات الخاصة بالجندي الإسرائيلي شاؤول آرون الذي أعلنت القسام أنها أسرته خلال العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة عام 2014م، في إشارة تحمل دلالات مختلفة.
ووفقًا للمتحدث العسكري باسم كتائب القسام أبو عبيدة فإن تأسيس الوحدة جاء لاعتبارات عملياتية في إطار مهمة كسر قيود الأسرى الفلسطينيين في سجون العدو، مبيّنًا أن الوحدة بضباطها وجنودها هي بمثابة حلقة مفقودة، ومهمتها الأساسية أن تظل على الدوام كذلك.
وأوضح أن اختيار مجاهدي هذه الوحدة يتم من جميع الألوية والتشكيلات القتالية وفق معايير دقيقة، ويتم إخضاعهم لاختبارات عديدة مباشرة وغير مباشرة، كما أنهم يتمتعون بالحنكة العالية والخبرة الأمنية والكفاءة القتالية المتميزة.
بدورها أشارت القسام إلى أن أبرز مهام وحدة الظل هي تأمين أسرى العدو الذين يقعون في أسر الكتائب، وإبقاؤهم في دائرة المجهول، وإحباط جهود العدو المبذولة بهذا الخصوص، إضافة إلى معاملة أسرى العدو بكرامة واحترام وفق أحكام الإسلام، وتوفير الرعاية التامة لهم ماديًا ومعنويًا، مع الأخذ بعين الاعتبار معاملة العدو للأسرى المجاهدين.
واستطاعت كتائب القسام وعبر إبرام صفقة تبادل أسرى مع الاحتلال الإسرائيلي بوساطة مصرية الإفراج عن 1027 أسيرًا من سجون الاحتلال في أكتوبر 2011م، مقابل الجندي الأسير جلعاد شاليط.
اللبنة الأولى
وفي أول ظهور إعلامي له وخلال برنامج "ما خفي أعظم"، كشف نائب القائد العام لكتائب القسام مروان عيسى عن دور الشهيد القائد باسم عيسى قائد لواء غزة في تشكيل الفريق الأول للوحدة التي أوكل إليها مهمة الاحتفاظ بالجندي شاليط.
وبيّن خلال ظهوره في الحلقة التي حملت عنوان "في قبضة المقاومة" أن الشهيد باسم عيسى الذي ارتقى في معركة "سيف القدس" كان له دور مهم في إخفاء شاليط في الفترة الأولى من عملية الأسر.
وأكد عيسى أن المقاومة تمتلك أوراق مساومة لإنجاز صفقة تبادل مشرفة لأسرانا، وأن ملف الأسرى هو الملف الأهم الموجود على طاولة كتائب القسام.
وأشار إلى أن ملف الأسرى في سجون الاحتلال سيكون الصاعق والمفجر للمفاجآت القادمة للعدو، ولا يزال المجاهدون في وحدة الظل على رأس عملهم، ويحافظون على الأسرى الذين بين أيدينا حتى هذه اللحظة.
مهمة جديدة
وما إن تُوج جهاد وحدة الظل بإتمام صفقة "وفاء الأحرار" بصورة مشرفة، حتى أوكل إليها مهمة جديدة تمثلت بالاحتفاظ بأسرى إسرائيليين أسرتهم كتائب القسام، وهم: شاؤول آرون، وهدار غولدن، وأفيرا منغستو، وهشام السيد.
وكحال شاليط، لا تزال وحدة الظل منذ العام 2014م وحتى يومنا هذا تغيب هؤلاء الأسرى في غياهب ظلها دون أن يعلم العدو شيئًا عن مصيرهم، بانتظار رضوخه لشروط المقاومة، وإطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين من سجونه.
وطالما بقي أسير واحد يعاني في سجون الاحتلال، فإن كتائب القسام ستبقى على عهدها مع الأسرى في تأدية مهمتها المقدسة في مقاومة الاحتلال وتحرير الأسرى الأبطال من سجونه.