عادل ياسين محرر الشؤون العبرية في وكالة "شهاب"
قد يُخَيَل لمن تابع التغطية الواسعة التي حظي بها الإعلان عن انتهاء إقامة العائق على حدود غزة في وسائل الإعلام (الإسرائيلية) وما تخللها من احتفالات وتصريحات لقادة سياسيين وعسكريين بأننا أمام مرحلة جديدة، سينعم فيها جيش العدو ومستوطنوه بالأمن والأمان, اعتمادا على العائق الأرضي ومكوناته التكنولوجية المتطورة وأجهزة الاستشعار المتعددة والمتنوعة والرادارات التي ترصد التحركات وتتابع المتغيرات, وأن المقاومة ستصاب بحالة من الشلل والعجز عن مواصلة طريقها أمام هذا العائق الذي يفقدها القدرة على استغلال الأنفاق الهجومية لمقارعة الاحتلال؛ إلا أن قراءة سريعة وعابرة للواقع الآني ولمجريات الأحداث التي عايشتها غزة على مدار السنوات الماضية يدل على أن الانفاق مهما بلغت من أهمية إلا أنها لا تعدو عن كونها وسيلة واحدة من الوسائل الإبداعية التي ابتكرتها المقاومة.
القدرات الصاروخية:
إبداع المقاومة في نقل المعركة إلى عمق العدو من خلال امتلاك وتطوير قدراتها الصاروخية شَكَل تحدٍ كبير أمام (إسرائيل) فرغم مرور 20 عام على إطلاق أول صاروخ من غزة إلا أنها لم تتمكن حتى اللحظة من إيجاد حلول جذرية أمام هذا التهديد النوعي الذي يكشف سوءتها وعجزها عن حماية جبهتها الداخلية وقد تجلى ذلك خلال معركة سيف القدس حينما دكت صواريخ المقاومة قلاعهم وقواعدهم العسكرية ومنشآتهم المدنية مرارا وتكرارا؛ بل إن مستوطنات الغلاف وخصوصا عسقلان تحولت إلى مدينة اشباح وباتت تئن تحت الضربات الصاروخية التي استمرت حتى اللحظات الأخيرة دون أن يتمكن سلاح الجو بإمكانياته الهائلة وقدراته الاستخبارية ومنظوماته الدفاعية من إيقافها.
الحوامات والطائرات المسيرة
التحذيرات المتتالية التي كشف عنها تقرير مراقب الدولة الأخير من خطر الحوامات والطائرات المسيرة التي استخدمتها المقاومة بشكل جزئي خلال العدوان الأخير؛ يدل على مدى خطورة هذه الوسائل على الجبهة الداخلية وعلى قواعد الجيش في ظل الافتقار إلى القدرة في التعامل معها، حيث أشارت المعطيات إلى أن غالبية قواعد الجيش لا تمتلك القدرة على اعتراضها , وما يزيد من خطورة استخدامها هو إصرار المقاومة على تطويرها وإمكانية إطلاق أسراب منها خلال أي مواجهة قادمة بالتزامن مع إطلاق الرشقات الصاروخية لتعطيل وتحييد منظومة القبة الحديدية لاسيما وأن اعتراضها يتطلب استخدام صواريخ جو-جو (بايتون) المعد لاستهداف الطائرات الحربية.
المواجهة في الساحة البحرية
تستحوذ الساحة البحرية عل اهتمام كبير لدي صانعي القرار في (إسرائيل) لما تتميز به من ضبابية وصعوبة السيطرة على ما يحدث فوق سطح البحر أو في اعماقه ,ووجود العديد من المنشآت الاستراتيجية كحقول الغاز التي تتطلب حماية خاصة ودائمة لمنع المساس بها ؛ عدا عن اعتباره شريان الحياة الرئيس للنشاطات الاقتصادية في (إسرائيل) ما يعني ان أي تهديد مهما بلغت بساطته سيشكل مصدر قلق كبير واستنزاف للإمكانات العسكرية والأمنية ؛ عدا عن الخشية من إمكانية تكرار ما حدث في زيكيم إبان عملية الجرف الصامد عام 2014 واستخدام آليات بحرية غير مأهولة.
الخلاصة
الحقيقة التي لا يمكن تجاهلها هي أن التحصن بالجدران هي سياسة يتبناها الضعفاء والجبناء واعتراف ضمني بالعجز والفشل في إخضاع الطرف الآخر؛ لكن أكثر ما يُقلق (إسرائيل) هو إدراكها أن مقاومة غزة ماضية في طريقها لتطوير إمكانياتها رغم المعيقات والتحديات وأن لديها عقول قادرة على الإبداع والتأقلم مع التغيرات دون كلل أو ملل أو تفكير في التراجع؛ فهي التي حولت البالونات والطائرات الورقية البدائية إلي وسيلة فعالة لانتزاع الحقوق وتغيير المعادلات – أما حلم نزع سلاحها وإيقاف مسيرتها فسيبقي وهم ستبدده الأيام.