في الثامن والعشرين عام 2005 نفذ الشهيد القسامي عبد الرحمن قيسـية على الطريق المؤدي للمحطة المركزية بمدينة بئر السبع المحتلة، ليوقع 50 جريحًا إسرائيلية بينهم اثنان بحال الخطر.
انتظر الاحتلال الإسرائيلي 15 يومًا ليعترف بوقوع العملية بعد أن أعلنت حركة حماس عن وقوعها، ما عدّه الخبراء والمحللون فشلًا استخباراتيًا للاحتلال، واصفين العملية بالمعقدة.
عبد الرحمن يبصر نورَ الدنيا
ولد الشهيد عبد الرحمن داوود قيسية في بلدة الظاهرية جنوب الخليل عام 1986، في أسرة مكونة من ثلاثة عشر فردا.
تلقى تعليمه الأساسي في مدرسة عثمان بن عفان، ثم أكمل تعليمه الثانوي في مدرسة ذكور الظاهرية الثانوية، واضطر لترك الدراسة بعد الصف العاشر، والتوجه نحو العمل، لمساعدة أهله بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة بالرغم من إصرار الأهل على إكمال تعليمه.
واظب الشهيد ومنذ نعومة أظافره على مسجد التقوى، فعرفه الناس بصوته الندي المجلجل بصوت الحق في الأذان، وحسن تلاوته للقرآن فقد كان يقدم لإمامة الناس لحسن صوته وتلاوته الجميلة.
عرف عن الشهيد بره لوالديه وخدمته لهم، فلقد عمل مع والده في تربية الأغنام بعد تركه للدراسة، وأكثر ما يميزه أنه كان لا يصبر عندما يرى حرمات الله تنتهك، فيسارع لنهي الناس سواء رجال أو نساء عن فعل المنكر.
نظرات مودّع
قبل يوم من استشهاده قام عبد الرحمن بزيارة جميع أقاربه وأخواته وأخوته، ويطلب المسامحة، لم يعلم أحد السبب، وراح يتجول في البلدة مودعا أصدقاءه وأحبابه.
يقول والد الشهيد إن عبد الرحمن بعد أن صلى الفجر في المسجد وعاد إلى المنزل في تلك الليلة التي قضاها في قراءة القرآن والصلاة طوال الليل، وقبل خروجه للعمل صبيحة يوم 28/آب/2005 وقف أمام أبيه وعيونه تحدق به، يقول والده “بقي ينظر إلي حوالي خمس دقائق دون أن يتكلم، سألته ما بك يا عبد الرحمن، أجابني لاشي سامحني و ادع لي يا أبي.. وغادر البيت”.
يوم الشهادة
وفي نفس اليوم أعلنت وسائل الإعلام الاسرائيلية عن عملية استشهادية نفذها فلسطيني، أسفرت _حسب اعتراف العدو _ عن مقتل مستوطن وإصابة العشرات.
ويبقى عبد الرحمن علما في سماء وطنه والبلدة الطيبة التي احتضنته، وخرجت الشهداء الأبطال ليكونوا نبراسا ومنارة نحو الحرية واسترجاع الحقوق الفلسطينية.
