استشهد الزميل الصحفي محمد بعلوشة مراسل قناة المشهد في قصف استهدف منزله في شارع أحمد ياسين بحي الصفطاوي شمال غزة، بعد يوم واحد فقط من استشهاد المصور الصحفي شادي السلفيتي جراء قصف إسرائيلي غادر بمدينة غزة.
والشهيد محمد بعلوشة صاحب فيديو نشر فى السادس عشر من ديسمبر للعام الماضى ألتقطته عبر خاصية السلفي بعد اصابته بعيار ناري فى القدم فى منطقة تغيطة بعيدة عن الجمهور وترك ينزف لساعات بعد ان نقلته سيارات الاسعاف.
ويرتفع بذلك عدد الصحفيين الذين قضوا نحبهم منذ السابع من أكتوبر 2023 إلى 195 صحفيا.
من جانبهم أكد إعلاميون وحقوقيون فلسطينيون أن مواصلة الصحفي الفلسطيني رسالته الإعلامية رغم شراسة الاستهداف الإسرائيلي يمثل إفشال لأهداف الاحتلال الساعي لحجب الرواية الفلسطينية وإخفاء جرائم الإبادة عن أنظار المجتمع الدولي، مؤكدين ضرورة ملاحقة الاحتلال الإسرائيلي في المحاكم الدولية والحيلولة دون إفلاته من العقاب.
الشواهد كثيرة
في السياق قالت الصحفية ربا العجرمي أن الصحفيين يوثقون جرائم الاحتلال على مدار اللحظة، وقالت: "كل هذه الحقائق والجرائم الإسرائيلية نرصدها ونحن في الميدان طيلة 15 شهراً، ولم نغادر الميدان ولو لدقيقة واحدة، ونتعرض لكل ما يتعرض له شعبنا من نزوح وتجويع وقتل وحرمان من أبسط الاحتياجات، ونتساءل هل بقي شيء نتحدث عنه ونقوله وقد تحدثنا عن كل شيء."
وأضافت العجرمي: "الصحفيون منذ بداية الحرب ينزحون ويحملون عبء عائلاتهم، ويبحثون عن مآوى ومنطقة آمنة وعن متر واحد آمن لنقل الرسالة الإعلامية"، ومضت تقول: "استهداف الصحفيين وصمة عار في جبين المجتمع الدولي وكل منظماته الحقوقية والقانونية التي كلفت للصحفيين حق العمل والتنقل ونقل الصورة والحقيقة في كل مناطق النزاعات والحروب."
بدوره، استعرض مراسل موقع العربي الجديد ضياء الكحلوت تجربته الشخصية جراء الاستهداف الإسرائيلي، ومضى يقول: "قبل عام وأربعة أيام تم اعتقالي من بيت لاهيا شمال غزة مع العشرات من المدنيين، وقد تعرف الجيش على عملي كصحفي، وتم استهدافي بشكل ممنهج على خلفية كتابة تقارير وتم التدقيق على بعض التقارير."
وتابع : " الشواهد على الاستهداف الإسرائيلي للصحفيين كثيرة جداً، فالصحفيون منذ اليوم الأول للحرب كانوا عرضة للاستهداف الذي طال أسرهم وأقاربهم وكذلك المقرات الإعلامية"، مضيفاً "قدمت وسجلت قضايا لدى محاكم دولية وعبر مؤسسة دولية في فرنسا لمقاضاة الاحتلال على استهدافي وزملائي الصحفيين."
وقال الصحفي الكحلوت: "سجلت شهادتي سبع مرات لدى مؤسسات دولية وتم تهديدي لكن ذلك لم يمنعني"، مشيداً ببسالة وبطولة الصحفي الفلسطيني الذي يتحدى المخاطر الأمنية وقسوة الظروف المعيشية في سبيل نقل معاناة الشعب الفلسطيني، وتابع قوله:" حرص الصحفيون على أداء رسالتهم في ظل ظروف غير طبيعية وافتقاد للإنترنت والكهرباء"، مؤكداً أن الصحفي الفلسطيني "يستحق وسام كبير".
من جانبه، اتهم مراسل قناة الجزيرة الصحفي محمد قريقع جيش الاحتلال الإسرائيلي بالسعي لتحييد الصورة من خلال استهداف الصحفيين والانتقام منهم عبر المس بأسرهم، ومضى يقول: "الاحتلال بحربه غير المسبوقة على قطاع غزة يحاول تحييد الصورة وجعلها حكراً عليه فقط، وليس لأي صحفي آخر، لذا عمد لقتل الصحفيين في مختلف الأماكن"، مشيراً إلى استشهاد 195 صحفيا جراء الاستهداف الإسرائيلي فضلاً عن اعتقال العشرات وإصابة المئات منهم.
وبين أن سبل المواجهة لهذه الهجمة غير المسبوقة على الأسرة الصحفية يتمثل بضرورة "تسليط الضوء عليها إعلامياً على الساحتين العربية والدولية"، وتابع قوله: "هناك قصور من المؤسسات الدولية والحقوقية والإعلامية التي تركت الصحفيين دون أي سند، ولم نستمع لأي تصريحات يمكن أن تؤثر على الاحتلال وتدفعه للتراجع عن استهدافه للصحفيين."
وأضاف قريقع "هناك تواطؤ واضح وملموس من قبل المؤسسات الدولية التي لم تحرك ساكن رغم شراسة الاستهداف الإسرائيلي للصحفيين، ويجب ممارسة الضغط على هذه المؤسسات الدولية حتى تضغط على الاحتلال لوقف استهدافه للصحفيين والتشهير بهم وتهديدهم إن استمروا بالتغطية الإعلامية"، مؤكداً ضرورة دعم ومساندة الصحفيين في قطاع غزة.
وتابع مراسل الجزيرة قائلاً: "نقل الصورة والرسالة الصحفية في قطاع غزة كلفته الأرواح، وبالتالي علينا أن نضغط على الجهات المؤثرة دولياً لتمارس الضغط بشكل قوي وفعال على الاحتلال الإسرائيلي سواء عبر مؤتمرات أو إرسال مذكرات ومخاطبات لدفعه للتراجع عن استهداف الصحفيين."
ملاحقة دولية
وفي السياق ذاته، وصفت الحقوقية نسمة الحلبي من الهيئة المستقلة لحقوق المواطن، بيئة عمل الصحفيين الفلسطينيين بأنها "أكثر المناطق خطورة ودموية في العالم"، وقالت: "للأسف هناك استهداف إسرائيلي متعمد وضمن سياسات ممنهجة ضد الصحفيين"، مضيفة أن الخطورة اليوم تتمثل بعدم تمكن الكثير من الصحفيين من الوصول إلى الأماكن التي يرتكب فيها جيش الاحتلال جرائمه، وبالتالي تعذر إمكانية إخبار العالم بما يجري عبر منع الصحفيين من أداء مهامهم.
وأضافت أن "الدور الحيوي والفعال الذي يجب أن يقوم به الصحفيون في هذه الأوانة يعمل الاحتلال على تغييبه من خلال الاستهداف والقتل دون أي اكتراث بالقوانين الدولية التي تصنف الصحفيين كمدنيين محمين بموجب القوانين الدولية والأعراف والمواثيق الإنسانية"، مبينة أن كل ما يتحدث به الصحفيين سواء ما يتعلق باستهدافهم أو استهداف المدنيين في قطاع غزة يمثل "شهادات حية لهذه الجرائم التي يجب أن تجرى من قبل الجهات الدولية المختصة تحقيقات فورية ونزيهة ومستقلة بشأنها لضمان عدم الإفلات من المحاسبة والعقاب".
وقتل جيش الاحتلال الإسرائيلي 195 صحفياً فلسطينياً منذ بداية عدوانه على قطاع غزة في السابع من أكتوبر 2023، واعتقل أكثر من ثلاثين صحفياً، كما دمر مقار أكثر من 100 مؤسسة إعلامية في القطاع الساحلي.