تقرير / شهاب
اشتكى عدد كبير من النازحين من الانتشار الكبير للفئران التي باتت تجتاح خيامهم بصورة لم يألفوها من قبل، حتى أنها باتت تقاسمهم طعامهم وتقضم فراشهم وملابسهم، وسط تعاظم المخاوف من انتشار الأمراض بسبب هذه القوارض.
ولليوم الـ457 على التوالي، يعيش مئات الآلاف من النازحين معاناة رهيبة في خيام النزوح نتيجة استمرار حرب الإبادة الجماعية التي راح ضحيتها حتى اللحظة 45,805 شهداء و109,064 إصابة وآلاف المفقودين.
وساهم التدمير الإسرائيلي الممنهج للمنازل والبنية التحتية وعرقلة ووقف عمل جميع بلديات القطاع في انتشار القوارض بين خيام النازحين وفي تجمعات القمامة التي باتت تسد الشوارع وتنتشر بشكل كبير.
النازح محمد أبو شعبان (33 عامًا) اكتشف وجود الفئران في خيمته بعدما اشتكى إليه أحد أطفاله من أنه يشعر بأن شيئًا غريبًا يمشي على وجهه خلال نومه في الليل.
يضيف أبو شعبان لوكالة شهاب: في اليوم التالي بدأت بتفقد زوايا الخيمة وتفاجأت بوجود عش محفور داخل الأرض، وعندما بدأت بسكب جالون من المياه بداخله، خرجت مجموعة من الفئران بصورة مفزعة.
ويتابع أبو شعبان، النازح في بلدة الزوايدة وسط قطاع غزة: اعتقدت أنني تمكنت من القضاء على الفئران بعد هذا الموقف، ولكن بعد عدة أيام تفاجأت بوجود آثار فضلات الفئران في أحد الصناديق التي أحفظ داخلها المواد الغذائية. وبعد فحصي للأكياس، وجدت الفئران قد نهشت أحد أكياس الطحين والأرز.
ويواصل أبو شعبان: لجأت إلى شراء عدة فخاخ في محاولة للقضاء على الفئران، لكن دون فائدة، فيما تتواصل معاناة أطفالي الذين باتوا يغطون وجوههم على غير العادة أثناء نومهم، ذعرًا من هاجس مرور الفئران عليهم أثناء نومهم.
"خوف وذعر"
حسين الغلبان (42 عامًا) يعاني هو الآخر مع أفراد عائلته من الانتشار الكبير للفئران في خيمته ومحيطها في دير البلح وسط قطاع غزة، الأمر الذي سبب ذعرًا مستمرًا لزوجته وأطفاله.
يقول الغلبان لوكالة شهاب: أطفالي باتوا لا يحبون قدوم الليل ويخافون من النوم بسبب انتشار الفئران داخل خيمتنا، فيما أنام أنا وزوجتي متيقظين خوفًا من صراخ الأطفال أو استيقاظهم بصورة مفاجئة.
ويتابع: أكثر ما أخشاه هو أن تسبب هذه الفئران الأمراض لأطفالي، خاصة أني وجدت فضلاتها بين الصحون والأدوات التي نستخدمها في الأكل.
ويضيف: بعد هذا الموقف بدأت أشدد على زوجتي وأطفالي بضرورة غسل أي أدوات يستخدمونها في تناول الطعام والشراب، وصرت أستهلك كميات مضاعفة من معجون غسيل الأواني مرتفع الثمن.
ويواصل الغلبان حديثه: كنت أعتقد أني أعاني وحدي من مشكلة انتشار الفئران، لأتفاجأ بأن جميع جيراني من النازحين يعانون من ذات المشكلة، إذ تقوم الفئران بحفر أعشاش وأنفاق تحت خيامهم تدخل وتخرج منها.
"أمراض معدية وأوبئة"
من جانبه، قال الطبيب البيطري سعود الشوا إن القوارض انتشرت بصورة كبيرة في أماكن النزوح ومراكز الإيواء، معربًا عن أسفه من أنها تقوم بتلويث الطعام وتتسبب بأضرار في ممتلكات النازحين.
وأوضح الشوا في دراسة نشرها برفقة عدد من المختصين اطلعت عليها وكالة شهاب أن هذه القوارض تتسبب في عدد من الأمراض المنقولة بالغذاء والعديد من الأمراض المعدية والأوبئة، مثل الطاعون وبكتيريا السالمونيلا التي تنتقل من فضلات القوارض.
وبيّن أن القوارض تسبب داء اللولبيات "البريميات" الذي ينتقل عبر ملامسة المياه أو التربة الملوثة ببول القوارض، وكذلك طفيل التوكسوبلازما وحمى عضة الجرذ، وتنقل كذلك فيروس هانتا عن طريق استنشاق الجسيمات الدقيقة المتطايرة من بول أو براز القوارض. وقد يؤدي هذا المرض إلى التهابات تنفسية شديدة وفشل كلوي.
"إجراءات وقائية"
وحثت الدراسة النازحين على تغطية الأطعمة بصورة جيدة والاحتفاظ بها في مكان مرتفع عن سطح الأرض، وكذلك الاحتفاظ بالمواد الغذائية في حاويات مغلقة بإحكام.
وطالب الشوا النازحين بسد الفتحات والتشققات والمحافظة على المكان مغلقًا ونظيفًا وفي حالة جيدة، وحفظ النفايات بأكياس مغلقة في حاويات مغطاة.
وشدد على ضرورة الحفاظ على نظافة المكان من الخارج ومحيطه، والتأكد من خلوه من بقايا الطعام وغيرها من الفضلات والمخلفات التي قد تكون مأوى للفئران والجرذان وغيرها من الآفات.
"انتشار أمراض خطيرة"
بدورها، حذرت بلدية غزة مؤخرًا من مخاطر انتشار أمراض خطيرة بسبب انتشار القوارض نتيجة تراكم كميات كبيرة من النفايات الصلبة في شوارع المدينة بسبب نفاد الوقود ومنع الاحتلال طواقم البلدية من الوصول إلى المكب الرئيس شرق المدينة وتدمير آليات البلدية.
وأكدت البلدية أن تراكم كميات كبيرة من النفايات الصلبة، وتدمير آليات البلدية، وتسرب مياه الصرف الصحي في شوارع المدينة أدى إلى انتشار الأمراض وتلوث الخزان الجوفي وانتشار الجرذان والحشرات الضارة والروائح الكريهة.