"من منطقة آمنة لمنطقة قتال"

"ما في حد حاسس فينا".. عشرات النازحين يغادرون "دير البلح البلد" إلى المجهول

خاص _ حمزة عماد 

تائهون، مشتتون، لا يعرفون الطريق، مشاهد النزوح أشبه بأهوال يوم القيامة، لم يعد للنازحين مكان يذهبون إليه، بعد الطلب منهم بإخلاء منطقة "دير البلح البلد" التي تعتبر منطقة إنسانية آمنة يطلب من الجميع الذهاب إليها، اليوم جاء دور الآمنين في خيامهم أن ينزحوا إلى المجهول.

فجأة ومن دون إنذار مسبق، أُعلن عن المنطقة الإنسانية منطقة قتال، يمارس الاحتلال يوميًا ضغطًا مهولًا على النازحين من خلال دعوات الإخلاء دون وجود مساحات كافية لمئات آلاف النازحين، مناطق المواصي بأكملها ممتلئة ولا يوجد أي شارع أو مساحة صغيرة فارغة، بل باتت الخيام على شاطىء البحر.

نازحون خرجوا من خيامهم تحديدًا من منطقة "دير البلح البلد" إلى المجهول، قالوا إن الاحتلال أنذر هذه المنطقة الآمنة فجأة، ولا يوجد مكان يذهبون إليه، مؤكدين أن الاحتلال يمارس الترهيب والنزوح والتضييق علينا.

بحقائب مدرسية خرجت النازحة أمل أبو عمرة من مخيم النازحين الذي يعتبر من "بلوك 128" المهدد بالإخلاء، هي وأولادها وبناتها الصغار. يصطحبوا أي قطعة قماش معهم لتركيب خيمة لهم تسترهم بعد مغادرة المكان.

قالت أبو عمرة خلال حديثها لـ شهاب، إنها من النازحات التي تعيل عائلاتها بعد ارتقاء زوجها شهيد في مدينة غزة، موضحة أن الحياة صعبة وحملت بعض الحقائب التي تحتوي على أغراضها الأساسية، وأولادها صغار غير قادرين على تفكيك الخيمة.

وأوضحت أن أصعب ما في هذه الحرب عملية النزوح التي يعيشوها المواطن الغزي، مبينة أنه بعد الاستقرار في مكان يأتي لك فجأة قرار إخلاء تخرج وليس بصحبتك إلا أغراضك الأساسية.

وتابعت أبو عمرة حديثها، "ما في حد حاسس فينا، احنا تعبنا، مش عارفين وين نروح، وين العرب وين المؤسسات الدولية، ليش الكل ساكت"، واختتمت حديثها بـ "حسبي الله ونعم والوكيل على حد تركنا وسابنا بهيك وضع".

لم يكن الحال صعبًا على النازحة أبو عمرة، حالها حال الكثير من النازحين الذين خرجوا من أماكن تواجدهم، ولكن الجريح محمد الكرد الذي أصيب بقصف منزل في مدينة دير البلح هو أيضًا من الذين يغادرون مستشفى شهداء الأقصى بعد تهديد الاحتلال بإخلاء المكان المحدد لها.

وقال الجريح الكرد خلال حديث لـ شهاب، إن الاحتلال ما زال يمارس التضييق والضغط على المدنيين بعد موجات الإخلاء الأخيرة، موضحًا أنه كمريض يغشى على نفسه من عنجهية الاحتلال التي حصلت مع المرضى السابقين في مستشفى الشفاء وكذلك مستشفى ناصر.

وأضاف أن الاحتلال لا يترك النازحين في حالهم بل يزيد من معاناتهم، مؤكدًا أن المرضى غادروا المستشفى خوفًا على أنفسهم من جبروت الاحتلال.

وأشار الكرد إلى أن المرضى والجرحى وذويهم لا يعرفون أن يذهبون، لا يوجد مستشفى بديل عن شهداء الأقصى، مبينًا أن المستشفيات في قطاع غزة تدمرت ولم يبقى سوى هذه المستشفى واليوم تقع بمحاذاة منطقة الإخلاء.

ولفت إلى أن المرضى يعانون من نقص العلاج والمستلزمات الصحية بسبب حصار الاحتلال وحربه المتواصلة، مشددًا أنه لا يعرف أحد من المرضى أن يذهب في ظل عدم توفر أماكن مناسبة للجرحى والمصابين والمرضى.

وقالت وزارة الصحة بغزة، الاثنين، إن "مستشفى شهداء الأقصى" بمدينة دير البلح وسط القطاع يواصل عمله رغم إعلان الجيش "الإسرائيلي" محيطه "منطقة عسكرية"، فيما غادره عدد من المرضى خوفا من تكرار سيناريو اقتحام المستشفيات.

وأكدت الوزارة في بيان وصل شهاب، أن "إعلان الاحتلال محيط مستشفى شهداء الأقصى منطقة عمليات تسبب بحدوث حالة من الهلع بين المرضى، وهروب عدد منهم من المستشفى خوفا من تكرار سيناريو اقتحام المستشفيات الأخرى".

وأضافت أن الطواقم الصحية بالمستشفى "متمسكة بتقديم رسالتها، وهناك نحو 100 مريض ما زالوا فيه، منهم 7 في العناية المركزة".

وطالبت الوزارة بضرورة "توفير الحماية لمستشفى شهداء الأقصى والمرضى والكوادر الصحية فيه"، بعد إعلان جيش الاحتلال محيطه منطقة عمليات عسكرية.

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد

صيغة البريد الإلكتروني خاطئة