شهدت منصات التواصل الاجتماعي تفاعلًا كبيرًا مع مشاهد غير مسبوقة، تُعرض لأول مرَّة، جرت خلال مراسم تسليم المقاومة الفلسطينية ثلاثة أسرى إسرائيليين إلى اللجنة الدولية للصليب الأحمر في قطاع غزة، أمس السبت.
وقبَّل أحد الأسرى الإسرائيليين رأسَي اثنين من مقاومي كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، أثناء وقوفهم على منصة التسليم في مخيم النصيرات وسط القطاع.
ولم يقتصر الأمر عند ذلك، بل نقلت المشاهد أسيرين محتجزين لم يفرج عنهما، وهما يوجهان رسائل مباشرة إلى الحكومة ورئيسها بنيامين نتنياهو، ويطالبان فيها بتدخل عاجل لإنقاذ حياتهما.
مقاطع الفيديو الأبرز خلال مشاهد التسليم، انتشرا كالنار في الهشيم على مختلف منصات التواصل العربية والإسرائيلية، وتداول المغردون في العالم العربي محتواه بإعجاب كبير، وأشادوا بالإستراتيجية الإعلامية التي تتبعها كتائب القسام في إدارة الحرب النفسية.
وكتب وزير الخارجية التونسي عن مشهد "القبلة" د. رفيق عبد السلام عبر منصة "إكس": "الصورة أقوى من كل الادعاءات والخزعبلات الاسرائيلية. أسير يقبل رأس أحد أفراد المقاومة لأنه وجد الرفق والسماحة وهو في أضعف حالاته، خلافا لما فعلته وتفعله آلة الاحتلال بحق السجناء الفلسطنيين الذين تختبر على أجسادهم وأرواحهم كل أنواع التعذيب والتنكيل.
"هنا يتجسد الفرق بين المدنية والتوحش، وهنا تختبر منظومة الأخلاق والقيم، والفارق بين التقدم والتخلف بعيدا عن سطوة القوة ولغة الصواريخ والطائرات والقاذفات".
الصورة أقوى من كل الادعاءات والخزعبلات الاسرائيلية. أسير يقبل رأس أحد أفراد المقاومة لأنه وجد الرفق والسماحة وهو في أضعف حالاته، خلافا لما فعلته وتفعله آلة الاحتلال بحق السجناء الفلسطنيين الذين تختبر على أجسادهم وأرواحهم كل أنواع التعذيب والتنكيل.
— Dr Rafik Abdessalem. د. رفيق عبد السلام (@RafikAbdessalem) February 22, 2025
هنا يتجسد الفرق بين المدنية… pic.twitter.com/s2FrM9lL24
نشرت كتائب القسام -الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) مقطع لكواليس إطلاق سراح الدفعة السابعة من الأسرى الإسرائيليين التي جرت أمس السبت، والتي شهدت اثنين من الأسرى الذين لم يفرج عنهم بعد.
وأظهر الفيديو عددا من مقاتلي فرقة الظل القسامية المكلفة بحماية الأسرى وهي تنقل 3 أسرى في سيارة بيضاء، وقد ترجلوا جميعا ووقفوا إلى جوار شجرة زيتون قام الاحتلال بقطعها.
وقال أحد الأسرى المفرج عنهم إن هذه الشجرة تبدو له أكبر من دولة إسرائيل، في حين تساءل الآخر عن الجريمة التي اقترفتها هذه الشجرة لكي يتم قطعها، مضيفا "لا يوجد هنا حماس ولا قسام".
وكتب د. عبد الله معروف عن الفيديو الأخير: يبدو أن مفاجآت هذا اليوم الأدريناليني لا تريد أن تنتهي..! بينما كنا نشاهد على التلفاز مشاهد تسليم أسرى اليوم قلت في نفسي: (لماذا تقف هذه السيارة أمام المنصة وتمنع رؤية الناس من الأمام؟) ولم أكن أتصور أن بداخلها أسيران اثنان للاحتلال جاءت بهما الفصائل الفلسطينية لمشاهدة عملية التسليم ويرسلوا رسالةً للاحتلال من قلب الحدث.. الحرب النفسية التي تشنها فصائل المقاومة الفلسطينية يجب أن تُفرَدَ لها دراساتٌ تفصيلية خاصة… مذهل.. غير معقول..!
يبدو أن مفاجآت هذا اليوم الأدريناليني لا تريد أن تنتهي..!
— Dr. Abdallah Marouf د. عبدالله معروف (@AbdallahMarouf) February 22, 2025
بينما كنا نشاهد على التلفاز مشاهد تسليم أسرى اليوم قلت في نفسي: (لماذا تقف هذه السيارة أمام المنصة وتمنع رؤية الناس من الأمام؟) ولم أكن أتصور أن بداخلها أسيران اثنان للاحتلال جاءت بهما الفصائل الفلسطينية لمشاهدة عملية… pic.twitter.com/Yg5gHGsj9N
واعتبر مراقبون ومغردون أن فيديو الأسيرين يمثل تصعيدًا للحرب النفسية، ليس فقط لأنه يبرز فشل ما يُعرف بـ"الضغط العسكري" الإسرائيلي لاستعادة الجنود، وإنما بسبب تأثيره العاطفي والنفسي العميق داخل المجتمع الإسرائيلي.
وأكد هؤلاء أن المشهد كان بمثابة إدارة دقيقة لإستراتيجية ذهنية وعاطفية تستهدف الوعي الجمعي الإسرائيلي، مما يزيد الضغوط على نتنياهو وحكومته في وقت تعيش فيه إسرائيل أزمات داخلية متصاعدة.
المكتب الاعلامي العسكري مدرسة في الاخراج و الدعاية و التصوير
— qutaybah قتيبة (@qutaybahtweets) February 23, 2025
اعجاب و ابداع لا يقل القوات العسكرية في كتائب القسام
المكتب الاعلامي متميز في ساحة القتال الخاصة به و هذه لا تخاض بالرصاص و القتال بل حرب نفسية و فهم عميق لعقلية المجتمع الصهيوني
وأجمع نشطاء ومعلقون على أن المقاومة الفلسطينية، ممثلة بكتائب القسام، قد نجحت في تحويل الحرب النفسية إلى سلاح إستراتيجي فعال، وأن الرسالة كانت واضحة: العواقب على استمرار الحرب تتجاوز مجرد خسائر عسكرية أو ميدانية بل تصيب عمق المجتمع الإسرائيلي بالعجز النفسي والشعور بالفشل.
وأكد متابعون أن المقاومة استطاعت التفوق على الاحتلال الإسرائيلي في جميع جوانب المواجهة، سواء من الناحية الأخلاقية، الإنسانية، الإعلامية، أو النفسية.
أما عن مشاهد "قبلة الجندي"، علقت صحيفة هأرتس العبرية بالقول: "يجب قول الحقيقة: معظم مراسم حماس لإعادة الأسرى من غزة جرت بشكل منظم ولائق، حتى وإن لم يكن من السهل على العين الإسرائيلية رؤية أسير يقبّل جبين اثنين من حراسه الملثمين، كما حدث بالأمس... المذيعون في قنوات التلفزة الإسرائيلية سارعوا إلى تهدئة الجمهور المصدوم بأن القبلة كانت بالإكراه، رغم أن الأمر لم يبدو كذلك".
ويقول الجنرال الإسرائيلي "يسرائيل زيف"، إن الصور المتكررة أسبوعياً من غزة تقدم للإسرائيليين تجارب جديدة من الإحباط في مواجهة الواقع الذي يعيشونه.
ويضيف، "القضاء على حماس أصبح كذبة صدّقها كثيرون، لأن الصور الأسبوعية من غزة حطّمت هذه الكذبة، وليس من قبيل الصدفة أن يصرخ نتنياهو ضد هذه الصور، لأنها "تدوس" على صورة "النصر الكامل" التي اخترعها.
وخلص بالقول: "فالعرض في غزة لا يهدف بالأساس للاستعراض فقط، لكنه كان لغرض واعٍ، مفاده أنه رغم تعرض حماس لضربة قاسية، وتدمير غزة، لكن هذه العروض التي نشاهدها، وتتضمن آلاف المسلحين، تكشف أن الحركة ما زالت تعمل بقوة".