مجزرة مدرسة صفد شهداء وجرحى ونازحين بلا مأوى

الاحتلال يستهدف مدارس الإيواء بشكل ممنهج لتفريغ غزة

الاحتلال يستهدف مدارس الإيواء بشكل ممنهج لتفريغ غزة

 

خاص / شهاب

بصوته المتعب يتسائل علاء الدحدوح عن المكان الآمن الذى يجب أن يذهب إليه بعد أن قصف جيش الاحتلال مدرسة صفد في حى الزيتون جنوب شرق مدينة غزة التى لجأ إليها قبل أقل من شهر بعد قصف مدرسة إيواء أخرى كان يقيم فيها.

 قصف جيش الاحتلال مدرسة "صفد" التي تؤوي المئات من النازحين الفلسطينيين، مما أدى إلى ارتقاء 11 شهيداً وعدد من الإصابات، مشيراً إلى أن عدد الضحايا قابل للزيادة بسبب وجود مفقودين تحت الأنقاض التي خلفها القصف الإسرائيلي للمدرسة.

يقول لـ"شهاب":" لم أعد أدرك ماذا أفعل، أو أين أذهب؟ لقد تعبت ولم يعد لدي طاقة لأي شيء"، لقد تحملت الكثير من الألم والوجع حد اليأس مما وصلت إليه الأحوال والحياة فى مدينة غزة.

ويقول منذ اليوم الأول للحرب قررت عدم الخروج من مدينة غزة بأى شكل من الأشكال  وتحملت كل شىء فى مقابل عدم الأستجابة لطلبات النزوح القسري التي يطلقها جيش الاحتلال إلى جنوب القطاع.

وبين أنه تورط كثير فى خيار البقاء وما يحمله من معاناة متعددة الأوجه، وخيار البحث عن مكان آمن بعد أن خسر منزله في القصف المدمر لشارع 10 وحى تل الهواء، ثم لجوئه لمدرسة الرمال في وسط غزة ثم النزوح منها إلى مدارس غرب مدينة غزة، ثم إلى مدارس شرق غزة.

ملاجئ طوارئ

فيما اعتقد فايز أبو دان (37 عاما) أن بلجوئه إلى المدارس يستطيع حماية أطفاله من القصف الإسرائيلي، لكن توقعاته خابت كما خابت الكثير من الآمال بانتهاء هذه الحرب.

وتابع فقدت أحد أبنائي وأخي فى قصف استهدف مدارس الشيخ رضوان ثم قررت الانتقال إلى مدرسة صفد فهى المدرسة الوحيدة التى وجدت فيها متسع لي ولأطفالى و زوجتى.

ويواصل فى قصف اليوم علاوة على أننى خسرت مكاني فى المدرسة كمكان نزوح فأننى خسرت أيضا كل ما امتلكه كاحتياجات فى النزوح الملابس والأطعمة المعلبة الفراش والأدوية والأحذية وأدوات الطعام .

منوها أنه كغيره يشعر بالأمان النسبي في مراكز الإيواء التابعة الأمم المتحدة، و يسترشد بذكريات الحروب الماضية حيث وفرت هذه المساحات ملجأً آماناً للجميع، بعدما تم تهيئة العديد من مدارس الأونروا في قطاع غزة لتكون بمثابة ملاجئ طوارئ، وذلك بتزويدها بمولدات كهربائية، وأنظمة طاقة شمسية، والصرف الصحي، وخزانات كبيرة للمياه، لكن الوضع في هذه الحرب مختلف تماماً.

فى حين يقول نادر شملخ" 28 عاما ":"أنه كان يأمل أن تشكل مدرسة صفد حماية له ولزوجته وأطفاله الثلاثة، إذ لجأ إليها قبل شهر بعد أن دمر الاحتلال الصهيونى آخر منازل عائلته فى اجتياح تل الهواء الأخير".

يقول الشاب الذي يعمل في مجال المحاماة، وقد دمر مكتبه في غزة، إن أكبر كذبة عاشها خلال الحرب هي المناطق الآمنة ومراكز الإيواء المحمية بموجب القانون الدولي.

ويشير نادر إن أكبر كذبة عاشها الجميع فى الشمال والجنوب خلال هذه الحرب هي المناطق الآمنة ومراكز الإيواء المحمية بموجب القانون الدولي.

ويضيف نادر أن العشرات من العائلات التى نجت من مجرزرة صفد تبحث عن مكان آمن غير متوفر لأنه لا يوجد مكان له حصانة من القصف.

ويؤكد شملخ أنه لم يعد يملك كيف يعيش وكيف يحافظ على حياة عائلته الصغيرة في ظل القصف المتواصل التي يستخدمه الاحتلال لإلحاق الأذى بنا وتدمير حياتنا حتى وإن كانت داخل غرفة صفية لا تصلح للحياة فضلاً عن البيئة المزرية التي نعيش فيها دون توفر كميات كفاية من الماء والغذاء.

ثمناً باهظاً

من جانبها تقول وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا”، إن 120 من مؤسساتها التعليمية تعرضت للقصف منذ أن بدأ الاحتلال الإسرائيلي حربه على غزة.

وتوضح، مسؤولة الاتصالات في الأونروا، لويز واتريدج: “يختار الناس هذه المدارس لأنهم يعتقدون أن الاحتماء تحت علم الأمم المتحدة، كما ينص القانون الدولي، من شأنه أن يوفر الأمان.

وتضيف واتريدج ، أن المدنيين في غزة يتعرضون يومياً للنزوح القسري، وتظهر التقديرات أن تسعة من كل عشرة أشخاص في غزة نزحوا لمرة واحدة على الأقل، وقد نزح العديد منهم ما يصل إلى 10 مرات منذ بدء الحرب.

وتؤكد أن المدنيين يدفعون ثمناً باهظاً للنزوح القسري المتكرر بفعل الهجمات الإسرائيلية التي تنتهك بشكل خطير قواعد القانون الإنساني الدولي.

ووفقا لـ19 خبيرا ومقررا أمميا مستقلين معينين من مجلس حقوق الإنسان في جنيف في أبريل/نيسان 2024، فقد دمّر الاحتلال أكثر من 80% من مدارس غزة، وخلال 6 أشهر فقط قتل أكثر من 5479 طالبا و261 معلما و95 أستاذا جامعيا، وأصيب أكثر من 7819 طالبا و756 معلما.

ولجأ سكان قطاع غزة إلى الاحتماء بالمدارس التي اعتبروها محمية بموجب القانون الدولي الإنساني، لكن الاحتلال الإسرائيلي قصفها كما قصف المستشفيات وباقي الأماكن المدنية، بل حتى المواقع التي أعلنها "مناطق آمنة" ودعا السكان إلى النزوح إليها.

وأدان مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان استهداف قوات الاحتلال الإسرائيلي للمدارس التي تؤوي آلاف النازحين، فقد قصف الاحتلال خلال الفترة بين الرابع يوليو/تموز والعاشر من أغسطس/آب 2024 فقط نحو 21 مدرسة، مما أسفر عن استشهاد المئات، معظمهم من النساء والأطفال.

فى هذا السياق قال :"المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إن إسرائيل تتبنى سياسة منهجية باستهداف السكان والأفراد المدنيين في قطاع غزة المحميين بموجب القانون الدولي الإنساني"، أينما كانوا،  وحرمانهم من أي استقرار ولو مؤقت في مراكز النزوح والإيواء، من خلال تكثيف قصف هذا المراكز على رؤوس النازحين داخلها، واستهداف المناطق المعلنة كمناطق إنسانية؛ في إصرار على فرض التهجير القسري وتدمير كل مقومات الحياة الأساسية ضمن جريمة الإبادة الجماعية المتواصلة منذ 7 أكتوبر/تشرين أول الماضي.

تحدٍّ صارخ

وأضاف الأورومتوسطي في بيان له أنه ورغم مرور قرابة تسعة أشهر على الهجوم العسكري الإسرائيلي على قطاع لم تتوقف فيها القوات الحربية الإسرائيلية عن عمليات قصف الأعيان المدنية والقتل الجماعي للمدنيين واستهداف مراكز اللجوء التابعة للأمم المتحدة، واقتراف جرائم قتل جماعية فيها، التي تشكل كل منها جريمة دولية قائمة بحد ذاتها ومكتملة الأركان.

وبيّن أن تتبع منهجية القصف الإسرائيلي يشير إلى وجود سياسة واضحة ترمي إلى نزع الأمان عن كل قطاع غزة وحرمان الفلسطينيين من الإيواء أو الاستقرار ولو لحظيًّا، من خلال استمرار القصف على امتداد القطاع والتركيز على استهداف مراكز الإيواء في مدارس الأونروا.

وشدد الأورومتوسطي على أن اتساع دائرة استهداف مراكز الإيواء التي ترفع علم الأمم المتحدة والمنازل التي تؤوي نازحين، والوقوف على طبيعة ضحاياها من العائلات والأسر التي تباد وتمسح من السجل المدني يدلل على عدم صحة التبريرات الإسرائيلية، وأن القصف بالفعل ينتهك مبادىء التمييز والضرورة والتناسب واتخاذ الاحتياطات الضرورية، فضلا عن كونه جزءا من عملية استخدم القوة النارية لإيقاع الأذى الفادح بالمدنيين وتدمير حياتهم وقدرتهم على الحياة والاستقرار.

وشدد على أن تكرار مهاجمة مباني الأمم المتحدة وقتل النازحين داخلها، فضلا عن تدميرها وحرقها، هو تحدٍّ صارخ للقانون الإنساني الدولي، ويشكل جرائم حرب قائمة بحد ذاتها، وهو يأتي بالتوازي مع تحريض سياسي وقرارات إدارية وتشريعية تسعى لتقويض عمل المنظمة الأممية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد

صيغة البريد الإلكتروني خاطئة