بالفيديو حربٌ على الهوية.. الاحتلال يُدمٍّر الواجهة الأثرية العريقة في قطاع غزة

شهاب - تقرير خاص

حربٌ عدوانية استهدفت الحجر والشجر والبشر وكل ما هو فلسطيني، حتى المواقع الأثرية والمساجد والكنائس والمقابر لم تسلم من بطش الاحتلال الإسرائيلي، في استهداف للموروث الثقافي الفلسطيني الشاهد على عراقة وأصالة الشعب الذي يحافظ على ذاكرته وهويته.

يحاول الاحتلال استهداف التاريخ الفلسطيني الذي يثبت به الفلسطينيون أحقيتهم بالأرض وكان شاهدًا على حضارات ودول عملاقة، في معركة الدفاع عن الهوية والقضية، لذلك يحاول في مخططاته محوها ليكون صاحب الأرض والسيادة.. ولن يكون.

قطاع غزة الصغير الذي يدكه الاحتلال الإسرائيلي بجميع أنواع الأسلحة لطالما كان مركزاً مهماً للثقافة والتجارة على مدى قرون طويلة خلال الخلافة الإسلامية والخلفاء الراشدين، والحكم البيزنطي والروماني واليوناني والمصري، وكل حضارة تركت فيها آثاراً عريقة تدل على عمق المكان.

واستهدف جيش الاحتلال الكثير من المواقع الأثرية والتاريخية والمقدسات الدينية في القطاع، وذلك باعتراف منظمة "عمق شبيه" الإسرائيلية اليسارية المختصة بشؤون الآثار في تغريدة عبر حسابها على منصة "X"، التي قالت إن "حرب إسرائيل على غزة أدت إلى تدمير مئات المواقع الأثرية والتاريخية داخل القطاع".

أهم المعالم

الكاتب والمؤرخ الفلسطيني عبدالله عليان، قال إن الاحتلال استهدف في غاراته حمام السمرة الذي يعد من أقدم حمامات غزة الأثرية، والذي يعود تاريخ بنائه لنهاية العهد المملوكي وبداية العهد العثماني حيث كانت ملكيته لأويس باشا والى دمشق في حينه ثم إلى ابنته، ومن ثم إلى طائفة سامرية وأطلق لقب حمام السمرة نسبًا لهم.

وأضاف المؤرخ الفلسطيني في مقابلة مع وكالة "شهاب" للأنباء، أن الحمام يعد جزء رئيسي من البلدة القديمة، ويقع بجواره مقام الامام الشافعي والمسجد العمري الكبير، حيث يرتاده الناس للاستجمام ولغرض العلاج الطبيعي، وللأسف الآن أصبح في خبر كان.

وأوضح عليان إلى أن المسجد العمري الكبير الذي يُعد أحد أقدم وأكبر مساجد فلسطين التاريخية، التي كان عبارة عن معبد وثني ثم تحول لكنيسة ثم لمسجد في عهد الفاروق عمر بن الخطاب، ثم أعاد الصليبيين احتلال غزة فترة من الزمن ثم حررها صلاح الدين الأيوبي وبعد ذلك المماليك، وبقي المسجد صحيح البناء حتى الحرب العالمية الأولى حيث دمر البريطانيين جزء كبير من المسجد خاصة المئذنة والقباب والسقف.

وأشار إلى أنه بعد ذلك قام المجلس الإسلامي الأعلى بترميم المسجد عام 1926م، ثم قام الاحتلال بتدمير معظم المسجد الذي يعتبر من أكبر مساجد فلسطين مساحة والتي تقدر بـ1400 متر مربع، والتي يتوسط صحن المسجد عبارة عن بقايا الكنيسة القديمة وباقي البناء بنيت في عدة عهود إسلامية خاصة العهدين المملوكي والعثماني.

ولفت المؤرخ عليان أن معظم المباني والأماكن الأثرية في قطاع غزة دمرها الاحتلال بشكل ممنهج ومدروس.

ونرصد في هذا التقرير أبرز الأماكن الأثرية في قطاع غزة التي تعرضت للتدمير خلال العدوان الإسرائيلي المتواصل:

المسجد العمري الكبير: وهو أحد أهم المساجد وأقدمها في فلسطين، وأول مساجد قطاع غزة وأكبرها وأعرقها، ويقع في حي الدرج، وله تاريخ كبير، يعود إلى أكثر من 3 آلاف سنة، وهو ملاصق لسوق القيسارية التاريخي، وهو ضخم البناء والقيمة الأثرية وجميل الشكل والهندسة، تقام فيه الصلوات ويدرس فيه المدرسون، وبجانبه مكتبة عامرة منذ القدم.

مسجد السيد هاشم: هو من أهم المساجد في مدينة غزة بالبلدة القديمة، حيث يوجد به قبر جد الرسول، صلى الله عليه وسلم، هاشم بن عبد مناف، الذي ارتبط اسمه باسم المدينة.

قصر الباشا: الواقع في حي الدرج، تعرض لقصف إسرائيلي، أدى إلى دمار أجزاء كبيرة منه.

كنيسة القديس برفيريو التي يُطلق عليها أيضا اسم "كنيسة المقبرة"، حيث تحيط بها مقبرة مسيحية، وهي من أقدم الكنائس في العالم، وتُعرف محليا باسم "كنيسة الروم الأرثوذكس"، ويعود تاريخ بناء الكنيسة التي تقع في حي الزيتون بغزة، إلى عام 425 للميلاد، قبل أن يتم تجديدها عام 1856.

حمام السمرة : يقع في حي الزيتون قلب مدينة غزة التاريخية، وهو الوحيد المتبقي من الحمامات التاريخية في قطاع غزة، الذي يعد مزاراً طبياً وسياحياً؛ إذ تتميز أرضيته بدفئها على مدار اليوم وقد استخدم في بنائها الحجر الرخامي؛ لمقاومته رطوبة الماء. يتميز الحمام بروعة التخطيط والبناء العمراني الذي يتجسد بتدرج درجات الحرارة عند الانتقال من غرفة لأخرى؛ إذ تبدأ بالغرفة الباردة فالدافئة ثم الساخنة.

مسجد الظفر الدمري: الذي يعتبر أحد الأماكن الأثرية في حي الشجاعية، التي دمرها الاحتلال الإسرائيلي بشكل كامل، ودار السقا الأثرية التي بناه أحمد السقا في القرن السابع عشر للميلاد في عام 1661 في عهد السلطان محمد الرابع بن السلطان إبراهيم، ويُعتبر أول منتدى اقتصادي في فلسطين، وجرى تدميره أول مرة بقذيفة تعرض لها خلال حرب عام 1948.

الكنيسة البيزنطية: التي تعود إلى العهد البيزنطي، وتقع في بلدة جباليا، شمال قطاع غزة، تعرضت للدمار الكامل، وتعد من أهم المواقع الأثرية في قطاع غزة، ومن أبرز المعالم في بلاد الشام عامة، ويزيد عمرها على 1600 عام، إذ تعود إلى عام 444 للميلاد.

مقام الخضر: في مدينة دير البلح، تعرض لقصف جزئي، وهو أول دير مسيحي يُبنى في فلسطين، وذلك على يد القديس هيلاريوس، خلال الحقبة البيزنطية، الذي أقام فيه حتى مماته، وهو أقدم دير لا يزال قائماً في فلسطين.

المدرسة الكاميلية: هي المدرسة التاريخية الوحيدة المتبقية في غزة، وتقع في قلب البلدة القديمة في غزة. وسميت بهذا الاسم نسبة إلى الملك الأيوبي الكامل الذي بناها سنة 653هـ (1237م). واستخدمت المدرسة منذ إنشائها لإيواء الفقراء والطلاب والتجار وظلت نشطة حتى عام 1930.

دار السقا الأثرية: تقع الدار التي تعرّضت لأضرار جزئية، في حي الشجاعية بوسط السوق في الضاحية الشرقية لمدينة غزة، وبُني منذ القرن السابع عشر ميلادي في عام 1661م في عهد السلطان محمد الرابع بن السُلطان إبراهيم. وبناه أحمد السقا أحد كبار التجار آنذاك والذي تعود أصل عائلته إلى الجزيرة العربية من مكة المكرمة لتصل إلى عقيل بن أبي طالب ابن عم النبي - عليه الصلاة والسلام.

متحف رفح جنوب قطاع غزة: كان مقصدا لدارسي تاريخ قطاع غزة وتراثها الطويلين.

مقبرة دير البلح: تُعدّ المقبرة التي تعرّضت للدمار الكلي، من أهم المقابر التاريخية والأثرية في غزة، حيث تعكس تاريخ الشعب الفلسطيني على مدى عصور عدة، وأجريت الكثير من التنقيبات الأثرية وكشفت عن أهم مقبرة يعود تاريخها إلى العصر البرونزي المتأخر (1550 - 1200 قبل الميلاد). وتنسب هذه المقبرة إلى ما يسمى "ملوك الفلسطينيين" وتتكون من مجموعة بارزة من التوابيت الفخارية ذات الشكل البشري.

ومواقع أخرى طالها القصف الإسرائيلي ودمرت جزئياً أيضاً، منها تل المنطار وسط غزة، وتل السكن في الزهراء، وسوق مازن شرق خان يونس.

كذلك، استهدف جيش الاحتلال مقبرة الإنجليز في مدينة غزة، ودير القديس هلاريون في النصيرات، ومتحف دير البلح، ومقام النبي يوسف في بني سهيلا، بحسب منظمة "تراث من أجل السلام"، والتي رصدت أيضا إصابة أكثر من 70 بيتاً أثرياً بأضرار جزئية.

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد

صيغة البريد الإلكتروني خاطئة