ما نشرتْه "القناة 12 العبرية" تأكيدٌ لسلوك العدوّ قبل الطُّوفان بشهرين تقريبًا!

حيث كان الجهد الاستخباراتي المعادي للعدو في سماء غزة وعلى الحدود البرية والبحرية كبيراً في إطار التحضير للضربة الوقائية ضد المجلس العسكري العام لهيئة أركان القسام ومقدرات الجهاز العسكري كل طول القطاع وضمن خطوات فرض صفقة سياسية جديدة على الحركة تكون مقدمتها تجريد الحركة من أهم أصولها البشرية والادارية لتذهب للصفقة ضعيفة خانعة.

ما الذي شجَّع المؤسسة الأمنيَّة والعسكريَّة لدى العدو لطرح هيك توجه ؟!

أسباب كثيرة لكن سأذكر المرتبط بتلك الفترة مباشرة، حيث كان العدو يمارس استراتيجية القضاء على ( استراتيجية المشاغلة ) التي تتبنتها سرايا القدس، حيث رأينا جميعاً كيف تم استهداف جميع قيادات سرايا القدس التاريخيين وتغييبهم بالاغتيالات الجماعية على 3 جوالات شرسة. التقييم لدى رونين بار وهاليفي أن هذه الاستراتيجية ناجعة جداً ومُحفزة خاصة وأن الأكلاف ضعيفة في الرد المقاوم عليها.

وبالتالي طُرح بأوساطهم استثمار النجاح عبر القيام بعمل نفس الأمر مع أعضاء هيئة أركان القسام وجز العشب القيادي لحماس بدءاً من السنوار والضيف وعيسى وصولاً لقادة الكتائب المناطقية والدوائر الركنية ثم طرح صفقة سياسية تكون حماس وقتها ضعيفة ومجرد من أهم قدراتها وفي جو سياسي إقليمي يسوده التطبيع ( الخيانة ) مع الاحتلال.

استشعرت هيئة أركان القسام وتحديداً ركن الاستخبارات هذا التوجه ووصل عبر ( نظام دلائل المعركة ) لقرائن أكيدة لهذا التوجه وعززه بتقدير موقف استخباري يفسر نوايا العدو الحقيقية وإلى أين غزة ذاهبة أمنياً وسياسياً وأنها أمام استحقاقات كبرى قادمة لا محالة، وقام بإجراءات وقائية وأخرى خداعية لحرمان العدو من هكذا انقضاض مباغت يقصم الظهر العسكري، ويحرمنا عنصر المبادأة والذي هو نصف النصر في الحروب..

نتنياهو لم يكن متشجعاً لأسباب عديدة أهمها الصراع الداخلي الصهيوني، وخوفه من توريط الجيش والشاباك له في حرب مع حماس بقطاع غزة والتي قد تطيح به وبحكمه، وكان يرى العمل باستراتيجية العمل الجراحي ضد المقاومة بالضفة وغزة دون التوسعة ومحاولة احتواء حماس بالمال القطري، وتفعيل مثلث غزة الاستراتيجي والبقاء عليه والذي ينص على ما يلي :

- الردع

- ⁠منع تعاظم القدرات 

- ⁠الابتزاز الانساني والمدني

وكان يشارك نتنياهو في نفس التوجه رئيس مجلس الأمن القومي ( يتسحاق هينغبي ) والذي عزز موقف نتنياهو أمام الشاباك والجيش عبر رفض ضربة حماس وقائياً.

ويمكن القول، إن تقدير القسام الاستخباري للتوجه الأمني والعسكري بالكيان، كان أحد عوامل تعجيل البدء بعملية طوفان الأقصى وتحويل الصياد لفريسة وأخذ القرار بساعة صفر وإتمام أوامر وخطط العمليات المركزية وبانتظار اشارة التنفيذ وفتح النار والضربة الافتتاحية للطوفان.

وقدر الله أن يُقيض لحماس وقسامها شخص القائد السياسي الأول في قطاع غزة يحيى السنوار رحمه الله لأخذ القرار المصيري بكل شجاعة وقوة، لتمضي الكتائب في تنفيذ الهجوم المبارك الذي شاهده العالم أجمع بكل اقتدار وبسالة.. 

لتكونَ أول مفأجاة عسكرية ناجحة بهذا الحجم وبهذا التناسق الرائع في هذا العصر، جعلت خبراء العسكر والأمن يقفون مذهولين من براعة وتوفيق ما شاهدوه، وجعلت الإحباط النكسة الاستراتيجية التي تسود الكيان كله في حرمان واضح لمخططهم وفي خداع لا مثيل له في تاريخ الكيان والعسكرة.

لكاتبها: أسامة خالد

 

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد

صيغة البريد الإلكتروني خاطئة