قال المدعي العام في المحكمة الجنائية الدولية أندرو كايلي، إن الادعاءات بشأن وجود مقاتلين من حركة المقاومة الإسلامية حماس في المستشفيات في غزة المحاصرة من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي "مبالغ فيها إلى حد كبير".
وتساءل أندرو كايلي، الذي يقود التحقيق الذي تجريه المحكمة الجنائية الدولية في فلسطين، عن مدى مصداقية الادعاءات بشأن النشاط العسكري في مستشفيات غزة والتي تم تقديمها لتبرير الهجمات الإسرائيلية على المرافق الصحية في القطاع.
وفي حديثها خلال فعالية الأسبوع الماضي، قدمت كايلي لمحة نادرة عن التحقيق الذي يجريه مكتب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية في جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبتها القوات الإسرائيلية.
وفي الشهر الماضي، حصل خان على أوامر اعتقال ضد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ووزير دفاعه السابق، يوآف غالانت.
ويعتقد أن المدعين العامين في المحكمة الجنائية الدولية قاموا بمراجعة الحوادث التي تعرضت فيها المستشفيات للضرر أو التدمير خلال الهجوم العسكري الإسرائيلي على غزة.
وبحسب أحدث الأرقام التي نشرتها منظمة الصحة العالمية، فإن 17 مستشفى فقط من أصل 35 مستشفى قامت بتقييمها في غزة توصف بأنها "عاملة جزئيا"، وخمسة مستشفيات "تضررت بالكامل"، و13 مستشفى مصنفة بأنها "غير عاملة".
وقالت كايلي إن المحكمة الجنائية الدولية واجهت "صعوبة كبيرة في تقييم" مستوى تواجد عناصر حماس في المستشفيات "لأنه من الواضح أن هناك أكاذيب يتم تداولها، ولكن هذا حقا شيء نحتاج كمكتب ادعاء إلى الوصول إلى حقيقته".
وأضاف: "أعتقد أن هذا الأمر مبالغ فيه إلى حد كبير، لكننا بحاجة إلى أن نكون قادرين على إثبات مستوى الوجود العسكري، إن وجد، في هذه المستشفيات بشكل واضح للغاية لأنني أعتقد أننا ضللنا بشأن ذلك في الصحافة".
وأشار كايلي إلى أن العمليات الإسرائيلية ضد المرافق الصحية في غزة سوف يتم فحصها. وأضاف: "بالنظر إلى الأضرار التي لحقت بالمرافق الصحية وتدميرها، فسوف نتطرق إلى ذلك على الأرجح في وقت لاحق من العام المقبل. نحن مضطرون إلى القيام بذلك على مراحل ببساطة بسبب الموارد التي لدينا".
وأدلى كايلي، وهو محام بريطاني ومدعي عام عسكري سابق في المملكة المتحدة، بهذه التصريحات خلال فعالية في لاهاي بشأن الهجمات على المرافق الصحية في السودان وأوكرانيا وفلسطين، على هامش المؤتمر السنوي للدول الأعضاء في المحكمة الجنائية الدولية.
وقال إن النظام الصحي في غزة أصبح بالكاد يعمل الآن. وأضاف: "الضربات الجوية والحصار والغارات على المستشفيات. أضف إلى ذلك نقص الوقود والكهرباء والغذاء والدواء. وهذا هو السبب وراء انهيار النظام".
تتمتع المستشفيات، وكذلك البنية التحتية الطبية والعاملون الطبيون، بحماية خاصة بموجب القانون الإنساني الدولي . ويُحظر شن الهجمات عليها، ولكن هناك ظروف معينة قد تفقد فيها المرافق الطبية وضعها المحمي إذا تم استخدامها في أنشطة قتالية.
وعندما سُئل عن تصريحات كايلي، قال متحدث باسم جيش الدفاع الإسرائيلي إن الجيش يتصرف وفقًا للالتزامات القانونية ويهدف إلى "تقليص الضرر والاضطراب قدر الإمكان" عند إجراء عمليات تشمل المرافق الطبية.
وزعموا أن حماس اختارت "استغلال حماية المرافق الطبية بشكل منهجي لتحقيق أهدافها المشينة" وقامت بحفر أنفاق وبنية تحتية ومخابئ أسلحة داخل هذه المرافق.
وفي حديثه الأسبوع الماضي، قال كايلي إن فريقه التقى وأجرى مقابلات مع أفراد من الطاقم الطبي الذين عادوا من العمل في المنطقة.
وقال كايلي إن المحكمة الجنائية الدولية لديها إمكانية الوصول إلى "صور أقمار صناعية ممتازة بشكل استثنائي" أظهرت "على أساس يومي كيف يتم تدمير هذه [المستشفيات]"، لكنه قال إن المحققين يسعون إلى الحصول على صور دقيقة "تظهر زيف استخدام هذه المرافق كمرافق قتالية عسكرية".
ومن جهته، قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إن جيش الاحتلال الإسرائيلي يستهدف بشكل مننهج الطواقم الطبية شمال قطاع غزة، في مسعى لتدمير النظام الصحي كليًّا وفرض ظروف معيشية مميتة تؤدي إلى هلاك الفلسطينيين وحرمانهم من الرعاية الطبية المنقذة للحياة.
وأفاد المرصد الأورومتوسطي، في تقرير له اليوم الخميس، أن فريقه وثق استهداف جيش الاحتلال الإسرائيلي الطبيب "سعيد جودة"، ظهر اليوم الخميس 12 ديسمبر/كانون أول، أثناء توجهه من مستشفى كمال عدوان إلى مستشفى العودة لمعالجة بعض الحالات، ما أدى إلى مقتله بعد أن أطلقت طائرة كواد كاتبر النار تجاهه وأصابته في رأسه، ما يدلل أن قتله كان مقصودًا ومتعمدًا، علمًا أنه طبيب العظام الوحيد الموجود شمال القطاع.
كما أشار إلى، أن طائرة إسرائيلية مسيرة استهدفت مساء الأحد الماضي، 8 ديسمبر/كانون أول، المسعف في الخدمات الطبية "علي القرعة"، محيط مستشفى كمال عدوان في مشروع بيت لاهيا. وأكد أن الجيش الإسرائيلي استهدف مستشفى كمال عدوان أكثر من 20 مرة في غضون الأيام العشر الماضية، وأصاب عددًا من أفراد الطواقم الطبية فيها إلى جانب المرضى ومرافقيهم.
وحذر المرصد الحقوقي، بأن جيش الاحتلال الإسرائيلي يعمل بشكل منهجي وبنمط واضح ومتكرر على استهداف الطواقم الطبية القليلة التي بقيت في شمال غزة، مما يفاقم صعوبة تقديم الخدمات الصحية لعشرات آلاف السكان المحاصرين منذ 69 يومًا، بينما يستمر أيضا بمنع الدفاع المدني وطواقم الإسعاف من العمل منذ 51 يومًا.
وقال المرصد الأورومتوسطي إن تدقيقه في سجلات وقوائم ضحايا الاستهداف الإسرائيلي تدلل على وجود سياسة منهجية وواسعة النطاق بقتل واغتيال الكفاءات الفلسطينية والنخب في القطاعات المختلفة، إلى جانب دائرة القتل التي طالت عشرات الآلاف من المدنيين الفلسطينيين.
أعلن مستشفى العودة في جباليا ارتقاء الدكتور سعيد جودة، عقب استهدافه بغارةٍ "إسرائيلية" أثناء توجهه لعمله في المستشفى، ظهر اليوم الخميس.
وقالت مصادر طبية، إن غارةً صهيونية استهدفت الطبيب جودة، مشيرةً إلى أنه طبيب العظام الوحيد في شمال قطاع غزة المحاصر منذ 70 يومًا.
ووفقًا لآخر إحصائيات المكتب الإعلامي الحكومي، فقد أعدم الاحتلال أكثر من 1000 طبيب وممرض في جميع أنحاء قطاع غزة.
وأمس الأربعاء، كشف المدير العام لوزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة، الطبيب منير البرش، أن قوات الاحتلال أطلقت الرصاص على سيارات إسعاف التي حاولت إنقاذ الجرحى وانتشال الشهداء من مناطق الاستهداف، مؤكداً أن الاحتلال يرفض إدخال الدواء والمستلزمات الطبية.
وقال البرش، في تصريحات متلفزة، "إن جثامين الشهداء خصوصاً في مناطق شمال القطاع ملقاة في الشوارع وتنهشها الكلاب، والطواقم الطبية والدفاع المدني عاجز عن الوصول لهم وانتشالهم بسبب تهديد الاحتلال بالقتل لمن يصل لهم.
ومن جهته، أوضح مدير مستشفى كمال عدوان الطبيب حسام أبو صفية أن المنظومة الصحية ما زالت تعاني بسبب قلة الإمكانات المتوفرة، لافتا إلى مواصلة تقديمها الخدمة بالحد الأدنى.
ويواصل الاحتلال "الإسرائيلي" عدوانه الوحشي وحرب الإبادة على محافظة شمال قطاع غزة، وسط قصف وإعدام ميداني، ونسف للمنازل وتدمير للخدمات الأساسية، ومنع دخول الغذاء والماء والدواء.
ويعدم الاحتلال في بلدة جباليا ومخيمها وبيت لاهيا، أي مظاهر للحياة في المنطقة، إذ دمر أحياء سكنية كاملة، تحت قصف دموي مكثف وحصار مطبق يمنع دخول الغذاء والماء والأدوية.
كما جرى إخراج المنظومتين الصحية والإغاثية عن الخدمة تماما، وتعطيل آبار المياه والمرافق الحياتية كاملة، ضمن سلسلة جرائم متواصلة.
وبعد اجتياحين في ديسمبر/ كانون الأول 2023 ومايو/ أيار 2024، فإن هذه هي المرة الثالثة التي يجتاح فيها جيش الاحتلال جباليا منذ بدء حرب الإبادة على قطاع غزة قبل أكثر من عام.
ويأتي ذلك ضمن مواصلة إسرائيل حربها المدمرة على غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، مخلفة نحو 151 ألف شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة متفاقمة.