أدت الأمطار الغزيرة والرياح القوية إلى ارتفاع أمواج البحر التي جرفت وأغرقت عددا كبيرا من خيام النازحين وسط وجنوبي قطاع غزة، وأصبحت آلاف العائلات المتضررة بلا مأوى في ظل البرد القارس.
قال مفوض وكالة الأونروا الأممية فيليب لازاريني، إن الشتاء في غزة يعني موت مزيد من الفلسطينيين بردًا في خيام هشة أمام الرياح والأمطار، وليس فقط جراء الإبادة الإسرائيلية المتواصلة منذ 14 شهرا.
وتساءل لازاريني في بيان بعنوان: "شتاء آخر في غزة" نشره على منصة إكس "كيف يمكن وصف البؤس فوق المأساة الإنسانية؟".
وأضاف: "على مدى الأشهر الـ14 الماضية كان الناس في حالة نزوح مستمر هربًا من الموت، لقد فقدوا كل شيء، وهم بحاجة إلى كل شيء، ولكن القليل جدًا يصل إلى غزة".
وتابع: "تنخفض درجات الحرارة ويبدأ هطل الأمطار، ولا ملاجئ آمنة أو بطانيات أو ملابس دافئة للناس، وسائل التدفئة غير موجودة والملاذ الأخير للحصول على التدفئة هو حرق البلاستيك".
وأردف: "الشتاء في غزة يعني أن الناس لن يموتوا فقط بسبب الغارات الجوية أو الأمراض أو الجوع، الشتاء في غزة يعني أن مزيدا من الناس سيموتون وهم يرتجفون من البرد، خاصة بين الفئات الأكثر ضعفا، بمن فيهم كبار السن والأطفال".
وجدد لازاريني مطالبته بوقف إطلاق النار، مؤكدًا لازاريني أن "الإرادة والقيادة والشجاعة يمكن أن تعيد شيئا بسيطا من الإنسانية".
وختم بيانه بالقول: "حان الوقت لوقف إطلاق النار وتوفير تدفق منتظم للإمدادات الأساسية بما في ذلك احتياجات فصل الشتاء".
ومن جهته، قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، إن سلطات الاحتلال "الإسرائيلي" تمنع منذ أكثر من عام إدخال الأغطية والملابس والأحذية إلى قطاع غزة بما في ذلك احتياجات الأطفال في ظل دخول موسم برد قارس وظروف إنسانية كارثية.
وأوضح الأورومتوسطي، أنّ فصل الشتاء الثاني منذ بدء "إسرائيل" حرب الإبادة الجماعية في غزة يأتي في ظل نقص شديد بالملابس والأحذية التي مُنع دخولها من معابر القطاع منذ اليوم الأول للحرب إلا بكميات محدودة.
وأضاف "لا يوجد أي مبرر أو ضرورة عسكرية في القانون الدولي تمنع إدخال هذه الأساسيات إلى المدنيين". لافتًا إلى أنّ "إسرائيل" تفرض قيودًا على احتياجات الفلسطينيين بغزة في إطار سعيها لفرض ظروف معيشية قاسية تؤدي إلى هلاكهم الفعلي ضمن جريمة الإبادة الجماعية الشاملة التي ترتكبها في القطاع.
وتابع "إجمالي ما يدخل إلى القطاع من شاحنات لم يتجاوز 6% من الاحتياجات وأغلب ذلك يتعلق بمواد غذائية، ولم يتعد ما يخص الملابس والأحذية 0.001 %، وهو ما تسبب بأزمة حقيقية".
وذكر المرصد الحقوقي، أنّ مئات آلاف الفلسطينيين في غزة بمن فيهم الأطفال والنساء وكبار السن تُركوا دون ملابس كافية تحميهم من البرد القارس مع دخول فصل الشتاء، في ظل بقاء الغالبية العظمى منهم في الخيام.
وأكد أنّ هذه الظروف الكارثية تنذر بزيادة تعرض الفلسطينيين لأمراض خطيرة، في ظل عدم توفر العناية الطبية اللازمة.
وذكر أنّ "إسرائيل" تمنع كذلك الأساسيات الأخرى للحماية من برد الشتاء مثل البطانيات ومصادر التدفئة وكميات كافية من الخيام والشوادر.
وشدّد الأورومتوسطي على أنّ الحرمان المستمر والشديد من الأساسيات اللازمة للحياة هو فعل من أفعال الإبادة الجماعية عبر تجريد المدنيين من أبسط وسائل الحماية وخلق ظروف تهدف إلى تدميرهم ومحو وجودهم.
وأمس الإثنين، كشف المكتب الإعلامي الحكومي، تفاصيل مؤلمة حول تفاقم الأوضاع الإنسانية جرّاء تساقط الأمطار ودخول المنخفض الجوي، في ظل تدهور متواصل في أوضاع النّازحين في قطاع غزة الذين يتعرّضون للإبادة الجماعيّة منذ 417 يومًا.
وقال المكتب الحكومي في بيان صحفي، "على مدار اليومين الماضيين تلفت قرابة 10,000 خيمة حيث جرفتها مياه البحر بعد امتداد الأمواج بسبب دخول فصل الشتاء ودخول المنخفض الجوي.
وأضاف "نكرر إطلاق نداء استغاثة إنساني عاجل للمجتمع الدولي ولجميع دول العالم ولكل المنظمات الدولية والأممية لإنقاذ مئات آلاف النازحين في قطاع غزة قبل فوات الأوان".
وأشار إلى أنّ أعداد النازحين لا تزال في تدفق وازدياد يوماً بعد يوم في ظل فرض الاحتلال لجريمة التهجير القسري، حيث بلغ عدد النازحين إلى 2 مليون نازح في محافظات قطاع غزة، وهؤلاء نزحوا أكثر من 5 مرات متتالية، ومازالوا تحت قهر الظروف القاسية التي يفرضها الاحتلال.
وتابع "لدينا في قطاع غزة 543 مركزاً للإيواء والنُّزوح نتيجة ارتكاب الاحتلال "الإسرائيلي" جريمة التهجير القسري وهي جريمة ضد الإنسانية من خلال إجبار المواطنين على النزوح الإجباري من منازلهم وأحيائهم السكنية الآمنة وهي جريمة مخالفة للقانون الدولي".
ووفقاً لفرق التقييم الميداني الحكومية، فإن نسبة 81% من خيام النازحين أصبحت غير صالحة للاستخدام، وذلك بعد تلف واهتراء 110,000 خيمة من أصل 135,000 خيمة بحاجة إلى تغيير واستبدال فوري عاجل نتيجة اهتراء هذه الخيام تماماً، ونتيجة دخول المنخفضات الجوية وفصل الشتاء وجرف أمواج البحر لآلاف الخيام.