وصف موقع بريطاني، تصاعد الأوضاع في الضفة الغربية بـ"المُخيفة" في ظل تزايد الحديث بشكل أقرب إلى "الرسمية" من خطة ضم الاحتلال لأراضي الضفة الغربية، بالإضافة إلى تواصل حرب الإبادة الجماعية، في الوقت الذي تواصل فيه السلطة الفلسطينية عملها كـ"المعتاد".
وقال موقع ميدل إيست آي، إنّ نهج السلطة الفلسطينية، مواصلة عملها كالمعتاد، كأنّ شيئًا لا يحدث على بعد كيلومترات في غزة.
وأشارالموقع إلى أنه في مدينة رام الله، بينما تحولت غزة إلى أنقاض ويتحمل أهلها فظائع لا توصف، تواصل البلديات المحلية أعمال البناء الاعتيادية واستبدال خطوط الأنابيب حتى وقت متأخر من الليل.
وأوضح أنّ عبثية هذه اللحظة ساحقة “فهي تتناقض بشكل صارخ مع الدور المحوري الذي لعبته البلديات، كجزء من القيادة السياسية التي وجهت النضال الفلسطيني، خلال الانتفاضة الأولى”.
في ذلك الوقت، كانت البلديات المحلية جزءًا لا يتجزأ من المقاومة الشعبية. فقد عملت على تنسيق العصيان المدني، وتعزيز قدرة المجتمع على الصمود، وتوفير الحكم الرشيد في ظل قيود لا يمكن تصورها. لكن اليوم، تبخر هذا الشعور بالهدف تقريبا.
وأكد أنّ نهج “العمل كالمعتاد” في مواجهة الإبادة الجماعية المستمرة على بعد كيلومترات فقط، والشعور بيوم القيامة الذي يلوح في الأفق في الضفة الغربية المحتلة، لا يسلط الضوء على التراجع في دور البلديات فحسب؛ بل يكشف أيضًا عن الخلل الكامل في عمل السلطة.
وأضاف " لقد كان عدم أهمية السلطة واضحا لسنوات، ولكن عجزها في ظل الأحداث الحالية مذهل".
وتابع " يبدو أن السلطة الفلسطينية ومؤسساتها وحدها هي التي تواصل الحياة كما لو كانت طبيعية. أما بالنسبة لبقية المواطنين، فإن واجهة الحياة الطبيعية ما هي إلا حجاب رقيق يخفي وراءه الصدمة الجماعية والحزن العميق.
وذكر "ميدل إيست آي"، أنّ الهجمات التي يشنها المستوطنون على القرى الفلسطينية مستمرة ـ حيث يحرقون المنازل والسيارات وبساتين الزيتون، تكشف المصير المروع الذي يهدد الضفة الغربية.
ولفت إلى أن هذه الهجمات لا تقتصر على تدمير الممتلكات؛ بل إنها تترك ندوباً عميقة في نفوس المواطنين، فتودي أحياناً بحياة الكثيرين وتزرع الرعب في نفوسنا.
وفي جنين وطولكرم كانت الهجمات أكثر تدميراً، حيث استهدفت مخيمات اللاجئين بضراوة شديدة حتى أن البنية التحتية بأكملها تحولت إلى أنقاض.
لقد تم القضاء على عائلات بأكملها في ضربة واحدة. هذه ليست حوادث معزولة؛ بل هي حملات متعمدة ومنهجية لمحو ما تبقى من سلامة واستقرار وأمل أهل الضفة الغربية جميعا.
وفي الوقت نفسه، يواصل الاقتصاد في الضفة الغربية الانهيار، ويختنق تحت وطأة القيود المشددة على الحركة. والآن تسيطر نقاط التفتيش العسكرية الإسرائيلية على مداخل ومخارج كل بلدة ومدينة وقرية تقريباً، مما يحول حتى أبسط رحلة إلى محنة من الإذلال والخوف.
إن الجو في الضفة الغربية مأساوي، وإن كان مختلفاً عن غزة. فليس الرعب الفوري الناجم عن سقوط القنابل من السماء، بل المحو البطيء والمزعج ـ اختناق الأمل والحياة ومشاهدة الحياة والمستقبل يُسرقان تدريجيا، وفقًا للموقع.
وأكد أنّ حالة عدم اليقين هذه مثيرة للغضب والغضب ــ ليس فقط بسبب الإبادة الجماعية التي تتكشف في غزة، بل بسبب المخاوف من مصير الضفة الغربية المحتلة، مشيرًا إلى أنّ المخطط أكثر وضوحا من أي وقت مضى مع رئاسة ترامب المقبلة: الضم الكامل للضفة الغربية، والتطهير العرقي المتوقع في المنطقة (ج)، والتفكيك المنهجي لأي مظهر من مظاهر الدولة الفلسطينية – أو حتى الوجود.
وأكمل "لقد استغرقت هذه الخطة سنوات طويلة من التحضير، بدعم من المستوطنين الذين شجعهم الجيش الإسرائيلي وحماهم. ولكن تنفيذها الكامل يبدو الآن وشيكاً، وهو ما يلقي بظلاله على ما تبقى من مستقبل فلسطيني.
إذ أن واقع الحال في الضفة الغربية لا يعبر سوى عن شعب بلا قيادة سياسية أو خطة، ويستعد بصمت لما يبدو وكأنه نهايته.
وفي هذا السياق، قال الباحث الإسرائيلي في قضايا الصراع مع الفلسطينيين وخرائط الاستيطان، شاؤول أرئيلي، إنّ اقتراح القانون الذي قدمه عضو "الكنيست" عميت ليفي لنقل المسؤولية عن المواقع الأثرية في الضفة الغربية من ضابط هيئة الأركان في "الإدارة المدنية" إلى سلطة الآثار الإسرائيلية هو خطوة إضافية نحو الضم الفعلي.
وأشار أرئيلي في الخريطة المرفقة، إلى أنه يمكن رؤية المواقع التي أجريت فيها حفريات أو مسوحات أثرية، بالإضافة إلى ذلك، هناك حوالي 2000 موقع أثري في المنطقة C، وحوالي 4000 موقع آخر في بقية الضفة الغربية.
وأوضحت "يديعوت أحرنوت"، أن الإدارة "الإسرائيلية" تسعى لتعميم "نموذج نابلس" لمناطق أخرى في الضفة الغربية، عبر منح السلطة الفلسطينية امتيازات للقضاء على المقاومة.
وأضاف رئيس الإدارة -في مقابلة مع صحيفة يديعوت أحرنوت الإسرائيلية- أن إدارته تتعاون مع جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (الشاباك) وأجهزة أمن السلطة الفلسطينية وشخصيات عامة واقتصادية في المدينة لخلق واقع أمني جديد بعد "عرين الأسود"، في إشارة إلى تنظيم بارز في المقاومة الفلسطينية بنابلس.
وأوضح: "عززنا سلطة محافظ نابلس ورؤساء مجالس القرى وغيره من المسؤولين عبر منحهم صلاحيات أكثر، مثل التصاريح والطلبات الخاصة وبطاقات "في آي بي".
وأكد أن جيش الاحتلال يمنح صلاحيات تمكّن مسؤولين فلسطينيين من "فرض الأمن من دون المس بحرية عمل جيشنا" في نابلس ومخيم بلاطة.
وتابع، أن أجهزة أمن السلطة تسهم في "تحسين الأمن بالضفة، وعندما نواجه أحداثا كبيرة كحملة اعتقالات أو دخول المستوطنين لمناطق "أ" أتوجه للأجهزة الأمنية لتأمين دوائر حماية، ونراهم في الميدان".
وانسحبت قوات الاحتلال الإسرائيلي، فجر الجمعة 6 سبتمبر/ أيلول 2024، من مدينة جنين ومخيمها شمالي الضفة الغربية المحتلة بعد عملية عسكرية استمرت نحو 10 أيام وخلفت 21 شهيداً فلسطينيًا.
وسبق أن ذكرت القناة الـ12 الإسرائيلية أن هناك اتفاقا بين السلطة الفلسطينية والاحتلال على نشر 500 عنصر أمن تابع للسلطة في شمال الضفة الغربية، لتفكيك العبوات التي يعدها المقاومون لاستهداف الاحتلال خلال الاقتحامات.
وفي التفاصيل، أوضحت القناة العبرية، أنه المؤسسات الأمنية "الإسرائيلية" توصلت إلى إتفاق مع السلطة برام الله نشر العناصر بهدف محاربة المقاومة في مخيمات الضفة.
وبحسب المصدر الأمني، "فإنه الآن وبعد العمليات القوية ضد المقاومة في المخيمات بهدف قمع نشاطها، قرر الجهاز الأمني إعادة قوات أجهزة السلطة ودراسة كيفية التعامل معها الآن".
وتابع: "إن قرار المؤسسة الأمنية الإسرائيلية بوضع الثقة للشعب في آليات إحباط الإرهاب أمر محير بعض الشيء، خاصة وأن هذه المحاولة، كما ذكرنا، فشلت عدة مرات، بل وأسفرت عن مستويات كبيرة من الإرهاب في جميع أنحاء الضفة".