كشفت تقارير عبرية، أن أجهزة السلطة الفلسطينية نفذت منذ بدء العدوان "الإسرائيلي" على قطاع غزة سلسلة اعتقالات واسعة طالت نحو 1800 مواطن فلسطيني في الضفة الغربية، تحت ذرائع تتعلق بـ”الاشتباه بمخالفات أمنية”.
وقال المحلل العسكري في صحيفة "هآرتس" العبرية، عاموس هارئيل، "في الليلة التي اجتمعت فيها الحكومة الأمنية للتصويت على وقف إطلاق النار في لبنان، سافرت إلى رام الله لزيارة فروع الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية. وقد تابع المضيفون باهتمام الالتباسات في "إسرائيل".
"تنسيقٌ يستحّقُّ الفخر به"
ولفت هارئيل إلى استمرار التنسيق الأمني الوثيق بين السلطة الفلسطينية و"الجيش الإسرائيلي"، رغم الجمود السياسي بين الجانبين.
وأضاف هارئيل "منذ بدء الحرب في قطاع غزة، اعتقلت أجهزة الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية نحو 1800 مواطن من سكان الضفة الغربية للاشتباه في تنفيذهم أحداث أمنية. وأغلب هؤلاء من حركة حماس، والبقية ينتمون إلى منظمات أصغر".
وتابع "كان بحوزة العديد من المعتقلين أسلحة، وبحسب السلطة الفلسطينية، كانوا يستعدون لشن هجمات على الجنود والمستوطنين. وفي العمليات التي جرت خلال الأسبوع الماضي، ضُبِطَت بنادق وعبوات ناسفة ومعدات عسكرية أخرى من مسلحين اُعْتُقِلُوا في مخيم الفارعة للاجئين، وفي عزون بالقرب من قلقيلية".
وتابع في القول: "في كل عام، تفتخر السلطة الفلسطينية بتخليص مئات المستوطنين الذين لا يحملون تصاريح، والذين يدخلون المنطقة (أ) في الضفة الغربية، والتي تخضع لسيطرة السلطة الفلسطينية. وفي كثير من الأحيان يدخل المستوطنون عن طريق الخطأ؛ وفي كلتا الحالتين، يسلمهم الفلسطينيون بسرعة إلى "الجيش الإسرائيلي"، وعادة لا يتعرض أحد للأذى".
وأشار إلى أنّ "استمرار هذه الأمور بعد السابع من تشرين الأول/أكتوبر، وبعد استشهاد عشرات الآلاف من سكان غزة في الحرب ليس بالأمر الهين".
وواصل القول: "بعد السابع من تشرين الأول/أكتوبر مباشرة، ساد اعتقاد بأن الانتفاضة الثالثة قد تندلع في الضفة الغربية، بل وربما ينهار الاقتصاد الفلسطيني. ولكن في نهاية المطاف، صعدت المنظمات من هجماتها إلى حد كبير، وأرسل الجيش الإسرائيلي قوات كبيرة في عمليات اعتقال وقتل ضد أشخاص مطلوبين، وخاصة في الشمال".
وقالت معلق "هآرتس": "كما وقعت حوادث متعددة بين قرويين فلسطينيين وقوات الاحتياط والمستوطنين الإسرائيليين في مختلف أنحاء الضفة الغربية. وكثيرًا ما كانت هذه الحوادث تنطوي على استفزازات إسرائيلية بهدف طرد الفلسطينيين من المناطق القريبة من البؤر الاستيطانية، التي وُسِّعَت بعد ذلك. ولكن الضفة الغربية لا تنزلق إلى حرب نشطة كما حدث في غزة. والسبب في ذلك أن العديد من الفلسطينيين في الضفة الغربية يشعرون بقلق بالغ من أن تتخذ إسرائيل تدابير مماثلة لتلك التي اتخذتها في غزة، التي دمرت بالكامل تقريبا".
وأوضحت "يديعوت أحرنوت"، أن الإدارة "الإسرائيلية" تسعى لتعميم "نموذج نابلس" لمناطق أخرى في الضفة الغربية، عبر منح السلطة الفلسطينية امتيازات للقضاء على المقاومة.
وأضاف رئيس الإدارة -في مقابلة مع صحيفة يديعوت أحرنوت الإسرائيلية- أن إدارته تتعاون مع جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (الشاباك) وأجهزة أمن السلطة الفلسطينية وشخصيات عامة واقتصادية في المدينة لخلق واقع أمني جديد بعد "عرين الأسود"، في إشارة إلى تنظيم بارز في المقاومة الفلسطينية بنابلس.
وأوضح: "عززنا سلطة محافظ نابلس ورؤساء مجالس القرى وغيره من المسؤولين عبر منحهم صلاحيات أكثر، مثل التصاريح والطلبات الخاصة وبطاقات "في آي بي".
وأكد أن جيش الاحتلال يمنح صلاحيات تمكّن مسؤولين فلسطينيين من "فرض الأمن من دون المس بحرية عمل جيشنا" في نابلس ومخيم بلاطة.
وتابع، أن أجهزة أمن السلطة تسهم في "تحسين الأمن بالضفة، وعندما نواجه أحداثا كبيرة كحملة اعتقالات أو دخول المستوطنين لمناطق "أ" أتوجه للأجهزة الأمنية لتأمين دوائر حماية، ونراهم في الميدان".
وانسحبت قوات الاحتلال الإسرائيلي، فجر الجمعة 6 سبتمبر/ أيلول 2024، من مدينة جنين ومخيمها شمالي الضفة الغربية المحتلة بعد عملية عسكرية استمرت نحو 10 أيام وخلفت 21 شهيداً فلسطينيًا.
وسبق أن ذكرت القناة الـ12 الإسرائيلية أن هناك اتفاقا بين السلطة الفلسطينية والاحتلال على نشر 500 عنصر أمن تابع للسلطة في شمال الضفة الغربية، لتفكيك العبوات التي يعدها المقاومون لاستهداف الاحتلال خلال الاقتحامات.
وفي التفاصيل، أوضحت القناة العبرية، أنه المؤسسات الأمنية "الإسرائيلية" توصلت إلى إتفاق مع السلطة برام الله نشر العناصر بهدف محاربة المقاومة في مخيمات الضفة.
وبحسب المصدر الأمني، "فإنه الآن وبعد العمليات القوية ضد المقاومة في المخيمات بهدف قمع نشاطها، قرر الجهاز الأمني إعادة قوات أجهزة السلطة ودراسة كيفية التعامل معها الآن".
وتابع: "إن قرار المؤسسة الأمنية الإسرائيلية بوضع الثقة للشعب في آليات إحباط الإرهاب أمر محير بعض الشيء، خاصة وأن هذه المحاولة، كما ذكرنا، فشلت عدة مرات، بل وأسفرت عن مستويات كبيرة من الإرهاب في جميع أنحاء الضفة".
تحذيرات من انتفاضة جديدة
ذكرت صحيفة هآرتس العبرية، أن التقديرات الإسرائيلية عقب عملية “طوفان الأقصى” توقعت اندلاع انتفاضة ثالثة في الضفة الغربية.
وأكدت أن الوضع الحالي لم يصل بعد إلى مستوى المواجهة المباشرة كما يحدث في غزة، رغم تصاعد هجمات المستوطنين وقمع الاحتلال.
وأوضحت أن معظم سكان الضفة يعيشون في حالة من القلق الشديد خشية أن تلجأ "إسرائيل" إلى تطبيق إجراءات مشابهة لما قامت به في غزة، والتي تعرضت لدمار شبه كامل.