لقي قرار المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية الذي تسيطر عليه حركة فتح، بتعيين عضو لجنتها المركزية روحي فتوح رئيسا للمجلس الوطني، رفضا واسعا في الشارع الفلسطيني، منذ ترشيحه للمنصب قبل أيام.
وفي جلسة المركزي التي تجري بمقاطعة غالبية الفصائل والشخصيات الوطنية، تم اختيار فتوح ليشغل منصب رئيس المجلس الوطني خلفا للمستقيل سليم الزعنون (88 عاما) والذي بقي في المنصب منذ عام 1996.
ويأتي الرفض الشعبي والفصائلي لفتوح على وجه التحديد؛ كونه تدور حوله شبهات فساد منذ سنوات ولم يتم البت فيها، بالتالي أصبح غير مقبول وطنيًا لكن يبدو أنه مرغوب فيه من قبل القيادة المتنفذة في السلطة.
قصة الجوالات المهربة
قبل نهاية شهر مارس للعام 2008، قررت اللجنة المركزية لحركة فتح إعفاء روحي فتوح الذي كان آنذاك مسشارا لرئيس السلطة محمود عباس، من كافة مسؤولياته الرسمية في الحركة وفي السلطة الفلسطينية لحين البت في قضية تهريب أجهزة هواتف خلوية استخدمت فيها سيارته الخاصة.
وقالت اللجنة عقب جلسة ترأسها عباس إنها اتخذت هذا القرار بعد أن استمعت إلى فتوح بشأن واقعة تهريب أكثر من ألفي جهاز محمول في سيارته عند عودته من الأردن.
وفي ذلك الوقت، أعلن متحدث "إسرائيلي" أن "القوات الإسرائيلية ضبطت ألفي هاتف نقال في سيارة فتوح الذي تولى رئاسة السلطة الفلسطينية بعيد وفاة الرئيس ياسر عرفات كما شغل منصب رئيس المجلس التشريعي سنوات".
رئاسة المجلس الوطني!
وفي الثامن عشر من شهر يناير الماضي، أعلنت حركة فتح عن ترشيح روحي فتوح لرئاسة الجلس الوطني خلفا لسليم الزعنون. في قرار واجه انتقادات حادة من قبل الفصائل والشخصيات الوطنية والنشطاء السياسيين وعبر مواقع التواصل أيضا. وفي خطوة غير قانونية لا تندرج ضمن صلاحياتها، جددت مركزية "فتح" ثقتها بـ"عباس" رئيسا لها واللجنة التنفيذية والسلطة.
واختار المجلس المركزي الذي ينعقد في رام الله حاليا بدون توافق وطني ووسط مقاطعة فصائلية واسعة، فتوح رئيسا للمجلس الوطني، وعلي فيصل وموسى حديد نائبين لرئيس المجلس، وفهمي الزعارير أمينا للسر.
مرفوض وطنيا
وفي السياق، مؤسس تجمع الكل الفلسطيني بسام القواسمة قال إن ترشيح فتوح لرئاسة المجلس الوطني يفتقد للشرعية ومخالفة للقانون والأنظمة القانونية الفلسطينية.
وأضاف القواسمة أن فتوح تدور حوله شبهات فساد لم يتم البت والفصل فيها ومنها تهريب الموبايلات، لافتا إلى مجموعة متنفذة تختطف إرادة فتح الحقيقية، وهم بهذه القرارات يسيئون لها.
وذكر أن شعبنا بحاجة لانتخاب شخصيات بطريقة ديمقراطية ومن خلال سلطات شرعية، داعيا قوى وفصائل شعبنا لرفض هذه القرارات غير الشرعية التي يراد منها الالتفاف على إرادة شعبنا واغتصاب إرادته وحقوقه وبالذات السياسية منها.
ودعا لضرورة إجراء انتخابات عامة ومنها انتخابات المجلس الوطني عبر التوافق وبمشاركة الكل الوطني دون استثناء"، مضيفا بعد إجراء هذه الانتخابات يمكن الحديث عن رئيس للمجلس الوطني حتى يكون متفق مع إرادة شعبنا".
وتابع القواسمة " المجلس الوطني لابد أن يمثل شعبنا في الداخل والخارج، ثم تجرى الانتخابات، وبعد ذلك يتم حسم واختيار رئيس المجلس الوطني حتى يكون شرعي وقانوني".
وشدد على أن التعيين بهذه الطريقة يشير إلى أن كل السلطات الموجودة، هي منتهية الولاية، وغير شرعية، ولا تمثل شعبنا"، مردفا : "لا تأتي الشرعية إلا من خلال صناديق الاقتراع، وهذا ما نص عليه الميثاق الأساسي لمنظمة التحرير، وما نص عليه القانون الأساسي الفلسطيني".
وبعد قرارات مركزية "فتح" الأخيرة خاصة تجديد الثقة بعباس وترشيح فتوح لرئاسة الوطني، قال عضو التجمع الوطني عمر عساف لشهاب إن "أبو مازن فاقد للشرعية وحركة فتح ليست هي من يعطي الشرعية له كرئيس للسلطة، إنما الشعب يجب أن يكون مصدر هذه الثقة".
بدوره، شدد منسق كتلة "طفح الكيل" الانتخابية جهاد عبدو، على أهمية مقاطعة جلسة المركزي، محذرًا من أن الفئة المتنفذة في السلطة تسعى من خلالها إلى "تقسيم المناصب".
وقال عبدو لـ شهاب إن هناك عصابة تتكون من 3 أو 4 شخصيات، تسيطر على النظام السياسي الفلسطيني"، مستطردا : "حتى حركة فتح ضحية لهذه المجموعة التي تتحكم بكل شيء، وبقية من يحضر الاجتماعات هم سحيجة". وفق قوله.
واعتبر أن "هذه العصابة تريد من انعقاد المجلس المركزي، تقسيم الكعكة والمناصب بما يخلق حالة من التوازن فيما بينهم، وكأن المجلس الوطني أو منظمة التحرير، مزرعة أو شركة خاصة لناس متفقين ولديهم ورثة".
ونبه عبدو من أن ذلك يؤدي لمزيد من الانقسام في بنية الشعب الفلسطيني ويجعله لقمة صائغة أمام العدو "الإسرائيلي".
وأكد أن الثقة لا تُمنح من فصيل إنما مصدر الشرعية هو الشعب فقط، لافتا إلى أن المركزي وقراراته لا يمثلون أحد والأعضاء موجودين منذ سنوات وهم كبار في السن ويحضرون فقط كي يرفعوا يدهم.
وأكد أن تلك القيادة المتنفذة لا تريد انتخابات لكنها تحاول إعادة الثقة لمؤسسات لا تمتلك ثقة ولا شرعية أصلا، عادًا أن قراراتها تؤدي إلى سد الطريق أمام حوارات المصالحة وإنهاء الانقسام.