خاص دلالات رسالة بايدن "شديدة للهجة" لنتنياهو وكيف تمت قراءتها إسرائيليًا

أرشيف - لقاء سابق بين بايدن ونتنياهو

تقرير: عادل ياسين

كلمات معدودة ورسالة قصيرة واضحة نقلها الرئيس الأمريكي جو بايدن لحكومة نتنياهو ليلة أمس، الثلاثاء، عبر فيها عن قلقه الشديد مما يحدث في الشارع الإسرائيلي ومن التداعيات السلبية للتعديلات القانونية على مستقبل (إسرائيل) والعلاقة مع الولايات المتحدة.

الانتقادات التي وجهها بايدن لحكومة نتنياهو إلى جانب رفضه توجيه دعوة رسمية لرئيس الحكومة تمثل سابقة في تاريخ العلاقات بين الجانبين، وحملت في ثناياها مؤشرات كثيرة ودلالات خطيرة على مستقبل العلاقات بين الجانبين.

رسالة بايدن كشفت مدى خوف الإدارة الأمريكية من تراجع قدرة الكيان الإسرائيلي على القيام بدوره الوظيفي في المنطقة واستمرار ضعفه في ظل عجزه عن التعامل مع التهديدات الداخلية والتحديات الخارجية المتراكمة، وما يترتب على ذلك من تضرر للمصالح الأمنية الحيوية للولايات المتحدة في منطقة الشرق الأوسط.

لكن الغريب هو استمرار بعض السياسيين بالادعاء أن (إسرائيل) قادرة على حماية نفسها بنفسها، وأنها في غنى عن المساعدات الأمريكية، وهو يتنافى مع الواقع في ظل ارتباطاها شبه الكامل بالدعم العسكري والغطاء السياسي من الولايات المتحدة.

الحقيقة السابقة تتجلى من خلال المقارنة بين تحذيرات المحللين والسياسيين الرافضين لسياسة حكومة نتنياهو وبين أتباع معسكر نتنياهو.

ردود الفعل على تصريحات بايدن، تفاوتت بين من حذر من خطر تضرر العلاقة مع الولايات المتحدة باعتبارها كنز استراتيجي وصمام أمان لبقاء الكيان، وبين التمسك بوهم استقلالية القرار وسيادة " الدولة".

النائب السابق لرئيس مجلس الأمن القومي الأمريكي تشارلز دافيد فريدليخ تحدث عن عمق الأزمة بين الإدارة الامريكية و"إسرائيل"، واصفا الخلافات بانها غير مسبوقة ومن يرى غير ذلك فهو أعمى على حد قوله.

وأشار إلى أن المساعدة العسكرية التي تقدمها الولايات المتحدة لإسرائيل والتي تقدر حاليا ب4 مليار $ تقريبًا، بأنها في خطر وقد تتأثر في حال تدهور العلاقة بين الإدارة الأمريكية وحكومة بنيامين نتنياهو.

زعيم المعارضة يائير لابيد اتهم حكومة نتنياهو الأكثر تطرفا في تاريخ الكيان بانها تسببت في تخريب العلاقة مع أكبر وأهم حلفاء "إسرائيل" ودعا نتنياهو للتراجع عن التعديلات القانونية.

في المقابل، وصف زعيم حزب ازرق أبيض بيني جانتس تصريح بايدن، بأنه بمثابة دق ناقوس الخطر وأن تدهور العلاقات مع الولايات المتحدة سيكون بمثابة عملية تخريب استراتيجية، داعيًا نتنياهو للتعامل بحكمة وبمسئولية أمنية وسياسية ووقف عربدة بن غفير.

سفير "إسرائيل" السابق في الولايات المتحدة داني أيالون تحدث بحرقة عن تفاقم الأزمة مع الولايات المتحدة، مشيرًا إلى أنها الأكبر منذ عام 1991 حينما رفض الرئيس جورج بوش طلب رئيس الحكومة شامير تقديم مساعدات بقيمة 10مليار$.

ونوه أن الإدارة الأمريكية شعرت بخطورة الأوضاع في "إسرائيل" خلال زيارة وزير الدفاع لويد أوستين حينما اضطر نتنياهو ووزير الجيش يوآف جلانت مقابلته في المطار بسبب الاحتجاجات ؛ لكن الشعرة التي قصمت ظهر البعير هو إقدام  نتنياهو على إقالة وزير الجيش يوآف جلانت.

وذكر أيالون بأنه تلقي العديد من الاتصالات فور الإعلان عن إقالة جلانت بل إن البعض اتهم نتنياهو بأنه يمثل خطر وجودي على "إسرائيل" ما لم يُثبت العكس.

كما كشف عن سبب قلق الولايات المتحدة مما يحدث في " إسرائيل" قائلا: لقد دفعت الولايات المتحدة على مدار سنوات العشرات من المليارات للحفاظ على "إسرائيل" باعتبار وجودها ضمان مصلحة أمنية حيوية للولايات المتحدة وأن امتلاكها قوة ردع فعالة تمنع اندلاع حرب في المنطقة ويجنبها الدخول في حرب هي في غنى عنها.

ونوه إلى أن ما يزعج بايدن هو شعوره بانه صهيوني ويخشى على مستقبل "إسرائيل" ونظامها الديمقراطي، لا سيما وأن الحزب الديمقراطية يعتبر مبادئ الديمقراطية بمثابة ديانة مقدسة، ويعتبرون بأن تغير طابع النظام في "إسرائيل" خطر كبير قد يؤثر سلبا على العلاقة معها.

وتابع: تصريحات المسئولين الأمريكيين تدل على انعدام ثقتهم بنتنياهو، ويصفونه بأنه بالون ساخن وقع على الأرض ولا يستطيع أحد الإمساك به.

أما فيما يتعلق برد نتنياهو على تصريح بايدن وحديثه بان " إسرائيل" دولة مستقلة وتتخذ قرار بناء على رأي الشارع وليس تحت ضغوط خارجية، فقد أشار إلى ان هذا التصريح سيساهم في زيادة العلاقة مع الولايات المتحدة سوءا.

المحلل السياسي براك رافيد، أشار إلى أن بايدن يشعر بان دولة حليفة قد ضاعت من بين يديه وتحت ناظريه وأنها تحولت من فيلا في غابة إلى غابة في فيلا ، وهو يحاول نقل رسالة للجمهور الإسرائيلي بأن نتنياهو يخدعهم ويحاول تمرير التعديلات بشكل تدريجي

واستدل رافيد بذلك على الدعم العسكري الذي تقدمه لإسرائيل سواء كان ذلك قنابل أو صواريخ أو طائرات متطورة وحديثة تمكنها من الحفاظ على قوة ردعها وتنفيذ اعتداءاتها، عدا عن الاستفادة من علاقتها مع الولايات المتحدة لترسيخ وتعزيز مكانتها في العالم وإقامة علاقات دولية باعتبارها مفتاح لفتح أبواب البيت الأبيض وجسر عبور لنيل رضا الإدارة الأمريكية.

أمام سيل الانتقادات لسياسة حكومة نتنياهو والتداعيات السلبية للتعديلات القانونية سواء كانت محلية او دولية، خرجت أصوات رافضة وغاضبة لتصريح رئيس الإدارة الأمريكية جو بايدن.

بن غفير وجه رسالة مفادها أن (إسرائيل) دولة مستقلة تعمل بناء على رغبة الشعب وليست نجمة في العلم الأمريكي.

أما عضو الكنيست الليكودي نسيم فاتوري فقد اتهم الولايات المتحدة بالتسبب بمقتل جنود إسرائيليين حينما رفضت إدارة أوباما تزويد "إسرائيل" بصواريخ هليفر خلال عملية الجرف الصامد عام 2004، كما طالبها بعدم التدخل في الشؤون الداخلية " لإسرائيل" مؤكدا بانه لن يسمح لأحد أن يملي شروطه عليها.

أما فيما يتعلق بالدعم الأمريكي فقد أشار إلى ان " إسرائيل" قادرة على حماية نفسها بنفسها دون الحاجة للدعم أمريكي.

المصدر : شهاب

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد

صيغة البريد الإلكتروني خاطئة