بعد 324 يومًا.. هذه دلالات ورسائل كتائب القسام بعد قصفها عمق "تل أبيب"

منذ اليوم الأول لمعركة طوفان الأقصى المستمرة منذ أحد عشر شهرًا، تواصل كتائب القسام قصف مدينة "تل أبيب" بالصواريخ في كل حين، في رسالة واضحة للاحتلال الإسرائيلي الذي يشن عدوانه وحرب الإبادة الجماعية ضد أهالي قطاع غزة، أنها قادرة على قصف مدينته الاقتصادية الكبرى وقت ما يناسبها.

وليلة أمس قصفت كتائب القسام مدينة "تل أبيب" بصاروخ من طراز "مقادمة" "M90" رداً على مجازر الاحتلال الإسرائيلي بحق المدنيين والتهجير المتعمد لأبناء شعبنا، في حين دوّت صفارات الإنذار في مدينة "ريشون لتسيون" جنوب "تل أبيب"، بينما فشلت أنظمة الدفاع الجوي في اعتراض الصاروخ وفق ما قاله الإعلام العبري وأظهرته مقاطع الفيديو التي وثقت لحظة سقوط وانفجار الصاروخ.

ووفق محللون مختصون، فإن قصف القسام لمدينة "تل أبيب" بعد 324 يومًا على الحرب المدمرة التي يشنها الاحتلال على القطاع، يمثل ضربة قوية تزامنا مع الحديث الإسرائيلي عن القضاء على المقاومة الفلسطينية ومقدراتها في قطاع غزة.

قدرة عالية

وفي هذا الإطار، رأى نائب رئيس هيئة الأركان الأردنية الأسبق قاصد محمود أن قصف كتائب القسام لمدينة "تل أبيب" يدل على أن المقاومة لا تزال قادرة على الوصول إلى عمق فلسطين المحتلة بوسائلها الإستراتيجية وصناعاتها الذاتية.

وأوضح محمود، أن إطلاق الصواريخ على "تل أبيب" يدل على أن المقاومة، إستراتيجيًا، ما زالت تمتلك القدرة على إرسال الصواريخ رغم جميع وسائل الغطاء الجوي الاستطلاعي والحربي والميداني والاستخباري الإسرائيلي.

وأضاف أن قصف "تل أبيب" يتزامن مع نجاحات عمليات ميدانية متراكمة للمقاومة خلال الأيام السابقة سواء في حي الزيتون أو في دير البلح أو في خانيونس، موضحًا أن وسائل قتال المقاومة التعبوية تتلاقى وتتكامل مع العملياتية.

وأشار إلى أن هذا القصف يأتي على فترات متباعدة، لافتًا إلى أن الشعب الفلسطيني قد يحتاج إلى مثل هذه الجرعات المعنوية وأن يشعر أن المقاومة يدها طويلة وتستطيع أن تصل أيضًا إلى أهداف إسرائيلية.

قرار سياسي

قال الخبير العسكري والإستراتيجي اللواء فايز الدويري إن قصف المقاومة تل أبيب بصاروخ من طراز "مقادمة إم 90" من خان يونس هو رسالة لتأكيد قدرتها على ضرب العمق الذي ترغب به داخل الكيان، وأنها لا تزال تملك الوسائل لذلك.

وفي تفسيره لاستخدام حماس صاروخا واحدا فقط في هذا الهجوم أوضح الدويري أن كتائب القسام، لديها مقارباتها الخاصة التي تضبط استخدامها لهذه الوسائل مثل المفاوضات حول وقف إطلاق النار وغيرها.

وبناء على ذلك أكد المحلل العسكري أن قرار قصف وسط الكيان بهذا الصاروخ هو قرار سياسي لقيادة حماس في الداخل قبل أن يكون قرارا عسكريا لأن انعكاسات تأثيره السياسية يمكن أن تكون كبيرة.

وأوضح أن الصاروخ يحمل رأسا متفجرا وزنه أقل من 250 كيلوغراما من المتفجرات ويبلغ مداه الأدنى 90 كيلومترا والنوع المحسن منه يصل حتى 250 كيلومترا، موضحا أن اسم الصاروخ "إم 90" يعني "إبراهيم مقادمة، 90 كيلومترا"، وهو الجيل الأول من 3 أجيال صواريخ تحمل اسم إبراهيم مقادمة.

ولفت الدويري إلى أن كتائب القسام سبق أن استخدمت نفس التكتيك؛ حيث أطلقت رشقات صاروخية في أوقات مختلفة لتأكيد رسائلها بأنها قادرة ولديها الوسائل التي تستطيع أن تضرب بها العمق الإسرائيلي.

وحول مقدرة القسام على إطلاق الصاروخ من خان يونس التي تجري فيها عمليات عسكرية مكثفة لجيش الاحتلال، قال الدويري إن هذه ليست المرة الأولى التي تطلق فيها القسام من مناطق يوجد فيها جنود الاحتلال، حيث سبق أن أطلقت صواريخ من نقطة تبعد مسافة كيلو ونصف أو أقل بحسب ما أقر بذلك جيش الاحتلال نفسه.

قادرة على المناورة

كما قال المحلل السياسي سليمان بشارات، إن قصف القسام لتل أبيب بعد أكثر من 324 أيام، يمثل ضربة قوية تزامنا مع الحديث الإسرائيلي عن القضاء على المقاومة الفلسطينية ومقدراتها في قطاع غزة. 

وأضاف بشارات في تصريح خاص لوكالة "شهاب" للأنباء، أن المقاومة الفلسطينية تعطي رسالة واضحة أنه في ظل السيطرة الإسرائيلية أو كما يقول الجيش الإسرائيلي أنه يسيطر على المحاور الرئيسية في قطاع غزة وعلى سماء القطاع، فإن المقاومة قادرة على تنفيذ ضربات لقلب الاحتلال. 

وأشار إلى أن المقاومة تضرب من منطلق القوة وهذا يتقاطع بشكل كبير مع تصريحات وزير الجيش الإسرائيلي غالانت عندما قال إن الحديث عن النصر المطلق وهم وهراء. 

وتابع: "بالتالي المقاومة الفلسطينية تؤكد أن ما تمتلكه من قدرات ما زالت حاضرة"، مضيفاً أن "المقاومة قادرة على المناورة وقدرتها العالية على المناورة في كيفية واستخدام المخزون التكتيكي لمقدراتها العسكرية يمنحها تفوقاً مستقبلياً ويمكن أن يشكل لها قوة ضغط وقوة إدارة ميدانية في حالة استنزاف طويلة الأمد". 

واعتبر المحلل السياسي أن رسالة اليوم كبيرة يمكن أن يكون لها مدلولاتها العسكرية والأمنية والسياسية وكذلك الأمر تأثيراتها على المجتمع الإسرائيلي الداخلي الذي دائما يسمع تمجيدات من قبل الجيش ومن قبل المسؤولين السياسيين من أنه تم تخفيض أو القضاء على القدرات العسكرية لحماس وللمقاومة وبالتالي فإن قصف تل أبيب فند وهدم كل السردية الإسرائيلية. 

وتواصل بذلك المقاومة تصديها لجيش الاحتلال في محاور عدة، ضمن حربه المستمرة على غزة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، مخلّفا عشرات آلاف الشهداء والجرحى من المدنيين وسط وضع إنساني يوصف بالكارثي ومجاعة متفاقمة تخيم على القطاع المحاصر.

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد

صيغة البريد الإلكتروني خاطئة