نزوحٌ ومجازر هدم.. الاحتلال يغيِّر ملامح مخيمي نور شمس وطولكرم

نزوحٌ ومجازر هدم.. الاحتلال يغيِّر ملامح مخيمي نور شمس وطولكرم

الضفة / شهاب
هدم وقتل ونسف وتجريف وتشريد وتدمير للبنى التحتية، هذا ما يجري في مخيمي نور شمس وطولكرم شمال الضفة الغربية، حيث تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي عدوانها الغاشم على الفلسطينيين، الذين اضطروا للنزوح رغمًا عنهم بعد قطع جميع الخدمات الأساسية عنهم.

وطالت مجازر الهدم وتدمير المنازل والمنشآت 632 منزلًا ومنشأة، مع دخول العدوان الإسرائيلي يومه الـ41 على التوالي، واليوم الـ28 على مخيم نور شمس، فيما اعتقلت قوات الاحتلال قرابة 190 مواطنًا خلال حملات الاعتقال الواسعة في مخيمات طولكرم، حيث نفذت 475 عملية مداهمة لمنازل المواطنين، ما أدى إلى استشهاد 13 فلسطينيًا.

وضمن العدوان الواسع على طولكرم، تصاعدت موجات النزوح القسرية من المدينة ومخيّمَيها، حيث أجبرت قوات الاحتلال نحو 25 ألف مواطن من مخيمي طولكرم ونور شمس على النزوح خارج المدينة، منهم 12 ألفًا من مخيم طولكرم، و13 ألفًا من نور شمس.

كما تعرضت المخيمات لتدمير واسع وكامل للبنية التحتية والممتلكات، من منازل ومحالّ تجارية، تعرضت للهدم والتفجير والإحراق، ما فاقم معاناة السكان الذين بقوا في منازلهم، تحت حصار مشدد، ونقص في المواد الأساسية من الطعام والمياه والأدوية وحليب الأطفال.

"غزة الصغرى"

رئيس لجنة خدمات مخيم نور شمس، نهاد الشاويش، قال إنه لم يتبقَّ أحد من سكان المخيم البالغ عددهم نحو 13 ألف نسمة داخل المخيم الرئيسي.

وأضاف: "بقي نحو 3000 شخص في المخيم، واليوم هجّروهم جميعًا، لم يتبقَّ أحد. وفي الجهة المقابلة للمخيم، ما زال هناك بعض الناس، أما داخل المخيم وأطرافه فقد أجبروهم على النزوح".

الناشط محمود الأفغاني أكد أن "الاحتلال الإسرائيلي يسعى إلى تغيير معالم المخيمات الفلسطينية وطبيعتها الجغرافية، على حساب عشرات المنازل المبنية منذ سنوات طويلة".

ولفت إلى أن "مخيم نور شمس يشهد تصعيدًا مستمرًا منذ بدء عدوان الاحتلال عليه قبل 28 يومًا، حيث تنفذ قوات الاحتلال عمليات مداهمة متكررة للمنازل، بعد تفجير أبوابها وطرد سكانها تحت تهديد السلاح، وتحويلها إلى ثكنات عسكرية".

ومن جانبه، قال أحد المواطنين الفلسطينيين، الذي أجبرته قوات الاحتلال الإسرائيلي على النزوح من مخيم نور شمس، بينما يحمل على كتفه كيسًا جمع فيه ملابس له ولأولاده: "جئنا لنرى ما حل بالمخيم، وأخذنا ما استطعنا من ملابسنا".

وأضاف: "رأينا دمارًا لم يسبق أن شاهدناه في المخيم"، مشيرًا إلى أن جيش الاحتلال هدم أكثر من 50 منزلًا، ومتوقعًا أن تطول فترة النزوح مع استمرار العملية العسكرية الإسرائيلية على المخيم.

وروى نازح آخر، جاء إلى المخيم لتفقد منزله وهو يحاول التقاط أنفاسه، أنه يعيش حياة صعبة بعد أن نزح إلى حارة السلام في مدينة طولكرم، متحسرًا على ذكريات الطفولة التي أمضاها في أزقة المخيم، والتي هدمتها جرافات الاحتلال.

وقال نازح آخر عاد لتفقد منزله: "هذا يعز علينا"، ثم وصف المشهد داخل المخيم قائلًا: "هذه غزة الصغرى"، في إشارة إلى حجم الدمار الكبير الذي حلّ بمخيم نور شمس.

وأشار أحد النازحين أيضًا إلى أن "الدمار لا يوصف، وأن عددًا كبيرًا من السكان تمكنوا من التعرف على أحيائهم بصعوبة"، مستبعدًا أن تكون العودة قريبة.

"سنبقى ولن نرحل"..

الفلسطيني ربيع خليفة، بينما كان يقف إلى جوار منزل عائلته المتوقع أن يُهدم، قال: "في هذا المنزل تعيش خمس عائلات، بينهم والدتي، هذا البيت الذي ولدنا فيه وتربينا، واليوم تنوي حكومة الاحتلال هدم كل المنازل المحيطة، ونحن نقوم بإخلاء ما يمكن".

وأضاف خليفة أن "الاحتلال الإسرائيلي غيّر معالم المخيم"، مشيرًا إلى أن "شارع منزلهم كان بعرض 3 أمتار، واليوم بات بعرض 20 مترًا".

وتابع: "ما الذي يريده الاحتلال منا؟ يريد تهجير الشعب الفلسطيني مجددًا، نحن هنا ولن نرحل، سنبقى في بيوتنا ومخيمنا، ولا يمكن لأي قوة أن تقدر على طردنا".

"إعادة هندسة المخيمات"..

حركتا حماس والجهاد الإسلامي قالتا إن سلطات الاحتلال الإسرائيلي تعمل على إعادة هندسة مخيمات الضفة الغربية بفرض وقائع جديدة عبر سياسة التطهير العرقي.

وأكد القيادي في حركة حماس، عبد الرحمن شديد، أن "عمليات الهدم والتهجير التي ينتهجها الاحتلال في مدن شمال الضفة الغربية المحتلة ومخيماتها، خصوصًا في جنين وطولكرم ونور شمس، ستتحطم على صخرة صمود أبناء شعبنا، وستفشل في تحقيق أهدافها بإنهاء المقاومة وإنهاء قضية اللاجئين".

ودعا شديد الشعب الفلسطيني إلى النهوض والتوحد لمواجهة مخاطر إنهاء قضية اللاجئين، في ضوء مخططات الاحتلال المتسارعة في المخيمات، لافتًا إلى أن "ما يجري في جنين وطولكرم سيمتد إلى باقي مخيمات الضفة، كما صرّح بذلك قادة الاحتلال ومتطرفوه".

وقال: "يريد الاحتلال إنهاء قضية اللاجئين، وإنهاء فكرة المخيمات في الضفة الغربية، وإعادة هندسة المخيمات، وترحيل أغلب أهلها، وضمان عدم إعادة إعمارها، وتوزيع السكان على المدن الفلسطينية لمحو صفة اللاجئ عنهم، ومحو قضية العودة من الذاكرة".

وشدد القيادي في حماس على ضرورة تصعيد المقاومة في وجه الاحتلال ومستوطنيه، و"ألا يبقى شبر آمن للمحتل على أرضنا، وضربه في كل مكان، وفي كل اقتحام، وعلى الطرق الاستيطانية الممتدة على أرض الضفة الحبيبة".

وبيّن شديد أن الاحتلال "فشل في إنهاء القضية الفلسطينية بفضل وعي الشعب الفلسطيني، الذي أثبت بطلان مقولة: الكبار سيموتون والصغار سينسون"، مضيفًا أن "الكبار أورثوا لأبنائهم وأحفادهم مفتاح العودة والمقاومة، ولن تنتهي هذه الفكرة حتى إنهاء الاحتلال".

من جهتها، قالت حركة الجهاد الإسلامي إن "الاحتلال مستمر في ارتكاب الجرائم الوحشية بحق شعبنا"، مؤكدةً أن "عمليات هدم المنازل في مخيمي طولكرم وتشريد مئات العائلات، تمثل اعتداءً وحشيًا يكشف الوجه الإجرامي لهذا الكيان الغاصب".

وأكدت الحركة أن "شعبنا لن يرحل عن أرضه، ولن يتخلى عن حقه"، محملةً الاحتلال كامل المسؤولية عن هذه الجرائم، وكذلك المجتمع الدولي والمنظمات الأممية بسبب صمتها الذي يمنح الاحتلال غطاءً لمواصلة عدوانه دون رادع.

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد

صيغة البريد الإلكتروني خاطئة