اعتبر كتاب ومحللون سياسيون فلسطينيون، أن خطاب محمود عباس في افتتاح جلسة المجلس المركزي لمنظمة التحرير "غير الشرعية" مساء أمس، ما هي إلا تكرار لكلماته السابقة، مشيرين إلى أنها لم تحمل شيئا جديدا على أي صعيد.
وأجمع الكتاب والمحللون في أحاديث منفصلة مع وكالة "شهاب" للأنباء أن عباس يتحدث بلغة الاستسلام والاستجداء حينما يتعلق الأمر بالاحتلال أو الإدارة الأمريكية، في وقت يضع شروطه المسبقة أمام المصالحة وإنهاء الانقسام.
كما أثار عدم بث كلمة عباس على الهواء مباشرة كما جرت العادة، التساؤلات في أوساط المتابعين والمراقبين والمحللين، إذ يرى منهم أنه تم اللجوء لذلك بسبب هواجس الفشل أو خشية إطلاق أبو مازن ألفاظ خادشة.
"محلل وليس رئيس"
الكاتب والمحلل السياسي مصطفى الصواف، عدّ أن كلمة عباس "تكرار لكلماته السابقة ولم تتضمن جديدا"، موضحًا أنه تحدث في بعض القضايا كمحلل سياسي وليس كما يدعي أنه رئيس للشعب الفلسطيني.
وأشار الصواف لـ"شهاب" إلى أن عباس يدعو العالم للتحرك ضد عنصرية الاحتلال ولم يدعو نفسه للتحرك ولو خطوة واحدة تجاه حقوق الشعب الفلسطيني بعد تنكر الاحتلال لوهم حل الدولتين.
وأضاف الصواف أن "خيارات عباس الاستمرار في التواصل مع الاحتلال، ولو كان لديه خيارات لاستخدمها قبل لقاء المجلس المركزي وبعد خطابه في الأمم المتحدة".
ووفق الصواف، فإن عباس سيبقى ينتظر أمريكا وبايدن الذي أقر كما أقر ترامب بأن القدس عاصمة الكيان "الإسرائيلي"، ولن تلتزم أمريكا إلا بحماية الاحتلال وإبقائه متفوقا عسكريا.
ولفت إلى أن عباس كرر دعوته لعقد مؤتمر دولي لحل المشكلة الفلسطينية.
وذكر أن عباس ما زال يشترط الالتزام بالشرعية الدولية للمصالحة، مبينا أن الشرعية الدولية قائمة على الاعتراف بالكيان وأوسلو جزء من هذه الشرعية.
وأضاف الصواف أنه "عند حديث عباس عن الانتخابات التي أجلها، ما زال مرتبطا بموافقة الاحتلال على إجرائها في القدس وهو يعلم أن الاحتلال لن يسمح بذلك لأن القدس هي عاصمته ولن يسمح بانتخابات فلسطينية وهو دليل على عدم رغبته بإجراء الانتخابات". وفقا له.
وعدّ الكاتب والمحلل السياسي البارز أن عباس وجه تحية كاذبة للشهداء والأسرى، مستطردا أنه "لو كان بالفعل يرى دور الشهداء والأسرى لما قطع رواتبهم التي كانت تصرف لهم في السابق وخضع للضغوط الأمريكية والصهيونية".
وختم الصواف حديثه بالقول إن "خطاب عباس قائم على ما شمله اتفاق اوسلو وحل الدولتين والاعتراف بالكيان.. وما تبقى هو كلام لا رصيد له على أرض الواقع".
"نفس العبارات والمصطلحات"
كما اتفق الكاتب والمحلل السياسي ماجد الزبدة مع الصواف، بأن خطاب عباس تكرار لذات العبارات والمصطلحات التي ملّ الشعب الفلسطيني من تكرار سماعها، من التلويح بالنظر في الخيارات المستقبلية، والمطالبة بعقد مؤتمر دولي للسلام، والإقرار بعدم رغبة الاحتلال بحل الدولتين.
ولفت إلى أنه "لم يتم بث خطاب عباس على الهواء وكأن هواجس الفشل من انعقاد الجلسة لاحقت القائمين عليها، أو أن الكلمة احتوت ألفاظًا خادشة حالت دون القيام ببثها على الهواء".
ووفق الزبدة، فقد أكد الخطاب إصرار عباس على الاستمرار في في ذات المسار العقيم الذي نبذه الشعب الفلسطيني، وذلك من خلال تبريره اللقاءات العبثية التي يُجريها فريق أوسلو مع جنرالات الاحتلال، والزعم كذبًا بأنها تخدم مصالح الشعب الفلسطيني.
وقال إن "إقرار عباس بعدم تطبيق قرارات سابقة اتخذها المجلس المركزي يؤكد صورية جلساته، وأن الهدف من هذه الجلسة هو تعزيز هيمنة فريق أوسلو على اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير من خلال ملء شواغرها، وتعيين رئيس للمجلس الوطني بشكل مخالف للنظام والقانون والإجماع الوطني".
وأضاف أن إدعاء عباس بأن السلطة تولي عملية الإصلاح الشاملة اهتمامًا بالغًا يُكذّبها واقع الحال في الضفة، وقمع الحريات العامة، واستمرار الاعتقالات السياسية، إضافة إلى قرارات عباس بحل المجلس الأعلى للقضاء، وتشكيل محكمة دستورية بشكل منافٍ لنصوص القانون الأساسي، وحل المجلس التشريعي، وهي قرارات وإجراءات مخالفة للقانون تشير إلى فساد مستشري في مؤسسات السلطة، وهو ما أوضحته نتائج استطلاعات الرأي المتتالية خلال السنوات والأشهر الأخيرة.
وتابع الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني إن "تأكيد عباس على استمراره في إجراء الانتخابات البلدية رغم الرفض الشعبي والوطني الواسع، وإصراره على ربط المصالحة الفلسطينية بإقرار جميع القوى الفلسطينية بالشرعية الدولية يشير إلى عدم رغبته بِطَي صفحة الانقسام، ورفضه إصلاح منظمة التحرير لتصبح بيتًا جامعًا لكل القوى الفلسطينية الفاعلة، وهي إفشال مُسبَق لأي جهود عربية لرأب الصدع الفلسطيني الداخلي وفي ممتها الجهود المصرية والجزائرية".
وعدّ الزبدة في ختام حديثه إلى أن منظمة التحرير بعد جلسة المجلس المركزي غير القانونية، باتت فاقدة للشرعية الوطنية ولا تمثل غالبية اللشعب الفلسطيني؛ كونها مختطفة من "فريق أوسلو".
"مخيبة للآمال ومتناقضة"
من جهته، وصف الكاتب والمحلل السياسي سامي الشاعر، كلمة عباس بأنها "مخيبة للآمال ومكررة ولا جديد فيها"، مبينا أن عباس يكرر في كل مرة تمسكه بالجزء الشرقي للقدس عاصمة لبرنامج السلطة، وهو يتناقض مع الحق الفلسطيني الذي تتبناه الفصائل الوطنية والإسلامية أن القدس شرقها وغربها عاصمة دولة فلسطين.
وأضاف أن خطاب عباس مليء بالتناقضات على صعيد الدعوة لإنهاء الانقسام وهو الذي أصر منفردا على انعقاد اجتماع المجلس المركزي اليوم دون اعتبار للموقف الوطني الداعي للحوار وإعادة تأهيل مؤسسات المنظمة وتكريس حالة الانعزالية للوحدة الوطنية بانعقاد المجلس دون توافق.
ولفت الشاعر إلى أنه "في هذا الاجتماع تم تغييب أصوات 80% من الشارع الفلسطيني، فضلا عن تغييب حضور فلسطينيي الشتات".
وأشار إلى أن عباس هو من ألغى الانتخابات والآن في ظل تفرده بالقرار السياسي يتحدث مره أخرى عن الانتخابات، مستطردا : "هذا تناقض كبير".
وعدّ أن دعوة عباس لمحاسبة الاحتلال في المحاكم الدولية هي ذر رماد للعيون فلا تتعدى الورقة التي تلاه بها بيانه أمام الحاضرين، موضحا أنه سبق أن عطل أبو مازن مشاريع قرارات دولية ومشاريع قانونية تهدف إلى محاكمة ومحاسبة الاحتلال وعطل تحريك ملفات تتهم الاحتلال بارتكاب جرائم حرب أمام المحاكم الدولية.
ويرى الكاتب والمحلل السياسي أنه "مطلوب موقف فلسطيني جامع فصائليا وشعبيا يمثل الإرادة الحقيقية لشعبنا والوقوف أمام سياسة التفرد بالقرار وخطف المؤسسات الفلسطينية الرسمية وتوظيفها في صورة تخدم المصالح الفئوية والشخصية".
"تصريحات أشبه بمسرحية"
من جانبه، اعتبر الكاتب والمحلل السياسي محمد شاهين، أن محمود عباس يواصل تدمير منظمة التحرير الفلسطينية في انحدارٍ شديد، واصفا كلمته في افتتاح جلسة المجلس المركزي بأنها أشبه بمسرحية.
وقال شاهين إن "تصريحات عباس بالمركزي أشبه بالمسرحية هو المؤلف والممثل والمخرج وكان كأنه يحدث نفسه، فمن بالمجلس هم رجاله وهو بين أتباعه".
ويرى أن خطاب عباس "فارغ من المضامين الوطنية"، عادًا أنه "تكريس لاختطاف المنظمة ويشكل خروجا على الإجماع الوطني الفلسطيني وتجميد للمصالحة وقفز عن القضايا المصيرية".
وأضاف أن عباس هرب في كلمته بالمركزي من قضية ملاحقة مجرمي الحرب الصهاينة في محكمة الجنايات ولم يعطِ مجزرة الطنطورة التي تشكل جريمة حرب حقها كما ولم يوقف التنسيق اأامني الذي أجمعت جلسات سابقة على ضرورة وقفه.
وتابع شاهين إن "كلمته تأكيد على مواقفه السابقة عباس"، معتبرا أن "عباس لم ولن يتغير، فسياسته ورؤيته كما هي وإيمانه بالاستسلام والتنسيق الأمني لا محدود".
وأشار إلى أن تجاهل عباس لحصاره على غزة هو تجسيد لحالة الانقسام وترسيخ لها، وإعطاء مبررات لاستمرار الاحتلال في ارتكاب المزيد من الجرائم ضد شعبنا، وتسهيل تنفيذ تهويد الأراضي المحتلة.
ووفق الكاتب والمحلل السياسي، فإن خطاب عباس إعادة إنتاج لمسار الفشل وتضمن اعترافا ضمنيا بتفرده وأنه يمثل عبثا في مصير الشعب ووحدته التي يرفض إتمامها والتي كان آخرها إفشال لقاء الجزائر .
وتوقع شاهين أن يكون لخطاب عباس تداعيات سيئة للغاية على الفصائل والشعب الفلسطيني في مختلف المستويات السياسية والوطنية.