الرضيعة "أبو زيادة" وُلدت وارتقت في الحرب ..

"القتل أو الفقد أو المرض والتشريد".. خيارات أطفال قطاع غزة في ظل عدوان الاحتلال

"القتل أو الفقد أو المرض والتشريد".. خيارات أطفال قطاع غزة في ظل عدوان الاحتلال

خاص- شهاب

لم تكن الرضيعة ماريا أبو زيادة "4 أشهر" أول دليل ولن يكون الأخير على جرائم الاحتلال وفظائعه بحق أطفال غزة، فسبق أن ارتقى قبل ماريا الآلاف من الأطفال ومزقت أجسادهم وقطعت رؤوسهم.

وارتكب الاحتلال في مدينة خانيونس أمس الأحد، مجازر عدة أسفرت عن شهداء معظمهم من الأطفال بينهم الرضيعة أبو زيادة، لكنهم كانوا أشلاء مقطعة، بالكاد يتعرف المواطن الغزي على ابنه أو ابنته بعدما ضرب الصاروخ أجسادهم الضعيفة.

e9f3872c-1f21-4f78-8367-c09a314b7da5 (1).jpeg
 

القتل المتعمد

ويشهد قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر الماضي، عدواناً إسرائيلياً لم يسبق له مثيل وحرب إبادة على أهالي القطاع بشكل عام والأطفال والنساء بشكل خاص.

وأفاد المكتب الإعلامي الحكومي بارتقاء أكثر من 16200 طفل منذ بدء الحرب على القطاع، وإصابة ما يزيد عن 90 ألفاً غالبيتهم من الأطفال والنساء.

كما أعلن الجهاز الفلسطيني المركزي للإحصاء، أن قوات الاحتلال تقتل نحو 4 أطفال كل ساعة في قطاع غزة، وأن الطفل دفع ثمنا باهظا في الحرب التي استهدفته بشكل كبير.

وفي ذات السياق، أكد جراح أميركي تعمد جيش الاحتلال الإسرائيلي قتل أطفالا فلسطينيين في غزة بنيران قناصته، مشيراً إلى أن كل الكوارث التي شهدها مجتمعاً، لا تعادل مستوى المجازر التي رآها ضد المدنيين خلال أسبوعه الأول فقط في غزة.

ووفق شهادة أدلى بها الطبيب مارك بيرلموتر، لقناة "سي بي إس" الأمريكية، فإن غالبية الضحايا المدنيين هم من الأطفال.

وقال الطبيب الأمريكي: "شاهدت أطفالا في غزة استهدفوا بشكل متعمد برصاص قناصة الجيش الإسرائيلي، هناك حالات استهداف ممنهج للأطفال وارتكاب جرائم حرب بحقهم".

وتابع: "أخرجنا شظايا بحجم أصبعي من أطفال صغار، وهناك أيضاً رصاص قناصة، لقد عالجت أطفالاً أطلق عليهم الرصاص مرتين".

من جانبه، أعلن المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، أنَّ عدد الأطفال الذين قتلوا في غزة منذ 7 أكتوبر الماضي أكبر من عدد الأطفال القتلى في حروب العالم خلال السنوات الأربع الماضية.

ووصف فيليب لازاريني، في منشور بحسابه على منصة "إكس"، الإحصائيات المتعلقة بالأطفال الذين قتلتهم قوات الاحتلال الإسرائيلي في غزة بـ "الصادمة".

وأضاف "هذه حرب على الأطفال، حرب تُشن على مستقبل الأطفال".

الفقد والحرمان

وليس كل من ينجو من مقصلة القتل عبر القصف، ويُكتب له البقاء على قيد الحياة، يمكن اعتباره قد سلمَ بروحه وجسده من تلك المعركة، إذ تبنّى الاحتلال حزمة من الإجراءات والأدوات العنصرية التي يستهدف بها القضاء على من أفلتوا من القتل، من خلال تدميرهم نفسيًا وتحويل حياتهم إلى ما يشبه الجحيم حتى تتساوى لديهم مفاهيم الموت والحياة.

فحرمان الأطفال من مصدر الرعاية الأساسي لهم، الوالدان والأهل، فهناك أكثر من 43 ألف طفل تيتّموا منذ بداية الحرب بفقد والديهم أو أحدهما، وهو ما سيكون له انعكاساته السلبية على اتّزانهم وتكوينهم النفسي مستقبلًا.

ويقول الكاتب عماد عنان إن ضرب المكون النفسي للأطفال المصابين وأسرهم، لا سيما من يعانون من البتر في أي من الأطراف، أو من أُصيبوا بعاهات مستديمة، فتلك الإصابات تحتاج إلى مبالغ طائلة وأوقات طويلة للعلاج (يحتاج المبتور إلى تغيير المفصل الصناعي كل 6 أشهر حتى يصل إلى 18 عامًا)، وهو ما لا يتوفر في الظروف الراهنة، الأمر الذي يحوّل حياتهم إلى جحيم ويعمّق من المأساة والمعاناة اليومية على مدار سنوات طويلة.

ويضيف عنان في مقال له  أن قتل مقومات الحياة في القطاع، حيث تعمّد الاحتلال استهداف كافة الموارد التي من شأنها منح أطفال غزة الأمل في الاستمرار والحياة بطبيعية، فبجانب التجويع والقصف والتدمير النفسي جرّاء جرائم الإبادة المرتكبة، قضى الكيان العنصري على أمل الأطفال في التعليم، فاستهدف المدارس والجامعات، وتعطّلت العملية التعليمية وأصيبت بحالة من الشلل والجمود التام، حيث تم حرمان أكثر من 625 ألف طالب وطالبة في قطاع غزة من حقهم في التعليم المدرسي، وقد بلغ عدد الشهداء من الطلبة في غزة 5 آلاف و900 شهيد، و9 آلاف و800 جريح.

المرض والتشريد

وفي سياق متصل، قال المسؤول الأممي للشؤون الإنسانية في فلسطين جيمي ماكغولدريك، إن الأطفال في قطاع غزة يتعرضون لمخاطر المرض والقنابل.

وأضاف ماكغولدريك، أن 625 ألف طفل محرومون من سنة دراسية كاملة، مبينا أن سكان غزة يواجهون تهديد الجوع والظروف غير الصحية ونقص الرعاية.

ودعا إلى ضمان استقبال وإرسال وتوزيع المساعدات بشكل آمن في غزة، مشيرا إلى أن الهجمات على الأونروا غير مقبولة وتعرض جهودنا للخطر.

وسبق أن أعلن برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، عن اضطراره إلى تقليص الحصص الغذائية للأسر في غزة لضمان تغطية أوسع للنازحين الجدد، في حين كشفت منظمة الصحة العالمية عن فيروس شلل الأطفال في القطاع المحاصر.

وقال برنامج الأغذية العالمي، إنه "مضطر إلى تقليص الحصص الغذائية للأسر لضمان تغطية أوسع للنازحين الجدد".

وأضاف أن "مخزونات الغذاء والإمدادات الإنسانية في وسط وجنوب غزة محدودة للغاية، ولا يتم إدخال أي إمدادات تجارية تقريبا".

وجدد مطالبته بوقف الحرب المتواصلة، مشيرا إلى عدم وجود أي مكان آمن في قطاع غزة.

ويعاني أهالي قطاع غزة من كارثة إنسانية غير مسبوقة، في ظل تواصل العدوان والقصف العشوائي العنيف، وسط نزوح أكثر من 1.8 مليون نسمة داخليا إلى المخيمات غير المجهزة بالقدر الكافي ومراكز الإيواء، فضلا عن تجدد موجات النزوح بفعل القصف الإسرائيلي الذي يتعمد استهداف النازحين.

في سياق منفصل، أعلن مدير منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس، عن اكتشاف شلل الأطفال في قطاع غزة.

وقال غيبريسوس في مقال نشره في صحيفة "الغارديان" البريطانية؛ إن "اكتشاف شلل الأطفال في غزة، تذكير آخر بالظروف المزرية التي يواجهها الناس"، مشيرا إلى أن "استمرار الصراع يعوق جهود تحديد التهديدات الصحية التي يمكن الوقاية منها".

وفي سياق ذي صلة، قالت وزارة الصحة الفلسطينية، في بيان إن “نتائج الفحوص التي أجريت على عيّنات من مياه الصرف الصحي بالتنسيق مع “اليونيسيف” بيّنت وجود الفيروس المُسبب لشلل الأطفال في هذه العيّنات”.

وأضافت أن هذا الاكتشاف في مياه الصرف الصحي التي تجري بين خيام النازحين ومراكز الإيواء والتجمعات السكانية في القطاع الفلسطيني يُنذر بكارثة صحية حقيقية ويُعرّض آلاف السكان لخطر الإصابة بهذا المرض الخطير.

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد

صيغة البريد الإلكتروني خاطئة