"ينتهي بهم المطاف للفشل الكلوي"

بالفيديو كارثة صحية تصيب مرضى حمى البحر المتوسط بغزة

شهاب - تقرير 

في ظل الحصار الشديد والمجاعة التي تنخر في أجساد المواطنين الفلسطينيين ومنع ادخال الاحتلال الإسرائيلي أي نوع من الأدوية اللازمة أدى ذلك إلى اضطراب في جميع الخدمات الصحية ومنها التطعيم، وهو ما تسبب بتفشي الأمراض التي يمكن الوقاية منها باللقاحات والأدوية.

وجراء الاستهداف المتعمد من قبل الاحتلال الإسرائيلي لجميع المرافق الصحية والمستشفيات أثر ذلك على انتشار الأمراض الخطيرة والمعدية، وكدنا نسمع كل يوم انتشار مرض جديد في قطاع غزة نتيجة الحصار وقلة المواد الطبية والمستلزمات الصحية الضرورية.

وآخر ما كان شاهدًا على الحصار والمجاعة التي يفرضها الاحتلال على الغزّيين، الكارثة التي يعاني منها مرضى الكلى والغسيل الكلوي وحمى البحر الأبيض المتوسط إذ ينتهي بهم المطاف لغسيل الكلى بسبب عدم توفر العلاج والغذاء اللازم لهم.

ويظل خطر انتشار المزيد من الأمراض مرتفعا بسبب عوامل عدة، تشمل الاكتظاظ ونقص المياه والصرف الصحي وتعطل خدمات الرعاية الصحية الروتينية وتعثر النظام الصحي.

حمى البحر الأبيض المتوسط (FMF) هو مرض وراثي ذاتي الالتهاب ينتشر بين العائلات في فلسطين ومنطقة الشرق الأوسط، يسبِّب ارتفاعًا متكررًا في درجة الحرارة والتهابًا مؤلمًا للبطن والصدر والمفاصل.

شهادات مؤلمة

الطفلة نور التي أصيبت بمرض مناعي أدى لفشل كلوي، قالت إنها تعاني كثيرًا من شح كبير في الطعام اللازم لها والأدوية الضرورية التي تساعدها على بقائها على قيد الحياة، وأزمة المواصلات التي تعاني منها غزة بسبب عدم توفر الوقود اللازم لتشغيل السيارات لتضطر تأتي لجلسات غسيل الكلى مشيًا على الأقدام من مسافات بعيدة وطويلة.

وأضافت الطفلة نور، في حديث لوكالة "شهاب" للأنباء، أن الطعام المتوفر في الأسواق حاليًا هو المعلبات فقط، وأنها لا تفيد لهم خاصة أنها تحتوي على مواد حافظة وأملاح تزيد من ارتفاع وظائف الكلى والبوتاسيوم في الدم والصوديوم والفسفور.

وأشارت إلى أن جلسات غسيل الكلى تفقد الجسم الكثير من المكملات الغذائية ولا يوجد بالأسواق ما يعوض ما فقده الجسم خلال الجلسة، من خضروات وفواكه ولحوم ودواجن.

ولفتت الطفلة نور إلى أنهم يعانون من شح في الأدوية المناسبة والمستلزمات الطبية الضرورية لتبقيهم على قيد الحياة، مناشدةً جميع العالم لوقف الحرب على غزة لتستطيع أن تأخذ حقها كامل في العلاج.

الطفلة عروب عليوة، التي فقدت منزلها جراء الغارات الإسرائيلية على مدينة غزة، قالت بصوتها المبحوح الضعيف إنها تعاني من شح في الدواء والغذاء اللازم لبقائها على قيد الحياة، متسائلةً عن الدور الذي تلعبه المؤسسات الأممية التي تعتني بالصحة عن حالة الأطفال المصابون بفشل كلوي بقطاع غزة.

الموت يهددهم

الدكتور غازي أنور اليازجي، استشاري ورئيس قسم زراعة وغسيل الكلى بمجمع الشفاء الطبي، قال "يوجد لدينا في المجمع 61 مريضا يعالجون بمعدل جلستين اسبوعيًا، الجلسة الواحدة تقدر بـ4 ساعات لكل مريض، من بينهم 12 طفلا و27 من النساء في ظروف صعبة جدًا لتوفير الجلسة لكل مريض".

وقال الدكتور اليازجي، إنهم يواجهون عدة معيقات أهمها عدم توفر كمية السولار اللازم لتشغيل مولد الكهرباء ونقص المياه النقية الصالحة للشرب ونقص الأدوية والمستلزمات الطبية للمرضى، وأهمها أدوية حمى البحر المتوسط وهي تحتاج لعلاج مهم جدًا وهو علاج "الكولشيسين" ونقص هذا العلاج يؤدي إلى مضاعفات خطيرة على الكلى ومنها "تشمع الكلى وعضلة القلب والكبد" ويؤدي في النهاية لمتلازمة "نفلوزية" وهي فشل كلوي مزمن ويصل المريض إلى الغسيل.

وأضاف في حديث لوكالة "شهاب" للأنباء، أن انقطاع هذا الدواء "الكولشيسين" خلال فترة العشر شهور الماضية أدى لمضاعفات على المرضى وعدد منهم وصل لغسيل الكلى وجزء آخر توفي بسبب انقطاع هذا الدواء.

وتابع: كذلك عدم وجود نظام غذائي معتدل ومتوازن للمرضى أدى لوجود مضاعفات ومن ثم الإسراع في ارتفاع وظائف الكلى، والعديد من المرضى وصل إلى غسيل الكلى، لأن مريض غسيل الكلى يحتاج لنظام غذائي متوازن ومعتدل.

وأشار إلى أن معظم المرضى يعتمدون في غذائهم على المعلبات كباقي المواطنين في غزة، ولأنها تحتوي على مواد حافظة تزود نسبة البولينا والفسفور تؤدي لمشاكل مع مرضى الكلى.

ونبه اليازجي، إلى أن عدم وجود مياه نقية للشرب والمياه المتواجدة في غزة يوجد بها نسبة عالية من الأملاح تؤدي للإسراع في وظائف الكلى ومضاعفات يصل خلالها المريض للغسيل المتكرر.

كما أن عدد كبير من مرضى غسيل الكلى توقف عن الغسيل بسبب الاجتياح الإسرائيلي للعديد من المناطق، مما أدى للإسراع بالوفاة بسبب المضاعفات الخطيرة لعدم انتظام غسيل الكلى التي يسببها ارتفاع نسبة البوتاسيوم والسوائل في الجسم، بحسب الدكتور اليازجي.

وطالب بتوفر ما يلزم من مستلزمات طبية خاصة لمرضى غسيل الكلى والأدوية والسولار اللازم لتشغيل مراكز غسيل الكلى المنتظم ولتجنب المضاعفات الخطيرة حتى لا نفقد حياة المرضى.

كما ناشد كل المؤسسات الدولية ومنظمة الصحة العالمية وكافة المؤسسات التي تعني بالصحة أن تساعد على توفير كل الأدوية والمستلزمات الطبية لمرضى زراعة الكلى وغسيل الكلى والقصور الكلوي المزمن والأمراض المناعية ومرضى حمى البحر الأبيض المتوسط، لتجنب مضاعفات خطيرة تؤدي للوفاة.

من جهته، ذكر المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان في غزة أنه يسجل يوميا العديد من الوفيات الناجمة عن الحصار التعسفي الذي يفرضه الكيان الإسرائيلي على قطاع غزة، ومنعه المتواصل لإدخال المستلزمات الطبية، لاسيما مرضى الكلى وكبار السن المحتاجين للأدوية أو العلاج ورعاية صحية ملائمة.

كما كشفت الدكتورة حنان بلخى المديرة الإقليمية لشرق المتوسط بمنظمة الصحة العالمية، أن الأمراض تتفشى في عدد من دول الإقليم وخاصة في قطاع غزة، مؤكدة أنه لم يسمح الاحتلال إلا لـ 16 شاحنة تابعة لمنظمة الصحة العالمية بالدخول إلى القطاع خلال الأسابيع الماضية.

وقالت: "لتمكين تدفق المساعدات الهائلة التي تشتد الحاجة إليها، لابد أن تكون الأولوية الفورية إعادة فتح معبر رفح ـ وإبقائه مفتوحاً ـ وضمان دخول المساعدات دون قيود عبر كل الطرق والمعابر الأخرى الممكنة".

وأضافت: "خلال زيارتي الأخيرة لقطاع غزة، أخبرني العاملون في مجال الصحة والإغاثة عن الصعوبات التي يواجهونها في محاولة علاج المرضى باستخدام موارد قليلة للغاية، وهو الوضع الذي يؤدي إلى وفيات غير ضرورية وجروح ملوثة وبتر غير ضروري".

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد

صيغة البريد الإلكتروني خاطئة