تقرير / شهاب
وحيدًا مع 17 شهادة وفاة، يقيم الشاب محمود سكر (21 عامًا) داخل خيمة صغيرة غرب بلدة الزوايدة وسط قطاع غزة بعدما اضطر للنزوح من مدينة غزة، بعد فقدانه جميع أفراد عائلته إثر قصف طائرات الاحتلال منزلهم في أكتوبر/ تشرين أول 2023.
محمود الناج الوحيد من بين أفراد عائلته، كان في زيارة لصديقه قبل أن يتلقى اتصالًا يخبره بالحضور سريعًا لمستشفى الشفاء، وهناك كانت الصدمة الكبيرة والتي لا تزال تسيطر على وجدانه إذ وجد والديه وأشقاءه وشقيقاته وجده وجدته وعمه وأفراد عائلته جميعًا غارقين في دمائهم.
لم يجد محمود وقتًا كثيرًا للحزن على جميع أفراد عائلته، إذ بدأت دبابات الاحتلال التوغل في أحياء ومحاور متعددة من مدينة غزة، فوجد محمود نفسه محاصرًا في مستشفى النصر للأطفال في حي النصر شمال غرب مدينة غزة لعدة أيام، قبل أن ينتقل إلى منطقة سوق اليرموك وسط المدينة.
ويقول محمود خلال حديثه لوكالة شهاب، مع توالي المجازر الإسرائيلية وزعم الاحتلال تخصيص مناطق إنسانية آمنة جنوب قطاع غزة، نزحت إلى مدينة رفح ومنها انتقلت لخانيونس بعد اجتياح المدينة، ومن هناك نزحت لبلدة الزوايدة وسط القطاع بعدما تصاعدت المجازر الإسرائيلية بحق النازحين هناك.
وداخل خيمته الصغيرة يستذكر محمود أفراد عائلته عبر تكرار مشاهدة صورهم عبر هاتفه النقال، ومعاينة شهادات الوفاة الـ 17 التي استخرجها لهم.
وبينما تتسلل دمعة من عينه، يتمنى محمود وهو يتفقد شهادة وفاة والدته بأن يسمع صوتها ويحضنها ولو لمرة واحدة، يقول محمود: أمي الدنيا كلها بالنسبة لي ولحظة ما استشهدت توقفت الحياة بالنسبة لي.
ويستذكر محمود ذكرياته مع شقيقه التوأم محمد، قائلًا قبل الحرب كنا نخطط للخطوبة والزواج معًا وتنظيم سهرة شبابية ندعو جميع الأصدقاء والجيران والأحباب لحضورها، لكن قذائف الاحتلال المجرم دمرت أحلامنا وسلبتني كامل أفراد عائلتي.
ويعرب محمود عن أمله في أن تضع الحرب أوزراها في أقرب وقت ممكن، والعودة إلى غزة وبدء حياة جديدة هناك، معقبًا "صح أنا ما ضل إلي حد من أهلي وأحبابي ولكن نحن شعب يحب الحياة ويجب أن نقهر هذا الاحتلال بصمودنا وثباتنا".
وبدعم أمريكي وغربي ترتكب قوات الاحتلال الإسرائيلي منذ 7 أكتوبر 2023 إبادة جماعية في غزة خلفت أكثر من 153 ألف شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.
"إبادة العائلات"
وعلى مدار حرب الإبادة، ارتكبت قوات الاحتلال مئات المجازر بحق العائلات الغزية والتي مسحت بالكامل من السجل المدني.
وتعد "إبادة العائلات" من أسوء ظواهر الحرب الإسرائيلية على غزة، حيث مسحت الآلاف من العائلات من السجل المدني الفلسطيني.
وبحسب إحصائية نشرها المكتب الإعلامي الحكومي في الأول من نوفمبر الماضي، فإن الاحتلال ارتكبت 7160 مجزرة بحق عائلات قطاع غزة، 1410 عائلة منهم مسحت بالكامل من السجل المدني، و3463 عائلة تبقى منها ناجٍ واحد فقط، و2287 عائلة تبقى منها أكثر من ناجٍ واحد.
وبحسب المكتب الإعلامي فإن عائلة النجار تعد أكثر عائلة فقد عددًا من أفرادها وعددهم 520 فردًا، تليها عائلة المصري التي فقدت 287 فردًا، تليها عائلة عاشور والتي فقدت 217 فردًا، ثم عائلة حجازي التي فقدت 199 فردًا، وعائلة عوض التي فقدت 198.