كشف تقرير إسرائيلي، نشر اليوم السبت، عن تراجع في عدد الملتحقين بالخدمة العسكريّة في جيش الاحتلال الإسرائيليّ من أوساط الشّبّان العرب البدو، مقابل تزايد التسرب من الخدمة العسكرية.
ونسب التقرير الذي أورده المراسل العسكري لموقع "واللا" العبري، أمير بوحبوط، تراجع عدد الشبان العرب البدو الملتحقين في صفوف الجيش وارتفاع نسبة التسرب من صفوفه، إلى ما اعتبر أنه "ارتفاع في مستوى التحريض على مواقع التواصل الاجتماعي"، بالإضافة إلى الهبة الشعبية الأخيرة.
وأشار التقرير إلى تحقيق معمق أجراها جيش الاحتلال بأوامر مباشر من رئيس الأركان، أفيف كوخافي، حول ما وصف بـ"ظاهرة" امتناع الشبان البدو عن الخدمة العسكرية وانسحابهم من صفوف الجيش.
وفي إطار التحقيق، رُصدت عشرات المنشورات في مواقع التواصل الاجتماعي، نشرت بواسطة أشخاص عرفوا أنهسهم على أنهم جنود بدو في جيش الاحتلال، دعوا من خلالها إلى التوقف عن الخدمة العسكرية أو أعلنوا انسحابهم من صفوف الجيش.
كما أشار التقرير إلى منشورات لجنود بدو كانوا قد أنهوا خدمتهم العسكرية قبل بضع سنوات. ولفت التقرير إلى 10 منشورات على الأقل شاركها الجنود بأنفسهم ودعوا من خلالها إلى رفض الخدمة في جيش الاحتلال وأعلنوا انسحابهم من الخدمة.
ووصف التقرير "الواقع على الأرض" بأنه أسوأ بكثير، مشيرًا إلى مشاركة الشبان البدو في المواجهات التي اندلعت في أيار/ مايو الماضي، في سياق الهبة التي شهدتها المدن والبلدات العربية والمختلطة دفاعا عن الوجود العربي من هجمات المستوطنين والمتطرفين اليهود بحماية أجهزة أمن الاحتلال.
ونقلت التقرير عن مسؤول في جيش الاحتلال، تعليقه على تراجع نسبة التجنيد في أوساط الشبان العرب البدو، بالقول إنه "تباعد مقلق للغاية عن المجتمع الإسرائيلي". ومن أوجه هذا التباعد، لفت التقرير إلى زيادة عدد الطلاب الجامعين البدو في الجامعات الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة والتي تعود إلى الفجوات في مستوى لغتهم العبرية وإلى الصلات العائلية والأسرية للبدو في الضفة الغربية وقطاع غزة.
ووفقا للبيانات التي وردت في التقرير، يخدم في صفوف جيش الاحتلال حاليا 1,514 شابا بدويا عربيا، بما في ذلك 84 ضابطًا: ضابط برتبة عقيد (ألوف مشنيه) وعشرة برتبة مقدم (سغان ألوف)، بالإضافة إلى ذلك يخدم بشكل دائم (في سياق الخدمة العاملة) 287 مقاتلاً بدويًا في جيش الاحتلال الإسرائيلي.
وفي العام 2016، ذكر التقرير أن حجم التجنيد في صفوف الشبان البدو كان منخفضا، وبلغ 339 جنديًا بدويا، وارتفع في العام 2017 إلى 448؛ ومنذ ذلك الحين شهد عدد الشبان البدو الذين يخدمون في الجيش الإسرائيلي ارتفاعا وتراجعا إلى أن سجل العام 2020 ارتفاعا زيادة أخرى مع تجنيد 606 شبان بدو.
وشدد التقرير على أن العام 2021 شهد انخفاضا في أعداد الشبان البدو الذين يقبلون على الخدمة في صفوف جيش الاحتلال، غير أنه لا يمكن التعرف على حجم هذا الانخفاض في هذه المرحلة، إذ أن الجيش لا يكشف عن البيانات الدقيقة.
وفي ما يتعلق بحجم تسرب الشبان البدو من جيش الاحتلال بعد التحاقهم في الخدمة، بلغت نسبة المتسربين في العام 2018 حوالي 31%، وفي العام 2019 بلغت 30% وفي العام 2020 بلغت 23%، في معدلات تعتبر مرتفعة نسبيا عن نسبة التسرب العامة في الجيش الإسرائيلي التي بلغت بين الأعوام 2018 و2020 13 و15 و12% على الترتيب.
كما تواصلت نسبة التسرب في أوساط الشبان البدو العرب من صفوف الجيش، الارتفاع في العام 2021 كذلك، رغم أن الأرقام الدقيقة غير متوفرة.
وكان العام 2014 قد شهد انخفاضا في أعداد العرب البدو المنتسبين لجيش الاحتلال، ليصل عددهم إلى 280 جنديًّا، بينما كان عددهم قبل سنتين 320 متجنّدًا، خلافًا لما كان عليه قبل عقد، إذ وصل عدد المنتسبين إلى 400 متجنّد.
وتقدّر جهات حكوميّة أنّ الأسباب الكامنة وراء انخفاض أعداد المنتسبين لجيش الاحتلال من العرب البدو، يعود بالأساس إلى أسباب سياسيّة، أهمّها مخطّط برافر الذي أعدّ لاقتلاع وتهجير مئات الآلاف من العرب البدو في النّقب، وتجميعهم في مناطق سكنيّة مكثّفة، ناهيك عن أنّ الانتفاضة الثّانية، لهبت دورًا كبيرًا في تثبيط رغبة من رغب من العرب البدو بالتّجنّد للجيش الإسرائيليّ، لما رأوه من سياسة إسرائيليّة عدوانيّة تنتهجها المؤسّسة الرّسميّة تجاه الفلسطينيّين في الدّاخل، على اختلاف انتماءاتهم.
وزعم جيش الاحتلال في تسريبات إلى وسائل إعلام أن عدد الشبان العرب الذين تجندوا للجيش، العام الماضي، تضاعف وأن قرابة ألف شاب عربي تجند، إلا أن الأرقام الرسمية تبين خلاف ذلك.
وحاول جيش الاحتلال استغلال أزمة فيروس كورونا، بعد أن قام بحملة دعائية لتجنيد الشبان العرب لقيادة الجبهة الداخلية، التي انتشر عناصرها في البلدات العربية خلال الجائحة. وأشارت صحيفة "يديعوت أحرونوت" إلى أن أغلبية هؤلاء الشبان تجندوا بعد انتشار فيروس كورونا. ويتعامل الجيش الإسرائيلي مع هؤلاء المجندين العرب بمعايير طائفية عنصرية - "مسلمون"، "مسيحيون"، "بدو".
وحسب "المعطيات"، فإن 450 من هؤلاء المجندين انخرطوا في وحدات قتالية، بينها "وحدة التجوال الصحرواية"، ولوائي المشاة "كفير" و"ناحال"، وينتشر عناصرهما في الضفة الغربية المحتلة وينكلون بالفلسطينيين عند الحواجز العسكرية ومن خلال اقتحام البلدات والبيوت الفلسطينية.
وانخرط آخرون في الوحدات الطبية، كأطباء وممرضين، أو سائقين، وضمن قوات الجبهة الداخلية. ويواصل قسم من هؤلاء المجندين بعد تسريحهم الخدمة الدائمة في الشرطة الإسرائيلية أو ينتقلون إلى حرس الحدود في إطار الخدمة النظامية.